بغداد اليوم - متابعات
يختلف المسلمون كل سنة في تحديد بداية ونهاية شهر رمضان بناءً على اختلاف رؤية هلال شهر رمضان، فتعلن دول بداية الشهر الهجري بناءً على الحسابات الفلكية، في حين تعلن أخرى بداية الشهر في يوم آخر بناءً على رؤية هلال رمضان.
حسب الحسابات الفلكية، فسيحلّ شهر رمضان يوم الخميس 23 مارس/آذار الجاري، في وقتٍ تجتمع فيه الليلة الثلاثاء 21 مارس/آذار الجاري بعض الدول العربية من أجل تحري هلال شهر رمضان المبارك، بينما تتحرى كلٌ من إندونيسيا وماليزيا وبروناي والهند وبنغلادش وباكستان وإيران وعُمان والأردن والجزائر والمغرب وموريتانيا هلال رمضان يوم الأربعاء 22 مارس/آذار الموافق التاسع والعشرين من شهر شعبان في هذه الدول.
لماذا تختلف الدول في رؤية شهر رمضان؟
مثل كلّ عام، تختلف الدول في تحديد يوم بدء شهر رمضان أو نهايته، وقد يصل هذا الاختلاف إلى أكثر من يومين كاملين في بعض الأحيان.
ويعود سبب التباين والاختلاف في تحديد أول أيام شهر رمضان المبارك لكون بعض البلدان تعتمد على الرؤية بالعين المجردة للهلال، عملاً بالحديث النبوي الشريف: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته"، بينما تعتمد دول أخرى على الحساب الفلكي، في حين تزاوج بعض الدول بين الرؤية والحساب.
وتعاني الدول التي تعتمد على الرؤية لتحديد هلال رمضان من صعوبة تحديده، خصوصاً في الحالة التي تكون فيها رؤية الهلال صعبة نوعاً ما، وذلك عندما تكون ولادة الهلال بالقرب من الشمس، إذ تصبح رؤيته وإمكانية تحديده صعبة، وخاصةً عندما يولد الهلال بعد غروب الشمس بوقتٍ قليل، أو في حالة وجود الغيوم الكثيفة التي تمنع الرؤية، لذلك نجد اختلافاً بين الدول التي تعتمد على الطريقة نفسها لتحديد بداية أو نهاية هلال شهر رمضان.
كما يشكّل اختلاف الموقع الجغرافي للدول عاملاً آخر يؤدي إلى اختلاف تحديد شهر رمضان، فمنها من ترى الهلال في نصف الكرة الشرقي، وبالمقابل لا يُرى في النصف الغربي من العالم، وهو ما يجعل الدول العربية والإسلامية تعتمد على عدة مراكز للرصد بمناطق مختلفة من البلاد.
كيف تتم رؤية هلال شهر رمضان ؟
يدور القمر حول الأرض مرة واحدة كل 28 يوماً تقريباً، وفي أثناء دورانه يمر بأطوارٍ مختلفة، بدايةً بالمحاق ومروراً بالهلال ثم التربيع الأول والأحدب المتزايد، ثم البدر والأحدب المتناقص، ثم التربيع الثاني، ثم الهلال المتناقص، وعودة مرة أخرى إلى المحاق.
وتختلف مواقيت غروب القمر باختلاف طوره، فعندما يكون القمر محاقاً فإنه يشرق مع الشمس ويغيب معها تقريباً، وعندما يكون هلالاً فإنه يشرق بعد شروق الشمس بقليل ويغرب بعد غروبها بدقائق، ولرؤية هلال الشهر الجديد تقام عملية التحري في يوم 29 من الشهر الهجري.
فمثلاً لرصد بداية شهر رمضان، تجتمع لجان الرصد والتحري في كل يوم 29 من شعبان، وتتمُّ عملية الرصد والتحري في الأماكن المرتفعة والخالية من الخيوم، وينظر خلالها المختصون في الرصد إلى جهة الأفق الغربي لحظة غروب الشمس، فإذا رأوا الهلال أصبح اليوم التالي هو أول يومٍ من شهر رمضان المبارك، وإن لم يروه يصبح اليوم التالي هو المتمم لشهر شعبان، واليوم التالي له هو أول أيام شهر رمضان، هذا في حال كان الجو صحواً، فإذا حجبت السحب أو الأمطار والعواصف ضوء الشمس لحظة الغروب وولادة الهلال، فتعلن لجنة الرصد أنّ اليوم التالي هو المتمّم لشهر شعبان بسبب تعذّر الرؤية، واليوم الذي يليه هو الأوّل من رمضان.
