الصفحة الرئيسية / هل لا يزال الذهب ضمن الملاذات الآمنة في فترة الأزمات؟

هل لا يزال الذهب ضمن الملاذات الآمنة في فترة الأزمات؟

بغداد اليوم -  متابعة

لا يزال غالبية المستثمرين ينظرون إلى الذهب باعتباره في مقدمة الأصول المصنفة ضمن الملاذات الآمنة في فترات الأزمات، وفي ظل الموجات التضخمية وما يصاحبها من تداعيات، مدفوعين بتجارب و"دروس تاريخية" سابقة، لاسيما في حقبة السبعينيات، أثبت خلالها المعدن النفيس قدرته على الاحتفاظ بقيمته مقارنة بالأصول الأخرى.

إلا أن مجموعة من العوامل ومستجدات الأسواق من شأنها التأثير على النظرة التقليدية للذهب كوسيلة للتحوط. وقد عبر عن ذلك الكاتب الاقتصادي تايلر كوين، في مقال له عبر بلومبرغ، عندما أشار إلى أن الذهب لم يعد وسيلة فعالة للتحوط أو الاستثمار في الأوقات الصعبة، وذلك لسببين رئيسيين:

- أولاً، سعر الذهب يتأثر بارتفاع أو انخفاض أسعار الفائدة الحقيقية (الأسعار تنخفض عند ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية).

- ثانياً، سعر الذهب يرتفع أو ينخفض عندما يتغير الطلب عليه كسلعة.


يعني ذلك أن الذهب أصبح أكثر ارتباطاً بعوامل اقتصادية مختلفة (أسعار الفائدة المنخفضة والنمو الاقتصادي العالمي)، وبالتالي أصبح أصل اقتصادي كغيره من الأصول. لذا، فإن ارتفاع أو انخفاض سعر المعدن النفيس لا يعكس بالضرورة توجهات اقتصادية سلبية أو انهياراً اقتصادياً واجتماعياً.

إعادة تعريف الذهب

كبير استراتيجي الأسواق لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في BDSwiss، مازن سلهب، يقول في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن ثمة إعادة تعريف للذهب كملاذ آمن خاصة في المرحلة الأخيرة.

ويشير إلى أنه في الوقت الذي لا يزال الذهب مرتفعاً بأكثر من 5.5 بالمئة في العام 2023، فإنه قد سجل تراجعاً في حدود 4.5 بالمئة خلال الأشهر الأخيرة؛ بسبب ارتفاع عوائد السندات الأميركية لثلاثة وستة أشهر وعام فوق الـ 5 بالمئة، وطالما أن التضخم يتراجع دون الـ 4 بالمئة فإن ذلك يمثل سيناريو سيء للذهب.

وبينما يشير إلى أن "العائد" يشكل المعيار الحقيقي، وبينما الاستثمار في سندات الخزانة أكثر جدوى تبعاً لذلك، فإنه يعتقد بأنه "ليس دقيقاً الحكم على الذهب بأنه ليس ملاذاً، لا سيما وأن الاستثمار في الذهب يعتمد على الزمن (الاستثمار طويل الأجل) فعلى سبيل المثال فإن من استثمر في الذهب منذ 2005 وحتى 2022 كانت له عوائد لا تقل عن الـ 9 بالمئة خلال تلك الفترة، دون أن يقم بفعل أي شيء، وهي نسبة أعلى من معدل التضخم وبغض النظر عن ما يجري في سوق الأسهم".

ورغم ذلك فإن سلهب ليس مع تسمية الذهب كملاذ آمن، ويقول: لا أؤيد هذه التسمية.. الذهب هو أداة استثمارية، وبالتالي فإن هذه الآداة تخسر وتربح، ومن ثم ليس دقيقاً أيضاً تسميتها كملاذ آمن (في المطلق) بشكل أو بآخر، لا سيما مع الأخذ في الاعتبار عاملين رئيسيين، هما:

- مدة الاستثمار: هناك استثمار طويل أو قصير الأجل، والذهب عادة ما يكون الاستثمار فيه متوسط وطويل الأجل وليس مضاربة شهرية.

- البلد الذي يعيش فيه المستثمر: بالنسبة للمستثمرين في البلدان التي تشهد معدلات تضخم مرتفعة وتتراجع فيها العملة الوطنية بشكل كبير فإن الذهب هو الاستثمار الحقيقي وعندئذ يتحول إلى ملاذ آمن في هذه الحالة.. أما بالنسبة للاقتصادات المتقدمة وذات العملة المستقرة فإن هناك أدوات استثمارية أخرى تقدم عائداً أفضل من الذهب على المديين المتوسط والبعيد.

وفي نفس السياق، يتحدث كبير استراتيجي الأسواق لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في BDSwiss، عن العوامل التي دفعت الذهب للتماسك عند مستويات مرتفعة رغم ارتفاع الفائدة منذ نهاية العام الماضي، رغم أنه من المنطقي أن يكون هناك تناسب عسكي بين أسعار الذهب ومعدلات الفائدة، مشيراً إلى سببين رئيسيين:

- السبب الأول هو أن التضخم في العالم ظل مرتفعاً، والتضخم عادة ما يصاحبه تكالب على الذهب، لا سيما من قبل الدول، مثلما هو الحال بالنسبة للصين والهند وكثير من اقتصادات العالم، في ظل إقبال البنوك المركزية على شراء الذهب في الربع الأخير من 2022 والربع الأول من 2023.

- السبب الثاني هو أن هناك قراءة حقيقية في السوق لاتجاهات الفيدرالي الأميركي، الذي يلجأ بالفعل إلى وقف رفع الفائدة في المرحلة المقبلة.

- النقطة الأهم هي أن ميزانية الفيدرالي الأميركي تم خفضها بنسبة ضئيلة جداً (أقل من التوقعات) من 8.9 تريليون دولار إلى 8.3 تريليون دولار. ما يعني أنه لا تزال هنالك سيولة في الأسواق، وماتزال هذه السيولة تدعم الذهب.


5-07-2023, 18:40
العودة للخلف