بغداد اليوم - بغداد
بين الحين والاخر، يصحو العراقيون على قرارات جديدة من مؤسسات الدولة المختلفة، بعضها يتطابق مع رغباته وتوفر تسهيلات للمواطنين لايعرف لماذا كانت ممنوعة او متأخرة، وبعضها تعارض رفاهية وتحسين معيشة المواطن وتأتي كصعوبات اضافية.
وبين هذه وتلك، لعل أكثر ما يقصم ظهر المواطن، هو أن تصدر مؤسسات الدولة قرارات تتيح للمواطن الحصول على خدمة يحتاجها بشدة، إلا أنها "تعجيزية"، حيث يتمنى المواطن لو أنها لم تقر أصلًا، خصوصا اذا كانت تتيح "الطبقية"، فبينما كان يرى المواطن ان هذه الخدمة كانت غائبة عنه وعن غيره بمختلف الطبقات، سيرى أنها متاحة ومتداولة بيد غيره من الطبقات العليا ومحرمة عليه.
وينطبق هذا الامر بشكل كبير ليس ابتداء من المجمعات السكنية الاستثمارية، ولا انتهاء بالقرار الاخير لمديرية المرور العامة، التي سمحت بمخالفة قانونها النافذ رقم 8 لعام 2019 فقط لغرض الحصول على الاموال وتعزيز ايراداتها، من خلال السماح بتظليل زجاج السيارات "الطبقي".
ويوصف هذا القرار بالطبقي لكونه سيكون متاحا لفئات محددة دون غيرها، فلعل أصحاب العجلات البسيطة من الموظفين والعاملين بالقطاع الخاص لن تكون لهم حصة في الحماية من الشمس الحارقة صيفًا، فاختارت مديرية المرور ان تكمل "بريستيج" السيارات العالية والثمينة وممن يمتلكون القدرة على دفع ملايين الدنانير كل عام مقابل تظليل زجاج عجلاتهم.
ويمنع القانون المروري رقم 8 لسنة 2019 تظليل عجلات السيارات ويفرض غرامة 200 ألف دينار، الا ان وزارة الداخلية ومديرية المرور العامة اصدرت قرارا بغض النظر عن هذا القانون، يسمح بتظليل زجاج السيارات مقابل اموال طائلة.
وذكر بيان للداخلية أنه "من أجل تنظيم العمل وتعظيم الموارد المالية وللتخفيف عن كاهل المواطنين خلال فصل الصيف الذي يشهد ارتفاعا كبيرا في البلاد، وبعد أن شكلت وزارة الداخلية لجنة خاصة مهمتها إعداد ضوابط أجور تظليل العجلات بحسب نسبة التظليل، وكذلك الفئات المشمولة، فقد حددت اللجنة التظليل بنسبة 30% مقابل تسديد مبلغ أجور قدره (2,500,000) مليونان وخمسمائة ألف دينار، أما إذا كانت نسبة التظليل 40% فيكون مبلغ تسديد الأجور (3,500,000) ثلاثة ملايين وخمسمائة دينار، في حين تكون نسبة التظليل 50% مقابل تسديد مبلغ أجور قدره (5,000,000) ملايين دينار، على أن يتم إصدار موافقة لهذه العجلات المشمولة لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد لقاء الأجور المحددة.
ولفتت إلى أن "مديرية المرور العامة ستعمل على جباية جميع الأجور الواردة في هذه الضوابط وتسجيل إيراد نهائي لخزينة الدولة، إلا في حال ورود نص قانوني بالموازنة العامة الاتحادية لعام 2023 يقتضي خلاف ذلك وسيكون هناك نظام إلكتروني خاص بعملية التظليل".
وشملت ضوابط اللجنة أيضاً العجلات التابعة للرئاسات الثلاث وأعضاء مجلس النواب الوزراء ووكلاء الوزارات ورؤساء الهيئات ومن بدرجتهم ورؤساء مجالس المحافظات والمحافظين والمستشارين ورؤساء البعثات الدبلوماسية، بحسب البيان.
أسعار خيالية
وباطلاع على الاسعار المحددة والتي تتراوح بين 2.5 إلى 5 ملايين دينار عراقي، أي سيكون على من يظلل عجلته دفع بين 200 إلى 420 ألف دينار شهريًا، وهو مبلغ يعادل بالمتوسط مايفوق الـ40% من متوسط الراتب الشهري للموظفين، وهو مايجزم تمامًا بأن هذا القرار ليس للمواطنين العاديين، بل لترسيخ الطبقية في الشارع العراقي.
وبالمقارنة مع اقليم كردستان فأن مبالغ تظليل العجلات تبلغ 600 ألف دينار عراقي سنويًا فقط وبنسبة تظليل 100%، مقارنة بنسبة التظليل المسموحة من وزارة الداخلية الاتحادية التي تبلغ اعلى نسبة فيها 50% وبسعر 5 ملايين دينار عراقي.
من: علي الأعرجي