بغداد اليوم- متابعة
تناولت إحدى الصحف الإلكترونية العالمية، اليوم الأحد، قصة التنور السوري، وماله من حضور شهي بوجدان من عرفه.
وكتب المقال الذي اطلعت عليه (بغداد اليوم) أن "التنور كان ركناً لا غنى عنه بالبيوت والدور العربية على امتداد رقعة الأرياف وكان لخبزه الساخن في ذلك الوقت، طعم لا يعرفه جيل الكيك والوجبات السريعة".
واستطلعت الصحيفة عبر لقاءاتها بسيدات يمتهن خبز التنور، آراء الناس بمهنة تكاد تندثر، واطلعت على صعوبات هذا العمل اليوم، وكيف كان قديماً.
وأكد معظم من التقتهن الصحيفة أن "الحياة تغيرت إلى أبعد ما نتصور، والتكنولوجيا وآلات الطهي الحديثة وفرت كثيراً من جهد لا تستطيع نسوة اليوم تحمل أعبائه"
وعبرت السيدات عن حنينهن لأيام خبز التنور، وقلن إن "لا شيئ يضاهي الجلوس لصناعة الخبز في الريف حين تتحلق الريفيات حوله، في جلسات مخصصة للنميمة وتبادل الأحاديث بكثير من المتعة عن حوادث الحياة، ويقصصن سيراً وهن يصنعن قوت يومهن الساخن، ويكملن النهار بين الحقول والبساتين يساندن الرجال"
والتقت الصحيفة الباحث في التراث فؤاد ربيعي الذي وصف التنور بأنه "خبز بطعم التآلف والمودة"
وشرح في حديثه للصحيفة عن تكوين التنور بأنه مصنوع من الصلصال، ويتشكل على هيئة وعاء فخاري يتركز على قاعدة حجرية بشكل مائل، ويوضع في داخله الحطب والوقود الذي يشعل التنور، وارتفاعه يبلغ نحو 20 سم وسماكته بحدود بين ثلاثة وخمسة سم، بارتفاع لا يتجاوز المتر الواحد."
وذكر المقال بأن التنور خرج بحرارة ووهج ناره المتقدة من دائرة ضيقة في المنازل القروية إلى أن أصبح على ندرته مصدراً سياحياً مهماً عرفه الشارع السوري قبل الحرب وحتى اليوم، في أماكن اشتهرت بالسياحة الشعبية الداخلية كاللاذقية وطرطوس وريف دمشق وحلب وعدد من المدن الوسطى التي يقبل عليها السياح.
وتطرق إلى تأثير الحرب والنزاع المسلح وما أسفر عنه من خفض أعداد السياحة إلى حدود ضعيفة جعل هذا المشروع لا جدوى منه، لكن ما زال صامداً فهو من المشاريع متناهية الصغر التي يحاول أصحابها عدم هدم ما كسبوه من سمعة.
وقالت الصحيفة أن كثير من السيدات اشتهرن كصانعات لخبز التنور في رأس البسيط واللاذقية وجبلة وطرطوس، وعرفن بصانعات خبز الجدات عبر صنعهن "المناقيش"، وهي الأرغفة المحشوة أو المطلية بمواد "الجبن والمحمرة والزعتر" أو تلك المصنوعة من اللحمة أو السبانخ، أو بالقشدة وغيرها.
وتطرقت الصحيفة إلى معاناة السوريين اليوم في تأمين رغيف يومهم، إذ يكتظ السوريون أمام مخابز وأفران المدينة مع تقليص حصة الفرد من الحصول على أرغفة عدة، علاوة على اعتماد البطاقة الذكية التي لا تمنح العائلة سوى سبعة أرغفة قد لا تكفيها وجبتين طيلة يومهم.
وأوضح المقال أن هذه الظرف الصعبة على السوريين اليوم، دفعتهم للتفكير بإيجاد بدائل لصناعة رغيفهم باستخدام التنور أو على الصاج، في حين تلمح الحكومة بنقص في مادة الطحين لا سيما مع محاصيل القمح منخفضة الإنتاج، وسط تعويل على دعم الروس حلفاء دمشق بإمداد جديد.
وأوضح المقال أن رغيف التنور يكلف ما بين 1000 و1500 ليرة سورية ويصل إلى 2500 ليرة ما يعادل نصف دولار في بعض المناطق السياحية لـ(المنقوشة) أو (الفطيرة) ويختلف سعرها بحسب الحشوة التي تضاف إليها، فالغلاء بأسعار المنتجات أصاب كل شيء كمرض معد، لا سيما اللحوم التي يصل الكيلو منها إلى ما يفوق 15 دولاراً بينما يصل سعر الجبن إلى 25 ألف ليرة ما يعادل خمسة دولارات.
وقالت الصحيفة أن السيدات اللاتي يصنعن هذه الفطائر والخبز بالتنور يتحسرن اليوم على أيام ماضية كانت لا تكلف كل هذه الأثمان الباهظة، إذ يتحتم على عائلة متوسطة العدد تضم خمسة أفراد مثلاً إنفاق ما لا يقل عن 50 ألف ليرة، قرابة 10 دولارات كوجبة فطور واحدة، بالتالي تعد هذه الوجبة فطوراً فاخراً للعائلة التي تقلص من مائدتها خبز التنور أو الفطيرة بعد أن كان أساسياً ولا غنى عنه في حياة السوري كل صباح إن كان في العمل أو حتى وجبة طعام لتلاميذ المدارس وطلاب الجامعات كفطور عاجل.
واختتم المقال بأنه ومع تراجع التنور كوسيلة منزلية لصناعة الخبز بحكم التقدم والتطور إلا أنه يعود تدريجاً إلى البيوت الريفية لا سيما التي ما زالت تعيش ضائقة الحرب، وتتقطع على أصحابها سبل الوصول إلى الأفران والمخابز الآلية للحصول على مؤونتهم من تلك المادة، علاوة على اعتماد القاطنين في خيام النزوح على هذه الوسيلة لإطعام عائلاتهم.