بغداد اليوم - متابعة
بعد انتهاء عقد شراء الأردن للنفط العراقي بسعر تفضيلي، توقع مراقبون تجديده من قبل الحكومة الحالية لاعتبارات أمنية وسياسية، إذ لا فائدة اقتصادية من ورائه للعراق سوى "مساعدة دولة شقيقة"، مطالبين بطرح العقد على البرلمان والتصويت عليه من قبل ممثلي الشعب.
وقال الخبير النفطي حمزة الجواهري في حديث لـ"العالم الجديد"، وتابعته (بغداد اليوم)، إن "تجديد هذه الاتفاقية شأن يتعلق بمجلس النواب أكثر، فمن المفترض أن يطرح هذا الموضوع للتصويت داخل قبة البرلمان".
وأشار الجواهري إلى أنه "على الرغم من أن الحكومة هي من تقوم بتنفيذ الاتفاقيات، لكن مثل هذه الاتفاقية تهم الموطنين أيضا"، لافتا إلى أن "مجلس النواب هو من يجب أن يقرر تمديدها من عدمه أو وضع ضوابط لها كزيادة الكمية أو تقليلها أو تحديد سعر النفط الذي يمنح إلى الأردن".
وتابع، أن "دعم العراق النفطي إلى الأردن يعد نوعا من المساعدة للدول الشقيقة تحت مسمى العلاقات، على الرغم من أن هنالك دولا نفطية أغنى من العراق من حيث كميات الإنتاج وتملك الأردن معها علاقات طيبة، لكن لا يوجد دعم مماثل كالذي تقدمه بغداد لعمّان".
ويشار الى أنه "في كانون الثاني يناير 2021، جدد العراق مذكرة التفاهم مع الأردن بشأن بيع النفط لها بسعر تفضيلي لعام آخر، وذلك بعد لقاء رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، بنظيره الأردني بشر الخصاونة في بغداد".
وكانت مذكرة التفاهم، قد وقعت بين العراق والأردن مجددا في شباط فبراير 2019، بعد توقف 5 سنوات جراء الحرب على داعش، وتقضي بتصدير العراق 10 آلاف برميل نفط يوميا للأردن بسعر تفضيلي.
وقال وزير النفط الأسبق ثامر الغضبان، خلال تجديد الاتفاقية ذلك العام، بأنها "تعود لعام 2006، وتقضي بزويد الأردن بالنفط من كركوك، بسعر أقل بـ18 دولارا من السعر العالمي، تغطي كلفة النقل ما بين كركوك والزرقاء، مع الفروقات في نوعية نفط خام كركوك عن نفط خام برنت، لكن في المذكرة الجديدة جرى تعديل المعادلة السعرية، فبدلا من 18 دولارا تم الاتفاق على 16 دولارا".
بدوره، يرى الباحث في الشأن الاقتصادي ملاذ الأمين، أن "العراق لا يحصل على أي مكسب من هذه التخفيضات إلا في حال حدوث خلل بطريق تصدير النفط العراقي عبر الخليج، فقد يستغل العراق طريق العقبة الأردني للتصدير، ولكن هذا مستبعد".
وأضاف الأمين أن "هذه الاتفاقية لا تعدو عن كونها مساعدة يقدمها العراق للأردن، لأن الأخير لا يتمتع بموارد يمكن أن يستفيد منها العراق سوى أن يفتح منفذا نفطيا عبر الأردن لتنويع مصادر التصدير إلى العالم"، مشيرا إلى أن "الحكومة مطالبة بإعادة النظر في هذه الاتفاقية لأن سعر تكلفة النفط العراقي الممنوح للأردن منخفض جدا".
وكان المدير العام للشركة الناقلة للنفط الأردنية "نائل الذيابات، أعلن قبل يومين أن الأردن تسلم نحو 3.4 ملايين برميل من النفط العراقي بموجب الاتفاق لشراء النفط بسعر تفضيلي يقل عن سعر برميل برنت بـ16 دولارا".
ووفقا للذيابات، فإن "الاتفاق الذي بوشر فيه عمليا مطلع العام الحالي، سينتهي في نهاية الشهر المقبل، وأن تمديد العمل بالاتفاقية أو تجديدها مطروح على الطاولة، كما أشار إلى أن مستوى التنسيق والتعاون بين الجانبين كان عال".
من جانبه، يتوقع المحلل السياسي فلاح المشعل، أن "رئيس الوزراء الحالي سيمضي بتجديد هذه الاتفاقية لاعتبارات أمنية واقتصادية قائمة على علاقة منفعة متبادلة مع المملكة الهاشمية".
وأشار المشعل، أن "العلاقة بين العراق والأردن قائمة على مبدأ المنافع المتبادلة والمصالح المشتركة، فالأردن كان له دور مهم في حماية الأمن العراقي وعدم تسرب الإرهابيين من الحدود، كما أن هناك مساهمة أردنية في عمليات أمنية تخص الأمن العراقي كالقضاء على الزرقاوي والبغدادي زعيمي تنظيم القاعدة وداعش في العراق"، لافتا إلى أن "النفط مقابل الأمن مبدأ عمل عليه العراق ونجح فيه".
ولفت إلى، أن "الأردن قدمت العديد من الخدمات للعراق، إذ فتحت أراضيها للكثير من الدورات التدريبية التي تخص وزارتي الدفاع والداخلية العراقيتين، كما تبنّت مشاريع مشتركة تتعلق بالاستثمار الزراعي أو الصناعي وبعضها توقف بعد 2003، ولكن الآن دبت الحياة فيه مرة أخرى".
وأضاف المحلل السياسي أن "هذه المصالح الأمنية والاقتصادية تدعو العراق لبيع النفط إلى الأردن بسعر منخفض إضافة الى أن الأردن منفذ للنفط العراقي إلى وجهات عالمية متعددة"، متوقعا أن "يعيد السوداني هذه التجربة لكن مع التقليل من الفارق في سعر التخفيضات".
وعند إجراء عملية حسابية لمعدل تصدير يومي يبلغ 10 آلاف برميل، باحتساب الـ16 دولارا لهذه الكمية المصدرة، يكون الساقط من السعر الأصلي 160 ألف دولار يوميا، أي 4 ملايين و800 ألف دولار شهريا، فيما يبلغ المجموع السنوي 57 مليونا و600 ألف دولار، وهذا بناء على الاتفاقية الجديدة التي جرت بين البلدين في العام 2019، فيما كانت المبالغ أكبر قبل تعديل السعر من 18 دولارا إلى 16 دولارا.
وكانت وزارة النفط العراقية، قد "سلطت الضوء سابقا، على تاريخ مفاوضات مشروع إنشاء انبوب "البصرة- العقبة" النفطي، مستعرضة كافة المراحل التي مر بها المشروع، منذ عام 1980 ولغاية الآن، وأكدت أن آخر المحطات، هي أن المشروع لا زال قيد النقاش الفني والتجاري، على الرغم من وصول المفاوضات إلى مراحل متطورة، بهدف أن يضيف المشروع قيمة اقتصادية للعراق والأردن، شريطة تخفيض كلف التنفيذ إلى ما دون الـ9 مليارات دولار".