الصفحة الرئيسية / حادثة القطارة كانت.. واليوم بناية المختبر تكون.. فهل هناك ثالثة؟

حادثة القطارة كانت.. واليوم بناية المختبر تكون.. فهل هناك ثالثة؟

بغداد اليوم- تقرير: ليث غضنفر

تتعدد المقاصد وتنسجم الاهداف، فما بين مزار "القطارة" وبناية "المختبر الطبي" غاية للاستشفاء والدعاء ثم الراحة.. يكون ثمنها دمعة ولوعة وفقدان للأحبة.. ليأتي بعدها تحقيقات، ومطالبات، والمقصر مجهول الى حين او ربما الى ما بعد حين.

عندما نتحدث عن انهيار بناية المختبر الطبي وسط بغداد وسبب انهيارها بحسب ما افادت به مديرية الدفاع المدني بأنها مكونة بأساسها لتحمل ٤ طوابق في حين انها بنيت فوقها طابقين اضافيين دون شعور بالمسؤولية او بسبب الجشع، تتبادر الى الاذهان حادثة مزار القطارة في كربلاء لتتشابه عوامل التقصير ويكون الثمن ارواح الناس.

بناية المختبر الوطني للتحاليل المرضية تقع قرب ساحة الواثق في منطقة الكرادة وسط بغداد، تحتوي على 6 طوابق عبارة عن عيادات ومختبرات طبية، أنشأت عام 2009 دون إجازة استثمارية في عهد حكومة نوري المالكي، ولم تواجه أية رقابة او مساءلة حول التراخيص التي يجب ان تتحصل ضمن المشاريع الاستثمارية.

فبحسب هيئة الاستثمار الوطنية انها تقدمت بعد 9 سنوات من انشائها، تقدمت بطلب رخصة استثمارية لشراء أجهزة طبية للمبنى، وهذا، بحسب مختصين، لا يبرر للهيئة الوطنية.

وهذا يعني أن هيئة الاستثمار لم تتابع المعلومات حول ماهية الجهة التي تريد استحصال الرخصة وما هي الغاية من شراء الأجهزة دون وجود رخصة للمبنى الذي سيتم وضعها فيه.

أسباب انهيار بناية المختبر الوطني في الكرادة

كشفت رئيس هيئة الاستثمار الوطنية سهى النجار في تصريحات صحفية تابعتها (بغداد اليوم)، ان "المبنى قائم منذ عام 2009 والاجازة الاستثمارية منحت في عام 2018 ".

واضافت، ان " اجازة الاستثمار منحت لشراء الاجهزة الطبية في المبنى"، لافتة الى ان "الجانب الاستثماري في مبنى المختبر الوطني هو شراء الاجهزة الطبية الخاصة بالمختبر"، وان "تغييرات داخلية وخارجية اجريت على البناء وعدم اجراء صيانة اديا الى انهيار المبنى"، مشيرة الى ان " قاعدة مبنى المختبر الوطني لم تشيد وفق ضوابط قانون الاستثمار".

وقال مدير العلاقات والاعلام في مديرية الدفاع المدني، جودت عبدالرحمن، لـ(بغداد اليوم) إن "التقرير الرسمي سيصدر من قبل خبراء الأدلة الجنائية، لكن وفق رؤيتنا في الميدان فان العمارة كانت من أربعة طوابق اضيف لها طابقين في سنة 2018 او 2019، ومع سوء الاساسات كانت سبب الانهيار بشكل رئيسي"، مبينا أن "تقرير خبراء الأدلة الجنائية هو من سيحسم الامر قريباً".

وأشار نائب رئيس لجنة الصحة النيابية ماجد شنكالي، امس الاحد، في تصريح متلفز تابعته (بغداد اليوم) ان "الحديد المستورد من دولة جارة فضلا عن استخدام مواد البناء المستوردة بأقل بكثير من المواصفات والمعايير العالمية كان سبب الانهيار للبناية".

 وتابع: "اننا نعتقد أن استخدام مواد البناء والحديد يقف خلف كارثة انهيار مبنى الكرادة بشكل مباشر".

واخلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، السبت الماضي، مسؤوليته عن انهيار بناية وسط العاصمة بغداد، فيما اصدر توجيها بفتح التحقيق حول الحادثة.

وقال الكاظمي في تغريدة على تويتر:"وجهنا الدفاع المدني باستنفار أقصى الجهود لإنقاذ المحاصرين في المبنى المنهار، راجين أن يمن الله بالصحة عليهم، ووجهنا بفتح تحقيق بالحادث والإجازة الممنوحة في الحكومات السابقة".

واضاف: "الحادث يؤكد صحة جهود مكافحة الفساد، وإيقاف منح الإجازات العشوائية، وقد واجهت -للأسف- بسببها انتقادات عدة".

