بغداد اليوم- بغداد
يواصل العراق تعزيز رقمنة خدماته المالية والمصرفية، و ذلك تزامناً مع مرور شهرين على بدء تطبيق سلسلة إصلاحات مالية، تجاوباً مع إجراءات البنك الفيدرالي الأميركي، التي اتخذها للحد من تهريب الدولار من العراق إلى إيران والنظام السوري.
وكان أبرز هذه الإجراءات فرض منصة تداول إلكترونية لبيع العملة الصعبة في البنك المركزي العراقي تسمح للولايات المتحدة بمراقبة حركة تحويلات الأموال بالعملة الصعبة (الدولار)، وحظر شركات وبنوك مختلفة من التعامل بها.
وسجل الدينار خلال الأيام الماضية تعافياً جديداً، بعد تراجع قيمته إلى نحو 1700 دينار للدولار الواحد، خلال الشهر الماضي، وشهدت بورصتا بغداد (الكفاح والحارثية) وبورصة أربيل، اليوم ، تداولاً بقيمة 1520 ديناراً للدولار الواحد، بينما يبيع البنك المركزي الدولار بشكل محدود لصغار التجار المرخصين بسعر 1310 دنانير.
كذلك بدأ البنك المركزي بتغطية احتياجات المسافرين خارج العراق من الدولار، بالسعر ذاته، وبمقدار 7500 دولار للشخص الواحد، بعد إبراز تذكرة السفر وتأشيرة الدخول، بينما يمكن للذين يخططون لشراء عقارات بالخارج الحصول على الدولار أيضاً بالسعر الرسمي، شرط تقديم ما يثبت حاجتهم له، واستُثنيَت إيران وسورية من تلك الإجراءات، على اعتبار أنهما ضمن العقوبات الأميركية.
وقال ممثلو شركة فيزا خلال لقائهم السوداني اليوم "دعمهم الشامل لخطّة الحكومة بنشر نقاط البيع بالبطاقات الإلكترونية (POS)، وخطوات البنك المركزي العراقي، والبرنامج الحكومي الساعي للمزيد من المرونة في التعاملات الاقتصادية، مع رفع مستوى الكفاءة والالتزام القانوني".
وكان وفد شركة "فيزا" قد عقد يوم أمس سلسلة اجتماعات مكثفة مع المسؤولين العراقيين الماليين، أبرزهم محافظ البنك المركزي، علي العلاق.
وأضاف أنه "جرى بحث الدعم الذي تقدّمه فيزا لتنظيم السوق وزيادة قبول التحصيل الإلكتروني، دعماً لتوجهات الحكومة والقرارات التي اتخذتها في تفعيل الدفع الإلكتروني عبر استخدام التكنولوجيا التي تقدّمها الشركة، فضلاً عن تحسين اللوائح والتعليمات الخاصة بالخدمات المالية الرقمية".
وأكد العلاق أنّ "البنك المركزي داعم في خطواته لتوسيع استخدام أحدث التقنيات الرقمية في القطاع المصرفي وتعزيز الشمول المالي في العراق"، مبيناً أن "المركزي يسعى لإحداث نقلة نوعية في مجال التكنولوجيا المالية بالقطاع المصرفي من خلال مواكبته أحدث التقنيات العالمية".
وفي مطلع يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلن البنك المركزي بدء بيع الدولار عبر المنصة الإلكترونية، استجابة للشروط الأميركية، وأعقبت ذلك فوضى كبيرة داخل السوق العراقية، بسبب تعذر حصول شركات الاستيراد والتجار على الدولار لتمويل تجارتهم، وخاصة مع إيران والصين وتركيا والأردن، أكثر الدول حضوراً في السوق العراقية.
وتراجعت قيمة الدينار بفعل مضاربات مكاتب وشركات التحويل والصيرفة، نتجت منها خسارة الدينار أكثر من 30% من قيمته.
وأقرت حكومة السوداني سلسلة قرارات كان أبرزها إقالة رئيس البنك السابق مصطفى مخيف وتسمية علي العلاق بديلاً منه، وسلسلة اعتقالات وعقوبات بحق المضاربين في السوق، قبل أن تقرر رفع قيمة الدينار رسمياً من 1450 ديناراً للدولار الواحد، إلى 1310 دنانير الأسبوع الماضي.
وعزا الخبير المالي محمد الشيخلي استمرار وجود فارق بين سعر الصرف الرسمي للدينار الذي يقدمه البنك المركزي عند 1310 دنانير للدولار، وتداولات السوق السوداء عند 1520 ديناراً، إلى قلة مبيعات البنك المركزي من الدولار عبر النافذة الرسمية، واستمرار الطلب الكبير عليه في السوق.
وأضاف الشيخلي أن الكثير من تجار قطاع السيارات والإنشاءات يفضلون استمرار التعامل بالدولار لاعتبار أنه أكثر موثوقية من الدينار، فيما هناك تجار صغار لديهم صفقات لا يقبلها البنك المركزي ضمن المنصة الإلكترونية المراقبة أميركياً، لكونها مع إيران أو سورية أو شركات خاصة عليها عقوبات أميركية، لذا يلجأون إلى السوق للحصول على الدولار، حتى لو كان بسعر أعلى.
وتابع أن "الفارق سيستمر فترة ليست بالقصيرة بين السعر الرسمي وسعر السوق بالنسبة إلى الدولار أمام الدينار العراقي، لكن في حال استمرار الحكومة على سياسة واحدة غير متغيرة، فإن الفارق سيتقلص".
وبيّن أن استمرار عمليات تهريب الدولار إلى إيران ودمشق من أطراف عديدة وبطرق، بعضها عبر الحدود، يسهم أيضاً في استمرار إضعاف قيمة الدينار وزيادة الطلب على الدولار.