بغداد اليوم - متابعة
يتّجه إنتاج الغاز في الشرق الأوسط إلى الارتفاع بصورة كبيرة، خلال السنوات المقبلة، مدفوعًا بتزاحم المتعاقدين على شرائه منذ الحرب الروسية الأوكرانية التي أربكت موازين الطاقة عالميًا.
وتتوقّع مؤسسة وود ماكنزي للاستشارات، في تقرير حديث، زيادة إنتاج الغاز الطبيعي بمنطقة الشرق الأوسط بنسبة 20% على الأقل، ما يعادل 14 مليار قدم مكعبة يوميًا بحلول نهاية 2030.
ورجّح التقرير، الذي اطلّعت عليه (بغداد اليوم)، أن "زيادة إنتاج الغاز في الشرق الأوسط تحتاج إلى 120 مليار دولار؛ للوصول إلى هذا الهدف المتوقّع بحلول 2030".
وبلغ متوسط إنتاج الغاز في الشرق الأوسط، خلال العام الماضي (2022)، قرابة 72 مليار قدم مكعبة يوميًا، مع توقعات بارتفاعه إلى 86 مليار قدم مكعبة يوميًا بحلول عام 2030؛ لمواكبة الطلب العالمي المرتفع على الغاز.
وأسهمت الحرب الروسية الأوكرانية المندلعة منذ فبراير/شباط 2022، في زيادة الطلب الأوروبي والعالمي على غاز الشرق الأوسط ضمن بدائل الغاز الروسي المنقطع تقريبًا على القارة العجوز منذ الحرب.
وتعادل الزيادة المتوقعة في إنتاج الغاز في الشرق الأوسط حجم استهلاك هذا الوقود في قطاع الكهرباء الأوروبي كاملًا؛ ما قد يساعد الشركات على حل معضلة الطاقة المتمثلة في ثلاثية الاستدامة والأمن والقدرة على تحمل التكاليف.
وتتوقّع وود ماكنزي أن تذهب 7 مليارات قدم مكعبة يوميًا من الزيادة المتوقعة إلى التصدير؛ ما قد يغيّر قواعد اللعبة في أسواق الغاز العالمية بحلول عام 2030.
أما النصف الآخر من الزيادة المتوقعة؛ فمن المرجح امتصاصها من خلال نمو الطلب المحلي الناتج عن الزيادة السكانية المتوقعة في دول الشرق الأوسط ومتطلباتها من الطاقة.
وزادت دول الشرق الأوسط المصدرة للغاز من قدرات إسالة الغاز الطبيعي، خلال العام الماضي، مع زيادة الطلب العالمي على شحنات الغاز المسال بعد الحرب الروسية الأوكرانية.
ومن المتوقّع استمرار دول الشرق الأوسط في زيادة قدرات إسالة الغاز خلال السنوات المقبلة؛ لتلبية الطلب العالمي المتوقّع رغم الجهود العالمية المتسارعة في اتجاه التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة.
25 مليار دولار في 2023
يراهن المحللون في وود ماكنزي على الشرق الأوسط لحل جزء كبير من أزمة أسواق الغاز العالمية عبر زيادة عمليات الاستخراج من الاحتياطيات الهائلة لدول المنطقة.
وتحتاج دول المنطقة إلى ضخ استثمارات قياسية في مشروعات الغاز غير المصاحب لتصل إلى مستوى زيادة الإنتاج الذي توقعته مؤسسة وود ماكنزي.
وتبلغ الاستثمارات المطلوبة في عام 2023 وحده، قرابة 25 مليار دولار، على أن يصل الإجمالي التراكمي إلى 120 مليار دولار بحلول عام 2030، وفقًا لمحلل قسم الشرق الأوسط في وود ماكنزي، ألكسندر أرامان.
صادرات قطر والإمارات
ترجّح وود ماكنزي زيادة صادرات قطر من الغاز الطبيعي المسال إلى 126 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030.
(1 مليون طن يساوي 1.360 مليار متر مكعب أو 48.7 مليار قدم مكعبة من الغاز)
كما تتوقع زيادة صادرات الإمارات من الغاز المسال إلى 15.4 مليون طن سنويًا مع بدء دخول منشأة الإسالة الجديدة حيز الخدمة في عام 2028.
وتوصى وود ماكنزي شركات النفط والغاز الدولية بزيادة استثماراتها في مشروعات إنتاج الغاز في الشرق الأوسط بوصفها مشروعات ذات جاذبية عالمية عالية في الظروف الراهنة والمستقبلية.
يستحوذ الغاز، في الوقت الحالي، على 35% من مزيج إنتاج شركات النفط والغاز الدولية بالشرق الأوسط، لكنه يُولّد أكثر من 70% من إجمالي عائدات هذه الشركات.
واستفادت 3 شركات دولية كبرى "إكسون موبيل" و"شل" و"توتال إنرجي" من ارتفاع القيمة العالمية للغاز المسال في قطر؛ ما يرجّح زيادة استثماراتها في القطاع خلال السنوات المقبلة، مع توقع دخول منافسين جدد من شركات النفط والغاز الأخرى.
وتستحوذ الدول المنتجة للنفط والغاز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على 15% من صادرات الغاز العالمية، و50% من صادرات النفط، وفقًا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية.
وتعوّل أوروبا على صادرات غاز الشرق الأوسط لسد فجوة نقص الإمدادات القادمة من روسيا بعد انخفاضها بوتيرة حادة خلال العام الماضي.
توصيات وكالة الطاقة الدولية
في تقرير صادر عام 2022، قدّمت وكالة الطاقة الدولية عدة توصيات لتعزيز إنتاج الغاز في الشرق الأوسط خلال السنوات المقبلة؛ أهمها التوسع في استثمار زيادة السعة الإنتاجية من الاحتياطيات الهائلة.
كما توصي الوكالة بزيادة الاستثمار في مشروعات معالجة حرق الغاز وتسرب الميثان؛ ما قد يخفّض الكمية المهدرة ويوفر 20 مليار متر مكعب (706 مليارات قدم مكعبة) تضاف إلى الإنتاج الفعلي.
وتتضمن التوصيات ترشيد استهلاك الغاز في قطاع توليد الكهرباء بدول المنطقة التي تعتمد عليه بنسبة 95% في الوقت الحالي.
وتستهلك محطات الكهرباء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر من 290 مليار متر مكعب من الغاز (10.2 تريليون قدم مكعبة)، ما يعادل 35% من إجمالي إنتاجها من الغاز إضافة إلى 1.75 مليون برميل نفط يوميًا.
كم توفر الطاقة المتجددة؟
تقدر وكالة الطاقة الدولية حجم الوفر المتوقع من رفع كفاءة محطات الكهرباء العاملة بالغاز بما يعادل 50 مليار دولار، وفق حسابات تكلفة الفرصة البديلة في تصدير الغاز بدلًا من استهلاكه محليًا.
وتشجع الوكالة على زيادة استثمارات الطاقة المتجددة لتوفير الكهرباء بعيدًا عن الوقود الأحفوري المتسبب في زيادة كثافة انبعاثاتها بمقدار 25% عن المتوسط العالمي.
وتعتقد الوكالة أن دول المنطقة يمكنها أن توفر مبلغًا ضخمًا يزيد على 220 مليار دولار سنويًا، إذا نجحت في استبدال محطات الطاقة الشمسية بمحطات الكهرباء العاملة بالغاز.