بغداد اليوم - اربيل
تثير قضية التطرف الديني في اقليم كردستان كثيرا من الاهتمام والجدل، خاصة وأن الاخير يقدّم نفسه بوصفه المنطقة الأكثر انفتاحا وتعددية في العراق، وملجأ لكل الهاربين من الصراعات الدينية والعرقية والطائفية.
إلا أن إقليم كردستان شهد مؤخرا عددا من الحوادث المثيرة للقلق، التي دعت البعض للحديث عن "أسلمة كردستان"، فيما عُرفت بعض مدن الإقليم، مثل جمجمال ومدن هورامان بمحافظة السليمانية، بالتشدد الديني.
ولوحظ في الفترة الأخيرة انتشار التيار السلفي والمساجد الخاصة والمدارس التعليمية بين الشباب بصورة ملفتة للنظر في السليمانية وعموم مدن إقليم كردستان، رغم أن سلطات الإقليم من الحزبين الحاكمين هي "علمانية".
أسبابُ انتشار التطرف
ويؤكد الكاتب والصحفي الكردي محمد فاتح أنه، بعد الانتفاضة في كردستان العراق في عام 1991 بدأ تيار إسلامي متطرف بالظهور فيها، ويعدّ هذا التيار غريباً على أهالي الإقليم، لأنهم كانوا معروفين بالاعتدال والتعايش السلمي وتقبل الآخر.
وأوضح لـ(بغداد اليوم) أن "انتشار التطرف في الإقليم بدأ مع ظهور هذا التيار والسبب يعود إلى أنهم وجدوا منفذا لهم في كردستان العراق لنشر خطاب الكراهية وقد نجحوا في مهمتهم، حيث استطاعوا زرع خطاب الكراهية داخل أغلبية أفراد أهالي كردستان، وذلك بمساعدة سلطات الاقليم التي فتحت لهم الابواب وسمحت لهم بنشر خطابهم وزرعه في نفوس الناس من اجل مصالحهم السياسية والحزبية الضيقة".
ولفت إلى أن "أكثر جرائم القتل التي ترتكب في كردستان العراق دوافعها تعود إلى خطاب الكراهية الذي نسمعه يوميا من قبل هذا التيار المتطرف، إلا ان الخطوة التي أدخلت الإقليم في دائرة الخطر المخيف هي قتل شاب فنان عشريني في احد اقضية السليمانية باسم الدين الاسلامي، بوابل من الرصاص وسط قضاء جمجمال، من قبل أحد عناصر قوات الامن الكردية في الاقليم".
وأضاف أن " القاتل كتب على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك بعد تنفيذ جريمته (سادافع عن الرسول إلى يوم القيامة)، وعندما القي القبض عليه اعترف أيضاً بجريمته وأنها تعود إلى دوافع دينية عقائدية، والطامة الكبرى أن الآف المواطنين في الإقليم وعبر تعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي يؤيدون خطوة المجرم ويشيدون بجريمته ويسبون ويلعنون المغتال المغدور به".
وتابع "السؤال؟ هنا بحسب الكاتب الكردي هو أن، "هذا الكم الهائل من المواطنين في كردستان الذين يؤيدون جريمة القتل باسم الدين الاسلامي اين تلقوا تعاليمهم الدينية؟".
وتابع "الجواب هنا: انهم ضحايا الفكر المتطرف الذي زرع منذ سنين بداخلهم من قبل التيار الاسلامي المتطرف المنتشر في كردستان العراق إن ادركوا بذلك أم لم يدركوا".
وأوضح أن "المملكة العربية السعودية التي كانت تعدّ منبع الافكار المتطرفة، وبدأت بالانفتاح على العالم في خطوة تستحق الإشادة والتقدير ومنعت أصحاب الأفكار المتطرفة من الظهور وبث خطاب الكراهية، وشيئا فشيئا نرى أن السعودية تتطور وتنافس الدول المتقدمة".
و"مما زاد الطين بلة، عدم تنفيذ عقوبة الاعدام بحق المجرمين والقتلة في كردستان، وهنا فالحكومة الاتحادية والقضاء مطالبان بالتدخل العاجل ووضع حد لخطاب الكراهية في الاقليم"، على حد تعبيره.
اغتيال فنان مسرحي
أدانت نقابة الفنانين في كردستان، حادث اغتيال فنان مسرحي في قضاء جممال معربة عن أسفها وحزنها لهذا الحادث.
وقالت النقابة في بيان إنه "لسوء الحظ، اغتيل الفنان المسرحي (خواناس وريا كلي) يوم الخميس 22-6-2020 في جمجمال ، ونعرب عن حزننا العميق على هذه الحادثة المأساوية ونعزي أسرته وأصدقائه".
وأضافت أنه "يجب أن يتم التحقيق في عملية الاغتيال وكشف النتائج للجمهور والفنانين ونأمل أن تسود دولة القانون ويعاقب مرتكبو هذه الجريمة".
تحميلُ حكومة كردستان المسؤولية
من جهة أخرى أكد السياسي الكردي هريم مصطفى أن، حكومة إقليم كردستان هي المسؤولة الأولى عن انتشار التطرف مؤخراً في الإقليم.
وقال مصطفى لـ(بغداد اليوم) إن "وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في حكومة إقليم كردستان دورها ضعيف، ولاتوجد مراقبة على الخطب الدينية وقنوات الإعلام والمدارس، التي بدأت تخرج جيلاً متشدداً متطرفاً".
وأشار إلى أن "مساجد التيار السلفي انتشرت بشكل كبير، ومقابل كل مسجد صوفي هناك 4 مساجد سلفية، وفيها أفكاراً متشددة متطرفة وتحرض على عدم تقبل الآخر، واعتباره كافراً".
وادان رواد مواقع التواصل الاجتماعي في كردستان مقتل الفنان الكردي الشاب في جمجمال، وطالبوا بنبذ التطرف والأفكار المتشددة.