بغداد اليوم- ترجمة
قال تقرير لرويترز، اليوم الجمعة، انه في معبد نينماخ، الإلهة السومرية الأم، يستخدم علماء الآثار العراقيون تقنيات عمرها 7000 عام لحماية النصب التذكاري، وبقية اثار مدينة بابل القديمة، من تسرب الملح إلى قلبه وتدميره من الداخل.
وأوضح التقرير الذي ترجمته (بغداد اليوم)، انه "من خلال طوب اللبن المحلى المصنوع بعناية، يقومون بإصلاح أنقاض موقع اثري مدرج بالتراث العالمي لليونسكو، والذي يتآكل بسبب تسرب المياه الجوفية المالحة بشكل متزايد - وهي مشكلة مرتبطة بالجفاف لفترات طويلة وتآكل التربة في العراق المعرضة للمناخ".
قال عمار الطائي ، عالم الآثار في مجلس الدولة العراقي للآثار الذي يشرف على المشروع ويطلق على نفسه "حارس بابل" ، ان "المياه الجوفية المالحة هي العدو الأكبر لنا".
وتابع التقرير ، ان "مدينة بلاد ما بين النهرين القديمة الواقعة على نهر الفرات كانت مركزًا لإمبراطورية مترامية الأطراف تشتهر بأبراجها ومعابدها المبنية من الطوب اللبن، كانت حدائقه المعلقة، التي تم بناؤها منذ حوالي 2600 عام، واحدة من عجائب الدنيا السبع القديمة".
واضاف "لكن الآن، تهدد مشاكل مثل تسرب الملح ودرجات الحرارة القصوى والفيضانات وتآكل التربة المرتبط جزئيًا بتغير المناخ المواقع التراثية في العراق وحول العالم، من الفن الصخري الأصلي في أستراليا إلى مدينة المساجد في بنغلاديش في القرن الخامس عشر".
وبين تقرير رويترز ، ان "الطائي وفريقه، تعلموا العملية المضنية التي استمرت لأشهر لصنع طوب طيني خاص قليل الملح من حرفي محلي ورث التقنية القديمة من والده، وأنتجوا الدفعة الأولى لإصلاحها هذا العام".
واشار : "أولاً، جاب الخبراء الأرض لأكثر من أسبوع قبل العثور على تربة بمستويات ملح مقبولة"، وقال الطائي إنه "حتى ذلك الحين كان لابد من غسل التربة لجعلها أقل ملوحة، بعد ذلك، تم خلط الطين بالرمل والحصى والقش والماء، على شكل دائرة كبيرة وتركه ليتخمر لمدة شهر، وهي عملية تدفع الملح المتبقي إلى حافة المزيج، مما ينتج عنه هامش بلوري أبيض، وبعد كشط القشرة المالحة غير المرغوب فيها، تم تشكيل الحمأة المتبقية بعد ذلك على شكل طوب، تم وضعه على حصائر من القصب المجدولة المنسوجة من قبل التعاونيات النسائية المحلية، مما يعطي الكتل نمطًا مميزًا".
وقال الطائي إن "العملية برمتها تقلل كمية الملح في الطوب الجديد بنحو ثلاثة أرباع. حيث بمجرد تكديسها في ظل شجرة لبضعة أيام في الهواء، وتم نشر الطوب في الشمس لتخبز لمدة شهر قبل أن تصبح جاهزة للاستخدام".
ولفت التقرير، الى ان "أعمال الصيانة الحديثة استخدمت في بعض المعالم الأثرية في بابل الخرسانة والأسمنت لإصلاح الواجهات المتضررة وسد الشقوق، وهي طريقة قيل عنها إنها فاقمت الأضرار الناجمة عن ارتفاع مستويات الملح إلى جانب الرطوبة العالية في المنطقة".
وبين انه "من المشاريع الأخرى التي يعمل عليها الطائي إزالة الخرسانة من الأنقاض واستبدالها بمواد أكثر مسامية، مثل أحجار النهر، وهي تقنية بناء أخرى استخدمها سكان المنطقة في آلاف السنين الماضية".
وقال إن "الرطوبة لا تحب الإسمنت والخرسانة، لا يمكنها الخروج منها لذا بدأت تلاحق الأماكن الأضعف. بالطبع طوب اللبن أضعف لذلك بدأ يخرج من خلاله".
وأوضح التقرير، انه "لا يزال نقش مردوخ، الإله الرئيسي لبابل، يزين الجدران المؤدية إلى البوابة، ويصور الإله كمخلوق هجين يشبه أبو الهول برأس ثعبان، والساقين الأماميتين لأسد وذيل عقرب، ولكن تحته، بالكاد تتضح صورة أداد، إله الطقس، مرئية - فقد فقدت بسبب ويلات الزمن وتغير المناخ".
وعلى الرغم من جسامة المشكلة، قال الطائي انه "لا يتلقى أي دعم من الحكومة العراقية، حيث تعتمد مشاريعه الحالية بالكامل على التمويل الأجنبي".
ولفت الى "نقص الدعم والاستثمار من قبل الحكومة هو التحدي الأكبر أمامنا"، مشيراً إلى "ارتفاع تكلفة الإمدادات الأساسية - حتى المياه النظيفة، التي أصبحت أكثر تكلفة في العراق الذي يعاني من الجفاف".
واشار تقرير رويترز ، الى انه"بالإضافة إلى درء الملح، يجب على علماء الآثار في بابل محاربة الآفات التي حلت بالآثار حيث ذبلت أشجار النخيل والنباتات حول المدينة القديمة في الظروف الجافة في السنوات الأخيرة. حيث بدأ العث والدبابير التي كانت تتغذى على المساحات الخضراء في التهام جدران وأسس الطوب اللبن. لا يمكن استخدام المبيدات الكيماوية لما قد تسببه من أضرار للآثار ، لذلك يتعين على الطائي أن يدخن الآفات بدلاً من ذلك".
وبين انه "في موقع مدينة جيرسو السومرية، تتآكل أسس أقدم جسر معروف في العالم بسبب العواصف الرملية المالحة حيث تنتشر الظروف الشبيهة بالصحراء حول مدينة البصرة الجنوبية، حيث تتسرب مياه البحر إلى الأرض وتدمر التربة الخصبة".
قال جعفر جوتيري ، أستاذ علم الآثار الجيولوجية في جامعة القادسية العراقية وأحد أولئك الذين يعملون في مشروع للحفاظ على الجسر الذي يبلغ عمره 4000 عام ، "إنها مثل عاصفة ترابية مسلحة - بلورات تدمر".مضيفاً"ترى شقوقًا أينما ذهبت هنا".
في بابل ، يعتقد الطائي أن "الماضي القديم للبلاد يمكن أن يستمر في البحث عن حلول للصعوبات الحالية".
وتابع "يجب أن نكون مثل السومريين، إذا أردنا تقليل تأثير تغير المناخ ، فعلينا استخدام المواد المناسبة لمكافحة هذه التغيرات في الطبيعة."