اما مزار "القطارة" في كربلاء، نستذكره بعدة محطات سابقة

تسبب انهيار تلّة ترابية قرب قطارة الإمام علي في محافظة كربلاء، في الـ 20 من آب الماضي، بهدم جزء من القطارة ما ردم امنيات طفل وخمس نساء بالإضافة الى رجلين، ليتم انتشال جثثهم ودفن احلامهم.

وإذا ما عرفنا قطارة الامام علي - فهي عبارة عن ينبوع ماء يسمى بقطارة الإمام علي تقع في الصحراء الغربية لمحافظة كربلاء وتبعد عن مركز المحافظة بحوالي 28 كم2  بالقرب من بحيرة الرزازة، ويقول المؤرخون عنها إن الامام علي (عليه السام) عندما توجه إلى صفين لحق بجيشه العطش فوجد الإمام في وسط الصحراء صخرة فشق بيده الصخرة فخرج منها ماء عذب ولايزال يجري منها حتى الآن، هذا ما أكده المؤرخون.

تقع في المنطقة المنبسطة التي تشكل منخفض بحيرة الرزازة، تحدها تلال بارتفاع 7 متر عن مستوى سطح بحيرة الرزازة، تتكون من طبقات صخرية رملية تتخللها شرائح من طبقات جبسية تتخلل طبقات الرمل، وهي عرضة للتعرية بواسطة الرياح من الاعلى والجوانب، والتحلل وذوبان الشرائح الجبسية، بحسب الباحث الجيولوجي الكربلائي صباح حسن عبد الأمير.

تقول مديرية الدفاع المدني في بيانها الصادر يوم 22 من آب الماضي، إن "ما زاد الحادث تعقيداً هو إحاطة المزار بالتلال المرتفعة عن سقف المزار والملاصقة للجدران ذات الصخور الرملية الهشة المشبعة بالرطوبة والتي كانت حسب ترجيح الدفاع المدني هي سبب الحادث .. اذ لم يأخذ رأي الدفاع المدني قبل تشييد بناء المزار مسبقاً و تطلب من فرق إنقاذ وقت أطول واضطرها إلى هدم بوابة المزار الضيقة من أجل إدخال آليات الإنقاذ الثقيل من الحفارات وجرارات لتعجيل أعمال البحث والإنقاذ".

واكدت ان "فرق الدفاع المدني جاهدت بإنقاذ طفلين وصبي في الساعات الأولى من بدأ أعمال الإنقاذ وكانوا بصحة جيدة واستمرت أعمال البحث لأكثر من 60 ساعة عمل متواصل ليل مع نهار أسفرت عن انتشال 8 جثث وهم 5 نساء وطفل ورجلين وتم غلق مزار القطارة بالاتفاق مع محافظة كربلاء أمام المواطنين بسبب تخلخل دعامات البناء وخطورة المزار بعد الحادث".

وقرر محافظ كربلاء نصيف الخطابي، بعد حدوث الكارثة، تشكيل لجنة تحقيقية لمعرفة ملابسات حادثة "قطارة الإمام علي"، وهذا هو المتعارف عليه بين المسؤولين والمواطنين، فالعلاقة بينهم تقوم وفق معاناة المواطنين لتمتد الى ثمن ارواحهم حتى تتحرك الجهات المعنية تطالب وتدعو وتستنكر في اغلب الاحيان فقط. 

تتسارع الاحداث ويستمر البحث بين الركام من جهة، وبين خيوط القضية وتداعياتها من جهة أخرى، لتتكشف صورة سابقة يظهر فيها محافظ كربلاء الحالي نصيف الخطابي يرافقه المحافظ السابق خلال افتتاح مزار القطارة في المحافظة.

وتوضح الصورة المحافظ السابق عقيل الطرحي والخطابي الذي كان رئيس مجلس محافظة كربلاء حينها، وهما يفتتحان المزار امام الزائرين، دونما إجراءات احترازية لمنع انهيار محتمل للتلال الترابية التي تحيطه.

توالت ردود فعل الاستنكار والمطالبات بالتحقيق في الحادثة ومحاسبة الجهات المقصرة دون وجود ردة فعل حقيقة تنزع عباءة القوة والنفوذ لتظهر الفساد والتقصير والتلاعب بأرواح دون أي حس بالمسؤولية وما يتطلبه منصب داخل حكومة واجبها خدمة وحماية الناس ومصالحها.

وما بين انهيارين وتقصير من عدة جهات، تنتظر التساؤلات اجابة ونتيجة، ولأن ما تحت ركام الانقاض امنيات لم تتحقق، يبقى ذوو الضحايا، وفقا لمتتبعين، بانتظار بيضة ديك تدعى التحقيقات.

3-10-2022, 15:51
العودة للخلف