بغداد اليوم - متابعة
تثير بحيرة مائية في إحدى المدن بإقليم كردستان العراق كثيرا من الاستغراب بسبب تغيّر لونها إلى ألوان عدة، مثل البنفسجي والأبيض والوردي، مع اشتداد درجات الحرارة.
وتعيش في البحيرة أنواع نادرة من السلاحف المهددة بالانقراض، بالإضافة إلى احتوائها على كميات كبيرة من الكبريت والطحالب النادرة، وقد دفع ذلك البعض إلى استخدامها في علاج أمراض جلدية كثيرة كالحساسية.
عمرها وعمقها وعرضها
تسمى البحيرة "قوره كو"، وهي متفرعة من نهر رانية (الزاب الصغير) في محافظة السليمانية بشمال شرقي العراق، ويصل عمقها إلى نحو 27 مترًا بينما يبلغ عرضها نحو 370 مترًا.
ويقدّر خبير الآثار ملا إسماعيل نور الديني عمر البحيرة بنحو 5 آلاف سنة، وقد تكونت بفعل المتغيرات الطبيعية والبيئية، بعيدًا من تدخل البشر. وتقع ضمن المناطق الأثرية القديمة في المدينة، وتتميز بانبعاث رائحة منها تشبه رائحة البيض.
وفي حديثه إلى "الجزيرة نت"، يشير نور الديني إلى واحدة من عجائب هذه البحيرة من خلال ما اكتشفه فريق ألماني أجرى بحثًا عنها قبل أعوام؛ فقد تبيّن للعلماء الألمان أن في البحيرة أنواعًا نادرة من الحيوانات شارفت على الانقراض في العالم، مثل بعض أنواع السلاحف، فضلًا عن أسماك وديدان صغيرة جدا غير موجودة في بحيرات أخرى.
التفسير العلمي
عادة يبدو لون المسطحات المائية النظيفة وذات الكمية الكافية من الأكسجين في النهار أزرق فاتحًا مثل لون السماء، بسبب الامتصاص الكهرومغناطيسي للماء وتشتت الضوء الأبيض. وقد تعطي العناصر الذائبة أو الشوائب المعلقة لونًا مختلفًا للماء، في حين تضفي البكتيريا والطحالب على البحيرات لونًا أخضر بسبب غناها بالمواد العضوية.
أما التفسير العلمي لتغيّر لون هذه البحيرة فيعود إلى بكتيريا الكبريت الأرجوانية، وكذلك البكتيريا الأرجوانية غير المعتمدة على الكبريت، وفقًا للمتخصص في الأحياء المجهرية الجزيئية الدكتور بهروز الجاف.
ويوضح الجاف، وهو أستاذ مساعد في جامعة السليمانية، أن هذه البكتيريا يمكنها العيش في المياه ذات المحتوى الكبريتي العالي، بحيث تستطيع صنع غذائها بنفسها من خلال عملية التركيب الضوئي مع عدم وجود الأكسجين، وذلك بخلاف ما تقوم به النباتات إذ تستخدم ضوء الشمس بالإضافة إلى المواد العضوية مصدرًا للطاقة مع غاز كبريتيد الهيدروجين ذي الرائحة النتنة كعامل مختزل وليس الماء.
وحسب حديث الجاف إلى "الجزيرة نت"، تعيش بكتيريا الكبريت في قعر المياه وفي الينابيع الكبريتية الحارة حيث يمكنها مقاومة درجة الحرارة العالية، ولذلك فهي تنشط في البرك في فصل الصيف إذ تكون كمية الحرارة والضوء مناسبة.
ويردف "هذه البكتيريا تجعل لون المسطح المائي أرجوانيا، وتتقلب شدة اللون بين الأزرق والبنفسجي والأرجواني بحسب كمية المواد العضوية، وكثافة النمو البكتيري، ودرجة الحرارة، وحتى نسبة الأملاح التي تشجع بكتيريا أخرى محبة للملوحة على إحداث تغييرات لونية، وكذلك شدة الضوء ودرجة الحرارة، وحتى الزاوية التي يُنظر منها إلى الماء".
نظرة عمودية من الارتفاع
يقول الخبير في مجال البيئة والجغرافيا سردار عبد الرحمن إن لون البحيرة يتغيّر عند النظر إليها عموديا من مسافة مرتفعة وعالية جدا، بعكس النظرة الأفقية التي ترى الماء بلونه الطبيعي.
ويوضح عبد الرحمن، أن نسب البحيرة من المياه تبقى كما هي ولا تتغير أبدًا خلال فصول السنة، واصفًا ذلك بالحالة "النادرة" جدا، بعكس كثير من الأنهر والبحيرات الأخرى التي يتناقص منسوبها بفعل الجفاف وقلة الأمطار.
ويؤكد أن كثيرًا من المصابين بالأمراض الجلدية، ومنها الحساسية، يلجؤون إلى ماء البحيرة ورملها في علاج أنفسهم لاعتقادهم بأن النسب العالية من الكبريت ستساعد في الشفاء.
شكوى سياحية
وبشأن الجانب السياحي، يشكو المدير العام للسياحة والسفر في رابرين التابعة لمحافظة السليمانية، آرام بيروت أحمد، من عدم توفر الخدمات السياحية لبحيرة "قوره كو" (البنفسجية)، وأن ذلك جعلها مغيّبة عن الخريطة السياحية في إقليم كردستان العراق، على الرغم من أنها مسجلة منطقة سياحية لدى الدائرة السياحية في المحافظة.
ويُطالب أحمد، في حديث إلى "الجزيرة نت"، الجهات الحكومية في كردستان بالاهتمام بهذه البحيرة وجعلها منطقة سياحية نادرة لاستقطاب أكبر عدد من السياح وتحريك العجلة الاقتصادية على نحو أفضل في السليمانية.
المصدر: الجزيرة