بغداد اليوم- بغداد
كشف تقرير لصحيفة "العالم الجديد"، عن وجود فرصة امام رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، للإسراع في ادخال العراق بمبادرة طريق الحرير، عبر استكمال البنى التحتية وجعل البلاد رقما صعبا في المعادلة الاقتصادية.
وذكر التقرير الذي تابعته (بغداد اليوم) أن "حكومة السوداني أمام ضغط داخلي وخارجي، بشأن توجهها الاقتصادي والسياسي، ففيما حاول نواب توجيه بوصلتها نحو الصين، وجعل العراق جزءا من "طريق الحرير"، تشير المعطيات إلى دعم أمريكي كبير للحكومة يحافظ على التوازنات القائمة، الأمر الذي دعا متخصصين للتأكيد على ضرورة انتهاج اقتصاد قوي شريك لجميع الاقتصادات الكبرى يراعي مصلحة البلاد العليا ويكون بعيدا عن سياسة المحاور، في حين شدد آخرون على ضرورة الارتباط بالصين لما توفره من بنى تحتية ونهضة للبلد".
ونقل التقرير عن الباحث الاقتصادي نبيل العلي قوله إن "العراق سبق وأن وقع مذكرة خاصة باتفاقية مبادرة الحزام والطريق، وهذه الاتفاقية تحتاج إلى مصادقة البرلمان حتى تكون سارية المفعول".
وأوضح إن "جمع التواقيع النيابية يدل على وجود رغبة سياسية داخل البرلمان للدفع باتجاه توقيع الاتفاقية وأن يكون العراق ضمن المبادرة، في حين أن الحقيقة الاقتصادية تفيد بأن العراق واقع ضمن المبادرة، ولكن كبلد تنتهي عنده الأسواق وليس بلدا تمر به البضائع"، لافتا إلى أن "سلوكيات الحكومة لا تدل على أنها تتوجه نحو الغرب أو أمريكا".
وتابع أن "بناء اقتصاد منفرد أفضل بكثير من أن يكون تابعا للصين أو أمريكا، حيث أن الاقتصادات تبحث عن المصلحة والشراكة وليس التبعية، ولكن من المبكر أن نضع العراق في خانة إحدى الدول المذكورة"، مضيفا أن "العراق يمتلك مقومات إذا تم العمل على تطويرها فقد يكون منفرد الاقتصاد كما هو الحال في السعودية التي تحاول بناء اقتصاد قوي في المنطقة، بدلا من أن تكون تابعة اقتصاديا كما كانت في السابق".
المحلل السياسي علي البيدر وبحسب تقرير الصحيفة أوضح إن "هذا جزء من سياسة الأقطاب التي تتبعها بعض الأطراف السياسية في العراق لتحقيق ولاء إقليمي لدولة معينة، والحكومة أعرف من البرلمان بواقعها وبالمشاريع والخطط التي يفترض أن تنفذها، وهي التي تقدر الموقف وما إذا كانت البلاد بحاجة إلى إكمال هذه الاتفاقيات والسير على خطاها أو المضي عكس ذلك".
وصنف البيدر، حملة التواقيع المذكورة "ضمن الاستعراض السياسي الذي تقوم به بعض الأطراف، أو لخلق ثقافة معينة تتلاءم مع سياسة المحاور"، مشددا على "ضرورة منح الصفة المادية والمعنوية للحكومة من أجل إثبات حضورها وجدارتها في إدارة البلاد، بدلا من فرض الجهات الرقابية هذا الأمر على الحكومة".
واكد على "ضرورة وضع مصلحة البلاد فوق جميع الاعتبارات السياسية الإقليمية، كون العراق يمتلك إمكانيات مادية وموارد بشرية وموقعا استراتيجيا، تؤهله لفعل المستحيل، لكن ذلك بحاجة إلى الإرادة التي تنقصه منذ العام 2003".
وبين أن "الاستمرار في وضع الاعتبارات الدولية والإقليمية، والخشية من رد فعل الولايات المتحدة أو إيران أو غيرهما، سيقود إلى العجز عن فعل أي شيء، وربما سيزداد وضع العراق سوءا إزاء تلك الاعتبارات، وبالتالي ستفشل حكومة السوداني وستفشل الحكومة التي تليها، وربما تنهار الدولة العراقية إزاء تلك الطلبات والأمزجة الدولية والإقليمية".