ما الدول التي تعتمد على الرؤية لتحديد شهر رمضان؟
تعتمد معظم الدول العربية على الرؤية لتحديد بداية ونهاية شهر رمضان، وذلك بالعين المجرّدة أو عبر التلسكوب.
الحساب الفلكي لتحديد شهر رمضان
بسبب تعذّر رؤية الهلال في بعض الحالات، اعتمد بعض الفقهاء على الحساب الفلكي لرصد الشهر القمري سبيلاً لتحديد موعد شهر رمضان، وهو الحساب الذي تقدمه المراصد الفلكية من خلال حساب موقع القمر وميقات ميلاده بالثواني.
ولهذه الحسابات أسسٌ لا بد من الالتزام بها تجنباً للوقوع بالخطأ، وأهمها: تأخر القمر في شروقه وغروبه كل يوم 13 درجة سماوية، أي 50 دقيقة، وهذا ما يجعل الهلال سابقاً أو متأخراً عن الشمس وقت الغروب، فإذا ثبت غروب القمر قبل الشمس أو ميلاد القمر بعد الغروب أو حدث كسوف في أثناء غروب الشمس في يوم 29 من كل شهر هجري، فإن الشهر يتم الثلاثين يوماً.
أما إذا أثبت الحساب أن الشمس غربت وكان الهلال فوق خط الأفق، يعتمد الفلكيون على مدة المكث القمري، وهي المدة التي يمكثها القمر فوق خط الأفق بعد غروب الشمس، وتصل من بضع ثوان إلى 40 دقيقة، وغالباً ما تكون مدة المكث محدودة، فيصعب رؤية الهلال بسبب انغماسه في ضوء الشمس لحظة الغروب، وفي الوقت نفسه، يكون الهلال في هذه اللحظة لا تقل نسبة إضاءة سطحه عن 1%، وعلى هذا الأساس وضعت بعض الشروط لتأكيد رؤية الهلال وهي:
- ألا يقل عمر القمر من لحظة الميلاد أو الاقتران (المحاق) عن 12 إلى 18 ساعة عن غروب الشمس.
- أن يبتعد القمر عن الشمس لحظة غروبها مسافة لا تقل عن 8 درجات سماوية.
- أن يغرب القمر بعد غروب الشمس بـ30 دقيقة أو أكثر.
ما الدول التي تعتمد على الحساب الفلكي لتحديد شهر رمضان؟
تعتمد تركيا وماليزيا وبعض الدول الأوروبية على الحساب الفلكي لتحديد موعد بداية الشهر القمري، فقد أعلنت تركيا وإيران والعديد من الدول مبكراً أن غرة شهر رمضان ستكون يوم 23 مارس/آذار وفق الحساب الفلكي.
أعلن مركز الفلك الدولي، في 8 مارس/آذار 2023، أن الخميس 23 مارس/آذار هو أول أيام شهر رمضان المبارك، لافتاً إلى أن الدول التي تتحرى الهلال مساء يوم الثلاثاء 21 مارس/آذار، يستحيل أن تراه؛ لغروب القمر قبل الشمس، ولحدوث الاقتران بعد غروب الشمس، ومن ثم ستكمل هذه الدول عدة شهر شعبان 30 يوماً، ليكون يوم الخميس 23 مارس/آذار غرة شهر رمضان فيها.
وأضاف بيان المركز: "أما بالنسبة للدول التي تتحرى الهلال يوم الأربعاء 22 مارس/آذار، فإن رؤية الهلال في ذلك اليوم ممكنة باستخدام التلسكوب من شرق العالم، في حين أنها ممكنة بالعين المجردة بصعوبة من وسط آسيا وشرق أوروبا وجنوب القارة الإفريقية، وهي ممكنة بالعين المجردة بسهولة نسبياً من غرب آسيا، ومعظم إفريقيا، وغرب أوروبا والأمريكتين. وعليه من المتوقع أن تعلن غالبية هذه الدول رؤية الهلال يومئذ، ليكون يوم الخميس 23 مارس/آذار غرة شهر رمضان فيها أيضاً".
ولم يستبعد المركز أن تعلن كل من الهند وبنغلادش وباكستان عدم ثبوت رؤية الهلال يوم الأربعاء، ليكون يوم الجمعة 24 مارس/آذار غرة شهر رمضان فيها.