بغداد اليوم - متابعة
منذ الأيام الأولى للزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وشمال سوريا، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي، بمنشورات تصف الكارثة بـ"العقاب الإلهي" وتتحدث عن "اقتراب يوم القيامة"، بينما يكشف علماء دين إسلامي تحدث معهم موقع "الحرة" عن مفاهيم خاطئة بشأن تلك الأحاديث.
وبعد 13 يوما على الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7,8 درجات، لقي أكثر من 45 ألفا حتفهم جراء الزلزال المدمر ومن المتوقع أن يرتفع عدد القتلى مع بقاء الكثيرين في عداد المفقودين، كما دمرت الكارثة الأسوأ في تاريخ تركيا الحديث نحو 264 ألف شقة، وفقا لـ"رويترز".
ولم تعلن تركيا أو سوريا حتى الآن عدد الأشخاص الذين ما زالوا في عداد المفقودين بعد الزلزال.
وعقب الكارثة التي حلت بمناطق واسعة من تركيا وشمال سوريا، فجر الاثنين في السادس من فبراير الحالي، وأسفرت عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين، تحدث بعض الدعاة وبينهم الشيخ اللبناني، سامي خضرا، عن كون الزلزال "عقابا من الله على كثرة المعاصي والذنوب"، ما تسبب في حالة من الجدل.
وأعتبر زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، "الزلزال رسالة من الله".
وقال الصدر في البيان الذي نشره عبر صفحته على تويتر: "لو أن الدول العربية والإسلامية وقفت موقفا مشرفا في الدفاع عن القرآن الكريم ضد التجاوزات الوقحة بحرق الكتب السماوية (…) لما بعث الله تعالي برسالة (الزلزال المدمر)".
واعتبر الداعية المصري، عبدالله رشدي، أن "الزلزال بلاءً من الله بعد كثرة الفساد في الأرض".
وفي مقطع فيديو عبر صفحته بموقع "فيسبوك"، تحدث عن كثرة الفسق والمعاصي ما استجلب "نقمة وغضب الله على الكون".
عقاب إلهي؟
المشرف العام على الفتوى بالأزهر ووكيله السابق، عباس شومان، يستنكر وصف البعض للزلزال الأخير بأنه "عقاب إلهي"، معتبرا ذلك "تألي على الله".
والتألي في اللغة العربية يعني "الحلف"، وفي الدين الإسلامي يعني "التألي على الله"، الحكم بما سيفعله اللّه، وهو محرم.
وفي حديثه لموقع "الحرة"، يؤكد أن "الكوارث ظواهر طبيعية لها علاقة بتكوين الأرض وتحركاتها وتقلباتها ويفصل في أسبابها أهل العلم والاختصاص".
ويقول شومان إن "الزلازل تضرب جميع البلدان وكل العالم معرض لتلك الظواهر الطبيعية، ولكن لا يجوز ربط حدث وقع في أي مكان بأعمال الناس".
"ولا يجب أن يحكم الناس على آخرين وهم في مصيبة، وهذا تصرف غير أخلاقي ولا يمت للدين الإسلامي بصلة على الإطلاق"، وفقا لحديث شومان.
ويصف تلك الأحاديث بـ"المحبطة المحزنة الشامتة الجدلية التي لا تليق بالمسلمين على الإطلاق"
يوجه رسالة للقائلين بذلك، متسائلا في استنكار "هل أطلعتم الغيب واللوح المحفوظ؟!، وهل سوريا وتركيا فقط التي بها معاصي ومخالفات وذنوب؟!"، مضيفا "من أين لكم بتلك الأحاديث؟!".
واللوح المحفوظ في الدين الإسلامي "هو الكتاب الذي كتب الله فيه مقادير الخلق قبل أن يخلقهم".
ولذلك يشدد شومان على أن من يسلك هذا المنهج لا يصح أن يكون بين "الدعاة"، ويقول إن "منهج الدعوى الإسلامية مختلف تمام عن ذلك، وفي الكوارث لا يكون الحديث الا بالتخفيف عن المتضررين".
ويشير إلى أن أخلاقيات الإسلام توجب الوقوف بصف المتضررين من الكوارث، ويقول "يجب مساعدة من تعرضوا للكارثة سواءً كانوا مسلمين أو غير مسلمين".
ويتابع شومان "منذ خلق الله الأرض والمعاصي تقع في ملكه، فاتركوا الناس في حال سبيلهم أو مدوا لهم يد العون، وأي أداء غير ذلك لا يمت لمنهج الإسلام بصلة".
وفي سياق متصل، يؤكد العالم الأزهري، عبدالعزيز النجار، أن هناك معاصي وذنوب أكبر في دولا أخرى ولم يضربها الزلزال، واصفا الأحاديث عن العقاب الإلهي بـ"غير الواقعية".
وفي حديثه لموقع "الحرة"، يقول إن البعض يستشهد ببعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لتفسير تلك الوقائع، لكن في حال القياس على ذلك فإن "العالم سيباد بأكمله".
وما حدث هو "كارثة طبيعية" يمكن أن تحدث للجميع في أي مكان، ويجب أن نأخذ منها "العظة والاعتبار"، وفقا لحديثه.
ويقول إن "الأمور العلمية تفسر تلك الكوارث باعتبار المناطق التي وقعت بها الكارثة الأخيرة مناطق زلازل نشطة".
وتقع تركيا في منطقة تشهد نشاطا زلزاليا هو من بين الأعلى في العالم، وفقا لـ"فرانس برس".
ويؤكد أن "من يموت في تلك الكوارث هو شهيد دنيا"، متسائلا " كيف يكون شهيدا وهناك من يدعى أن الدنيا ضجت بمعاصيه؟".
ويشير إلى أن ذلك الربط يمثل "إساءة للدول التي وقعت فيها الكارثة وللمتضررين منها".
علامات الساعة؟
في أعقاب الكارثة أشار البعض إلى كون الزلزال "علامة من علامات الساعة"، وبينهم الكاتب السوري، عبد الدائم كحيل، الذي استحضر أحاديث منسوبة للنبي محمد للحديث عن "قيام الساعة" أو نهاية العالم، وهو ما تحدث عنه عبدالله رشدي أيضا.