بغداد اليوم - متابعة
توقّع عدد من الخبراء والمختصصين في مجال الطاقة أن يتسبب استمرار توقُّف تصدير نفط كردستان من خلال مرفأ جيهان التركي حتى نهاية العام الجاري (2023)، في خسائر فادحة من الممكن أن تتكبدها خزينة الدولة، قد تصل في مجملها إلى ما يناهز 8 مليارات دولار.
وعلى الرغم من التصريحات الصادرة عن وزير النفط حيان عبدالغني، الشهر الماضي، بقرب استئناف تصدير النفط؛ فإن المشكلة ما زالت قائمة في ظل التعنّت التركي.
وتحاول أنقرة الحصول على بعض التنازلات من الجانب العراقي للتقليل من حجم خسائرها بعد الغرامة التي فرضتها عليها غرفة التجارة الدولية في باريس، والتي تقدر بمليار و471 مليون دولار بسبب مخالفتها الاتفاق المُبرم بين العراق وتركيا عام 1973.
وكانت تركيا قد خالفت الاتفاق من خلال السماح باستقبال النفط من إقليم كردستان منذ عام 2014 على الرغم من أن الاتفاق المُبرم نص على أن تملك شركة النفط الفيدرالية العراقية "سومو" الهيمنة المطلقة على تدفق النفط من خلال الخط العراقي التركي.
الضغط على بغداد
أوضح الخبير في شؤون النفط حمزة الجواهري، أن تركيا تماطل في استئناف ضخ نفط كردستان عبر مرفأ جيهان في محاولة للضغط على العراق للاستمرار في الاتفاقية التي وقّعتها مع كردستان.
ولفت الجواهري خلال تصريحات صحفية، تابعتها (بغداد اليوم)، إلى أن أنقرة تحاول الحصول على بعض المكاسب من حكومة أنقرة مثل منح حقوق غير مشروعة للشركات التركية التي عملت في استخراج النفط في إقليم كردستان، إلا أنه استبعد أن يرضخ الجانب العراقي لمثل هذه الضغوط.
وأشار الجواهري إلى أن حكومة أنقرة تحاول التنصل من الغرامة التي فرضتها محكمة باريس عليها، والتي تبلغ نحو مليار ونصف دولار، من خلال إجبار بغداد على التنازل عن هذا المبلغ.
قرارات أوبك+
كشف خبير النفط حمزة الجواهري، عن أن هناك معركة تدور في الخفاء بين تركيا والعراق حول نفط كردستان في محاولة من الطرفين للحصول على أكبر قدر من المكاسب.
وأفاد الجواهري بأن العراق يمتلك فائضًا كبيرًا من النفط لا يستطيع تصديره بسبب قرارات أوبك+، مشيرًا إلى أن الكمية التي تُصدر من خلال الإقليم عبر الخط التركي تبلغ نحو نصف مليون برميل يوميًا، والعراق يخطط -الآن- لتعويض هذه الكمية من الجنوب.
وأكد أن تركيا لم تضع هذا السيناريو في الحسبان؛ نظرًا إلى أنها لا تملك معلومات دقيقة عن واقع إنتاج النفط العراقي.
وتوقّع الجواهري ألا يتأثر العراق بالقرارات التركية، وسيعوض الكميات التي كان يصدّرها عبر الخط التركي بكميات أخرى تُصدَّر من الجنوب.
وأعلنت وكالة الطاقة الدولية أن إنتاج العراق من النفط قد بلغ 3 ملايين و850 ألف برميل يوميًا، ومن المتوقع أن يصل مع بداية العام المقبل إلى 4 ملايين و100 ألف برميل يوميًا.
خسائر متوقعة
قال أستاذ اقتصادات النفط بجامعة البصرة الدكتور أمجد صباح بتصريحات صحفية، تابعتها (بغداد اليوم)، إن مرفأ جيهان التركي يُعَد المنفذ الوحيد للصادرات العراقية في الشمال، مشيرًا إلى أن توقُّف تصدير نفط كردستان يكلف العراق خسائر كبيرة.
وأضاف صباح أن كمية صادرات النفط تُقدر بنحو 400 ألف برميل من حقول الإقليم الشمالية، و80 ألف برميل من حقول كركوك الشمالية، أي أن النفط الذي أُوقف تصديره يبلغ نحو 480 ألف برميل يوميًا.
وتابع أن الخسائر تتوقف -أيضًا- على أسعار النفط في السوق الدولية، لافتًا إلى أنها أسعار متذبذبة، وتوقّع أن يبلغ حجم الخسائر المترتبة عن توقف تصدير نفط كردستان حتى نهاية العام الجاري نحو 8 مليارات دولار.
أزمة مالية
أكد أستاذ اقتصادات النفط أن الخسائر الهائلة المتوقعة ستشكل عبئًا كبيرًا على الموازنة العامة العراقية التي تعاني عجزًا ماليًا بالأساس.
كما سلط الضوء على الأضرار التي تكبّدتها حكومة كردستان من توقف تصدير النفط، لافتًا إلى أنها تعاني أزمة مالية شديدة، فضلًا عن التزامها بدفع مرتبات لموظفي الإقليم في إطار النفقات التشغيلية.
وتوقّع صباح أن يشكّل استمرار وقف صادرات نفط كردستان تحديًا كبيرًا لحكومة الإقليم ولحكومة بغداد، مشيرًا إلى أن الحكومة العراقية مستمرة في المفاوضات مع تركيا، إلا أن أنقرة اشترطت شرطيين أساسيين لاستئناف الصادرات.
ويتضمن الشرط الأول أن تتنازل الحكومة العراقية عن مبلغ التعويض الذي يقدّر بمليار و471 مليون دولار، بينما يتمحور الشرط الآخر حول بيع النفط بـ19 دولارًا للبرميل، إلا أن شركة تسويق النفط الفيدرالية العراقية "سومو" لم توافق على هذا السعر؛ لأنها ترى أنه لا يتناسب مع الأسعار الدولية الحالية للنفط.
وكان الخبير الاقتصادي، الدكتور نبيل المرسومي، قد توقّع، أن يحاول العراق حل أزمة توقف نفط كردستان من خلال إحياء 3 خطوط جديدة؛ منها الخط القديم مع سوريا، والخط القديم مع السعودية، وتشغيل أنبوب نفط البصرة-العقبة لنقل مليون برميل.
كما أبرز إمكان تطوير العراق لطاقته التصديرية عبر البحر من أجل استيعاب الكميات الإضافية من الصادرات العراقية لتعويض استمرار توقف صادرات النفط العراقي عبر مرفأ جيهان التركي.