بغداد اليوم - بغداد
مع اقتراب انتخابات مجالس المحافظات لتكون اول انتخابات، بعد انتخابات تشرين المثيرة للجدل، يرى محللون سياسيون ان الانتخابات قد تكون اصبحت "بلا معنى"، حيث ان التوافق هو الطريقة الوحيدة لتسيير نظام الحكم في العراق، فلا معنى من انتخابات يتساوى فيها الفائز والخاسر.
ويقول الباحث في الشأن السياسي العراقي نزار حيدر، لـ"بغداد اليوم": "لا ادري ان كانت الحاجة الى صندوق الاقتراع مازالت قائمة في العراق ام انها انتفت بعد تجربة الانتخابات النيابية الأخيرة، فعندما تكون المحاصصة حاكمة على كل مفاصل وتفاصيل العملية السياسية بما فيها نتائج صندوق الاقتراع، فهذا يعني ان الديمقراطية بهذه الحالة تكون محكومة بالتوافقات وليس بنتائج صندوق الاقتراع وهو مايخالف كل ديمقراطيات العالم".
وبين انه "عندما تكون الديمقراطية وادواتها نتائج الانتخابات محكومة بالتوافقات والمحاصصات فليس باستطاعتها ان تبني دولة ابداً فهي بهذه الحالة وجه اخر من اوجه الديكتاتورية، ولذلك تلاحظ ان صندوق الاقتراع عندنا لم يستطع ان يحقق مبدأ تداول السلطة خلال العقدين الماضيين على الرغم من كل الاختلاف الذي كان ينتجه في كل مرة في احجام القوى السياسية تحت قبة البرلمان لكن ظلت نفس هذه القوى هي الحاكمة وهي التي تمسك بتلابيب وبزمام السلطة منذ التغيير ولحد الان على قاعدة (كل البرلمان يشترك في تشكيل الحكومة) ما ضيع فرصة وجود اقلية برلمانية معارضة تتكامل بواجباتها الدستورية والقانونية مع الاكثرية البرلمانية التي تشكل الحكومة، اذا لم تتفق القوى السياسية الحاكمة على صيغة جديدة للحكم تعتمد نتائج الانتخابات حصراً فيشكل الفائز حكومته ويذهب الخاسر للمعارضة، فلا يمكن ان نتصور بان للانتخابات فائدة تُذكر".
وأضاف انه "على هذا الاساس هناك قوى سياسية اخذت بهذه الرؤية في المرة الاخيرة (واقصد بها التيار الصدري) فسعت بكل جهدها لتطبيقها بعد ان وقع كل زعماء الكتل السياسية عليها قبل الانتخابات النيابية الاخيرة ولما فشل التيار في تحقيقها انسحب من كل العملية السياسية رافضاً العودة من جديد الى المربع الاول الذي تتشكل اضلعه الاربعة من المحاصصة والتوافق، وذلك من خلال رفضه الاشتراك بخلطة العطار تاركاً الساحة للاطار ليتحمل مسؤوليته لوحده من دون منافس حتى يعجز هذه المرة عن البحث عن شماعات يعلق عليها فشله، وبرايي فان اصحاب هذه الرؤية هم الاقرب لرؤية بناء الدولة".
وتابع ان "هناك قوى سياسية مستمرة بتدمير الديمقراطية وادواتها من اجل ان تستمر بالامساك بالسُّلطةِ باي ثمن وهؤلاء هم السلطويون الذين لا يمكن في يوم من الايام ان يبنوا دولة ابدا".
وتابع الباحث في الشأن السياسي العراقي ان "قوى الاطار التنسيقي منقسمة على نفسها بهذا الخصوص، فقسم يرى ضرورة اقناع التيار للعودة الى العملية السياسية والمشاركة في الانتخابات القادمة المزمع اجراؤها نهاية هذا العام حتى اذا احتاج الامر الى تاجيلها بعض الشيء لايجاد المخرج المعتبر لمشاركته، هذا القسم يرى، وهي رؤية النسبة العظمى من الشارع العراقي والتي لم تشترك في الانتخابات الاخيرة، ان العملية الانتخابية ستفقد المزيد من مصداقيتها اذا ظل التيار بعيداً عن المشهد الانتخابي، وبالتالي فبحسب رؤيتهم، فان مشاركة التيار ستمنح العملية الانتخابية زخماً اضافياً او على الاقل ستحتفظ بزخمها السابق على الرغم من كل الاشكالات الواردة فيها وعليها، اما القسم الثاني وهم السلطويون، فهؤلاء لا يفكرون بعقلية بناء دولة فالمهم عندهم ان يكونوا هم داخل السلطة وليس خارجها وليكن بعد ذلك ما يكون".
وختم حيدر قوله ان "زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر سيظل ثابتا متمسكاً برايه بعدم المشاركة في اية انتخابات قادمة الا بعد ان تجد القوى السياسية وربما بمساعدة من مجلس الامن الدولي وبعثة (يونامي) طريقة يتم فيها اعتماد نتائج صندوق الاقتراع حصراً في تشكيل مؤسسات الدولة من دون تدخل المحاصصة والتوافق في الامر والذي اثبتت تجارب عقدين من الزمن انها فاشلة بامتياز، ولعل اخر شاهد اثبات هو طريقة تمرير قانون الموازنة الاخير وبالطريقة المضحكة وما تابعه العراقيون من مهازل قل نظيرها، وما يشجع الصدر على الثبات على رايه بمقاطعة العملية السياسية بما فيها الانتخابية، هو هذا الفساد والفشل الذي ينخر الان بحكومة الاطار فهو شاهد اخر ودليل اخر يسوقه الصدر للناخب العراقي ليثبت له بان حكومات المحاصصة والبرلمان الذي ليس فيه اغلبية حاكمة واقلية معارضة تدمر البلد ولا تبني دولة بغض النظر عمن يشكل الاغلبية ومن يذهب للمعارضة".