بغداد اليوم - متابعات
تحتوي نفايات المعدات الكهربائية والإلكترونية على ثروة هائلة من المعادن، غير أن هذه النفايات ينتهي بها المآل إلى صناديق المهملات نظرا للتكلفة الباهظة التي تتطلبها عمليات إعادة تدويرها.
نجح علماء من جامعة "إمبريال كولدج لندن" (Imperial College London) في المملكة المتحدة في إعادة استخدام جزيئات الذهب المستخرجة من شرائح الهواتف الخلوية كمحفزات للتفاعلات التي تدخل في صناعة الأدوية.
ونشرت الدراسة في دورية " إيه سي إس ساستينابول كيمستري أند إنجنيرينغ" (ACS Sustainable Chemistry & Engineering).
عمليات تصنيع باهظة التكلفة
وتصنع المحفزات الحالية التي تدخل في صناعة الدواء من معادن نادرة يتم استخلاصها بواسطة عمليات تعدين خطرة وباهظة الثمن تستهلك الكثير من الطاقة.
وعادة ما ترسل نفايات المعدات الكهربائية والإلكترونية إلى مكب النفايات. ويتطلب فصل واستخراج المكونات الرئيسة في هذه النفايات الكثير من الطاقة والمواد الكيميائية، مما يقوض من جدواها الاقتصادية. غير أن هذه النفايات الإلكترونية تحتوي على ثروة من المعادن التي يمكن إعادة استخدامها في تصنيع مجموعة من المنتجات الجديدة.
ولذا، فإن إيجاد طرق جديدة لإعادة استخلاص هذه المعادن بطريقة منخفضة التكلفة وأقل استهلاكا للطاقة وغير ضارة يعد أمرا بالغ الأهمية يمكنه أن يساعد في جعل المنتجات الإلكترونية أكثر استدامة.
وبحسب البيان الصحفي الذي نشرته جامعة "إمبريال كولدج لندن" في التاسع من ديسمبر/كانون الأول الجاري تعقيبا على الدراسة، فقد نجح باحثو جامعة "كالياري" (University of Cagliari) في إيطاليا في تطوير طريقة منخفضة التكلفة لإعادة استخراج الذهب والمعادن القيمة الأخرى (مثل النيكل والنحاس والفضة) من النفايات الإلكترونية بما في ذلك لوحات الدوائر الإلكترونية وشرائح الهواتف الإلكترونية ومحابر الطابعات.
إعادة استخدام الموارد
كما نجح باحثو جامعة "إمبريال كولدج لندن" في تطوير طريقة لإعادة استخدام جزيئات الذهب المستخرجة تلك. وقد حصل الباحثون على براءة اختراع عن الطريقة المطورة.
ولن يساعد إعادة استخدام هذه النفايات الإلكترونية في إعادة تدوير معادنها الثمينة فحسب، بل سيحد أيضا من النفقات التي تدفع من أجل التخلص من هذه النفايات.
ويقول جيمس ويلتون إيلي، قائد الدراسة في جامعة إمبريال، إنه "لأمر مروع أن ينتهي المآل بمعظم نفاياتنا الإلكترونية إلى مكب النفايات، وهو ما يناقض تماما ما يتوجب علينا فعله للحفاظ على مواردنا الأساسية الثمينة".
ويضيف إيلي: "تهدف طريقتنا إلى تقليل النفايات الموجودة بالفعل داخل مجتمعاتنا، وجعلها موردا قيما يستخدم في تصنيع محفزات جديدة، ومن ثم الحد من علميات التعدين الضارة بيئيا".
ورغم ذلك فإن الذهب المستخرج بواسطة هذا النهج الذي طوره علماء جامعة "كالياري" هو جزء من مركب جزيئي، ومن ثم لا يمكن إعادة استخدامه مرة أخرى في المنتجات الإلكترونية، إذ إن ذلك سيتطلب الكثير من الطاقة للحصول على المعدن الذهبي.
محفزات مستدامة
وللاستفادة من الذهب المعاد استخلاصه من النفايات الإلكترونية، قام إيلي وفريقه بمحاولة استخدامه كعامل محفز في تصنيع مركبات مفيدة بما في ذلك المركبات الصيدلانية.
والمحفزات هي مواد تستخدم في زيادة معدل التفاعل الكيميائي دون أن تشترك بذاتها في التفاعل. وقد اختبر الفريق إعادة استخدام مركب الذهب المستخلص في عدد من التفاعلات الشائعة في صناعة الأدوية، بما في ذلك الأدوية المضادة للالتهابات وأدوية تسكين الآلام.
وقد وجد الفريق أن مركب الذهب كان أفضل من المحفزات المستخدمة حاليا في صناعة الدواء، بالإضافة إلى كونه قابلا لإعادة الاستخدام، مما يزيد من استدامته.
ويقول إيلي "تستهدف طريقتنا إعادة استخدام هذه النفايات كموارد، بما في ذلك شرائح الهواتف الإلكترونية التي تهدر بشكل روتيني. إن هذا النهج من شأنه أن يحسن من استدامة عمليات أساسية كصناعة الدواء".
مكونات إضافية ثمينة
ولا يقتصر الأمر على الذهب المستخلص فحسب، بل إن المكونات الأخرى التي أعيد استخلاصها من هذه النفايات -كالنحاس والنيكل والبلاستيك- قد تستخدم أيضا في إعادة تصنيع منتجات جديدة.
ويشير شون مكارثي، باحث الدكتوراة والمؤلف الأول في الدراسة، إلى أنه "عند مقارنة الوزن نفسه فإن الكمبيوتر يحتوي على معادن ثمينة أكثر بكثير مما تحويه مناجم التعدين، مما يجعل أجهزة الحواسيب مصدرا مركزا لهذه المعادن".
ومن ثم فإن هذه الدراسة توفر طريقة أقل تكلفة وأكثر استدامة لإعادة استخلاص هذه المعادن. ويعمل الفريق حاليا على توسيع هذا النهج حتى يشمل استخلاص مكونات أخرى مثل البلاديوم، ومن ثم إعادة استخدامه في محولات السيارات منتهية الصلاحية.
ويعد هذا أمرا آخر أكثر أهمية، خاصة أن البلاديوم يستخدم على نطاق أوسع في عمليات التحفيز، وهو أغلى من الذهب.