وكانت الصين قد أعلنت في العام 2013 عن مبادرتها بإنشاء طريق الحرير الجديد، وهو عبارة عن شبكة من الموانئ وسكك الحديد التي ستربط ما يقارب 65 بلدا حول العالم، ومن المفترض أن يكون العراق جزءا من هذ الطريق، سواء عبر ربط موانئه الجنوبية أو حدوده البرية، لكن المشروع بحد ذاته، يشكل قلقا لأمريكا.
المحلل السياسي أسامة السعيدي، يختلف في الرؤية، حيث شدد بحسب تقرير الصحيفة على "ضرورة أن يدخل العراق ضمن المبادرة الصينية، لأن الدول الداخلة فيها تعد ضمن الطريق الأكثر تجارة في المستقبل، وستساهم هذه الخطوة بظهور حركة استثمار وبناء وبنى تحتية".
واضاف أن "العراق عمليا خارج هذه الخطة، لأن بناه التحتية ونظامه المصرفي ومتطلبات النقل غير متوفرة، لذلك فإن الصين لم تدخله ضمن هذه المبادرة التي تعمل عليها منذ عام 2011".
واستطرد أن "هذا المطلب النيابي يحتاج لإعادة العراق النظر بمؤسساته وتأهيل كافة البنى التحتية، ثم يبدأ بخطابات واضحة وصريحة مع الجانب الصيني حتى يدخل ضمن هذه المبادرة لتأمين الحفاظ على السيادة والمصلحة العليا"، مشيرا إلى أن "برنامج السوداني هو الانفتاح على جميع الدول الخارجية وفق صندوق العمل والاستثمار الذي سيتم العمل به وسيوزع بين كل المجالات والقطاعات".
واكمل بالقول إنه "خلال أقل من 24 ساعة حصل اتصال هاتفي بين السوداني والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومجيء وفد من الكونغرس الأمريكي للقاء السوداني، وهذا يدل على أن العراق بدأ يحظى باهتمام دولي بعد أزمة الطاقة الناجمة عن الحرب الروسية-الأوكرانية، لذا على العراق أن يحدد أولوياته ومصالحه للاستفادة من هذه الفرص الكبيرة"، متوقعا أن "يعقد السوداني اتفاقات مع جميع الدول، وليس مع واحدة دون أخرى، لعدم تكرار أخطاء الحكومات السابقة".
جدير بالذكر، أن واشنطن أظهرت دعمها للحكومة الجديدة برئاسة السوداني، عبر لقاءات عديدة جمعت السفيرة الأمريكية ألينا رومانوسكي بالسوداني ومسؤولين آخرين، كما أنه استقبل، أمس، وفدا من الكونغرس الأمريكي، لبحث التعاون بين البلدين وفق اتفاقية الإطار الاستراتيجي في جميع المجالات، في ظل توقيع العراق اتفاقا تنفيذيا جرى قبل أيام، لمنحة الأهداف الإنمائية مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، بقيمة 550 مليون دولار.
وكان رئيس الحكومة الأسبق عادل عبد المهدي، وخلال زيارته إلى الصين على رأس وفد حكومي كبير في أيلول سبتمبر 2019، قد وقع على ثمانية اتفاقات ومذكرات تفاهم، في ختام جولة المباحثات الموسعة التي جرت في بكين.
وجرى لغط كبير حول الاتفاقية العراقية الصينية، واختلفت الآراء حول جدواها للعراق، وانقسمت القوى السياسية بين مؤيد ومعارض لها، في حين حملت بعض الجهات مسؤولية توقف تنفيذ الاتفاقية للتظاهرات التي انطلقت في تشرين الأول أكتوبر 2019 وأدت إلى إقالة حكومة عبد المهدي.
يشار إلى أن 50 نائبا، طالبوا يوم أمس الجمعة، بإصدار قرار نيابي يلزم الحكومة بالانضمام لطريق الحرير (مشروع الحزام والطريق)، وتفعيل الاتفاقية العراقية- الصينية.