بغداد اليوم – بغداد
أواخر أيام نيسان المنصرم ومطلع شهر آيار الحالي شهدت قيمة العملة العراقية ارتفاعا مقابل الدولار الأميركي بنسبة 10 بالمئة منذ فرض الإجراءات الجديدة، إلا أنه رغم بيانات التطمين التي نشرها البنك المركزي العراقي، عاود سعر الدولار للارتفاع مقابل الدينار بفارق قليل، إذ سجل الدولار 1450 دينار، الخميس الماضي واستمر الى اليوم طبقا للوائح البورصة في بغداد وتجار العملة في إقليم كردستان.
الخبير الاقتصادي والأكاديمي محمد جمال يرى في حديث مع (بغداد اليوم) ، أن المصارف الأهلية هي المسؤولة عن عملية ارتفاع سعر صرف الدولار.
ويؤكد جمال، أن" المصارف الأهلية هي الجهة المستفيد الأكبر من عملية صعود سعر صرف الدولار مجددا حيث تبيع الدولار للتجار والمواطنين بسعر السوق، بينما تشتريه من البنك المركزي بالسعر الرسمي 1320 ألف دينار، وبالتالي صعود سعره يسمح بالمضاربات وتحقيق الأرباح الطائلة على حساب المواطن".
وطبقاً للأرقام والنسب المأخوذة من النشرات والبيانات للبنك المركزي العراقي، فأن كمية الكتلة النقدية للدينار العراقي تجاوزت عتبة 100 تريليون دينار لأول مرة بتاريخ العراق.
وفي وقت سابق أعلن البنك المركزي العراقي في 6 تشرين الأول 2022 أن حجم الكتلة النقدية المتداولة في العراق يبلغ 84 تريليون دينار، وفقا لمستشاره إحسان شمران الياسري.
المتغير الخطير من خلال التحليل المالي والميزان النقدي هو في 1/4/2023 حيث بلغت الكتلة النقدية للعملة المتداولة خارج المصارف العراقية وبالدينار تحديداً 88٫84 تريليون وتعادل 67,3 مليار دولار بينما ما هو موجود داخل البنوك 11,3 تريليون دينار وتعادل 8,56 مليار دولار.
وزادت هذه الكتلة خلال الأشهر الثلاثة الاولى من هذه السنة 2022 بنسبة 9 بالمئة اي بقيمة 8,2 تريليون دينار وهذا يبين أن البنك المركزي العراقي قد ضخ خلال 90 يوماً كتلة نقدية تعادل 4 أضعاف معدلاتها لنفس الفترة من السنة السابقة 2022 مما يدل على أن هناك نقصاً كبيراً في سيولة الدولار لدى وزارة المالية.
وهذا يؤشر أن زيادة الكتلة النقدية سببه يكمن في الانخفاض الحاد لمدخولات البلد النفطية مقارنةً بمنتصف السنة السابقة 2022.
وبالمجمل يمكن القول إن من أسوء نماذج الاقتصاد في العالم هي الاقتصاديات ذات المورد الواحد أو ما يسمى بالاقتصاد الريعي و هو ما تنتهجه أغلب البلدان النامية و دول العالم الثالث والتي تكون غالباً حكوماتها ذات نزعة ديكتاتورية تسلطية و بامتياز.
ويقول الخبير الاقتصادي والأكاديمي عبد الرحمن المشهداني إن "هناك مشكلتان رئيستان تسببتا في استمرار الأزمة، الأولى معاقبة بعض المصارف الأهلية وإخراجها من نافذة العملة، والثانية تطبيق المنصة الإلكترونية التي يحصل فيها تدقيق على عدة مراحل".
ويضيف المشهداني في تصريح صحافي، أن "عدم رغبة المصارف الخاصة العراقية في العمل وفق المنصة الإلكترونية أو التعامل مع متطلبات الاحتياطي الفيدرالي، تسبب في رفض الكثير من الحوالات الخارجية".
وتابع أنه "في مرحلة من المراحل بلغت نسبة الرفض، سواء من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي أو البنك المركزي العراقي، نحو 80 بالمئة من الحوالات المطلوبة لتمويل التجارة الخارجية".
ولفت المشهداني إلى أن "سعر صرف الدينار لن يستقر قريبا، على اعتبار أن الإجراءات الحكومية بعيدة عن حل الأزمة ولم تكن جدية".
وبدأت أزمة العملة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي عندما أقر مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) في نيويورك ضوابط أكثر صرامة على المعاملات الدولية بالدولار للبنوك التجارية العراقية.
وبموجب القيود الجديدة، يتعين على البنوك استخدام منصة إلكترونية للإفصاح عن تعاملاتها وعن تفاصيل حول المرسل والمستفيدين ويمكن للمسؤولين الأميركيين الاعتراض على طلبات النقل المشبوهة.
وفي السياق ذاته حدد الخبير في الشأن الاقتصادي نبيل التميمي، اسباب عديدة لارتفاع اسعار الدولار في السوق الموازي، فيما شدد على ضرورة اتخاذ خطوات سريعة من قبل البنك المركزي العراقي.
وقال التميمي، لـ(بغداد اليوم)، إن "البنك المركزي مطالب بتقديم اجراء تسهيلات اكبر للشركات والتجار وصغار التجار وطلبات التحويل المالي، وازالة العقبات وتسهيل الاجراءات اكثر تجاه تلك الطلبات، وتمرير الحوالات بسرعة، حتى لا يكون هناك طلب على الدولار بكثرة في السوق الموازي، وتعود أسعار الصرف للارتفاع".
وبين أن "هناك صفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن تطبيقات (برامج) تروج وتنشر أسعار الصرف، بالسعر في السوق الموازي وليس الرسمي، وهذا الامر يسبب ارباكاً في السوق ويجعل أسعار الصرف مرتفعة، ولهذا يجب إيقاف تلك الصفحات والبرامج بالتعاون ما بين البنك المركزي والجهات الحكومية ذات الاختصاص، فهذه الصفحات هي من تتحكم في السوق السوداء للدولار، وهي وراء الارتفاع الأخير خلال الأيام الماضية".
يشار الى أن البنك المركزي العراقي أقرّ في أواخر ديسمبر/ كانون الاول الماضي حزمة إجراءات لضبط استقرار سعر الصرف مقابل الدولار، من بينها، تسهيل تمويل تجارة القطاع الخاص بالدولار من خلال المصارف العراقية، وفتح منافذ لبيع العملة الأجنبية في المصارف الحكومية للجمهور لأغراض السفر.
ودعا البنك التجار حينها للتعامل "مع المصارف مباشرة وعدم اللجوء إلى الوسطاء والمضاربين لتلافي تحميل استيراداتهم عمولات ومصاريف لا موجب لها".