بغداد اليوم – متابعة
بدأت آثار العقوبات الدولية على روسيا بالتأثير على العراق في عدد من القطاعات التي يتعاون فيها البلدان، خصوصاً قطاع النفط وعقود التسليح التي تمثل العمود الفقري في بعض قطاعات المؤسسة الأمنية العراقية.
وتبلغ قيمة الاستثمارات الروسية في قطاع الطاقة بالعراق حوالى 13 مليار دولار، بحسب السفير الروسي السابق لدى العراق ماكسيم ماكسيموف، والذي أوضح أن الشركات النفطية الروسية مثل "زاروبيج نفط، وإسترويترانكاز وتاتنفت وسيوزن فغاز وإريال نفط غاز سيرفيس"، تعمل بخطوات فاعلة لتعزيز الحصول على فرص في قطاع النفط والغاز العراقي.
ومن أبرز الشركات النفطية الروسية العاملة حالياً في العراق هي "لوك أويل" التي تعد المشغل الرئيس لحقل غرب القرنة 2 الذي تبلغ احتياطاته 14 مليار برميل و"غاز بروم" التي تملك 40 في المئة من حقل بدرة النفطي في محافظة واسط، الذي تبلغ احتياطاته 3 مليارات برميل، فضلاً عن عملها في إقليم كردستان العراق.
كما تعمل شركة "روسنفت" الروسية في إقليم كردستان العراق ولها حصص كبيرة في الأنابيب النفطية خصوصاً التي تصدر نفط الإقليم إلى تركيا.
آلية التسديد
ويبدو أن فرض العقوبات الدولية وعدم إعطاء الإدارة الأميركية استثناء خاصاً للعراق في شأن العقوبات كما حصل مع الاستثناء بشأن استيراد الغاز الإيراني المستمر منذ سنوات رغم العقوبات مع طهران، جعل الدولتين تبحثان عن آلية لتسديد مستحقات الشركات الروسية النفطية أو في مجال التسليح.
وفي هذا الإطار زار السفير الروسي لدى بغداد إيلبروس كواتراشيف، البنك المركزي العراقي والتقى محافظه مصطفى غالب مخيف لبحث مستحقات الشركات النفطية الروسية في مجال النفط، بحسب بيان للبنك نشره على موقعه الرسمي.
وأكد مخيف بحسب البيان، ضرورة تدقيق الحلول المناسبة لذلك واستعرض جهود البنك المركزي في تعزيز التنمية والتحديات التي تواجه القطاع الاقتصادي العراقي وانعكاس الأزمات العالمية عليه.
قضية معقدة
ويصف أستاذ الاقتصاد بجامعة البصرة نبيل المرسومي مسألة المستحقات المالية الروسية التي بذمة العراق بالمعقدة، مستبعداً أن يحصل العراق على استثناء من العقوبات كما يحصل مع إيران.
وأضاف، أن "مسألة المستحقات المالية للشركات النفطية الروسية العاملة بالعراق ممكن أن تتسلم بقيمها نفطاً ولا توجد مشكلة في هذا الشأن".
وعن آلية تسديد الشركات الروسية المستثمرة بالعراق أو قيمة قطع غيار الأسلحة التي قد يستوردها العراق لإدامة معداته العسكرية، بين المرسومي أنه "من الصعوبة أن يُسدد لهذه الشركات أو الحكومة الروسية نفط خام، كون أن روسيا دولة منتجة للنفط، وبذلك من الممكن أن تسدد هذه الأموال بالأجل"، لافتاً إلى أن هذه القضية مستعصية وستؤثر على التعامل التجاري بين العراق وروسيا وكذلك الاستثمارات الروسية في العراق.
لا يوجد استثناء
واستبعد المرسومي أن يتم استثناء العراق من العقوبات على روسيا كما هي الحال بالنسبة لاستثناء العراق من العقوبات المفروضة على إيران من خلال السماح باستيراد الغاز الإيراني ودفع مستحقاته للجانب الإيراني، مبيناً أن استثناء العراق عن العقوبات على إيران يختلف عن وضعه مع روسيا.
وتابع، أن استثناء الغاز الإيراني كان لأسباب إنسانية لحاجة العراق للغاز الإيراني، أما الموضوع مع روسيا فهو يختلف تماماً لأنه من الممكن أن يجد العراق بدائل أخرى سواء كانت استثمارات أو أسلحة أو تجهيزات مدنية، مؤكداً أن العراق لن يحصل على استثناءات كما حصل مع إيران لأن هناك حشداً دولياً كبيراً في تشديد العقوبات المفروضة على روسيا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
القرار بيد واشنطن
يرجح المتخصص في الشأن الاقتصادي صفوان قصي، أن يحصل العراق على استثناء من قبل الخزانة الأميركية لدفع مستحقات الشركات الروسية، داعياً المسؤولين العراقيين إلى التفكير ببدائل عن الشركات الروسية.
وأضاف، أنه "من المفترض مفاتحة الخزانة الأميركية للحصول على تفويض لدفع مستحقات الشركات الروسية من أجل تجنب أي عقوبات على العراق"، مشيراً إلى أن العراق يسعى إلى أن يكون في منطقة التوازن، ونحن لسنا معنيين بفرض العقوبات على روسيا إلا أن وجود احتياطات البنك المركزي العراقي وتعاملاته الدولارية يفرض امتثال العراق للعقوبات.
وأكد إمكانية حصول العراق على استثناء من قبل الخزانة الأميركية بعد أن أصبح هناك فسحة للتبادل بين روسيا وأوكرانيا على مستوى القمح، متوقعاً ألا تقف وزارة الخزانة الأميركية ضد هذا الطلب لكونها تحمي الاقتصاد العراقي.
ولفت إلى أنه من الممكن أن يتم ترتيب دفع المستحقات قبل تاريخ فرض العقوبات على روسيا والحصول على موافقة بهذا الشأن، أما بعد هذا التاريخ فعلى العراق أن يفكر ببدائل غير الشركات الروسية.
آلية الدفع
يرى المتخصص القانوني علي التميمي، أن العقد المبرم ما بين الشركات الروسية والعراق هو الذي يحدد آلية دفع المستحقات.
وقال التميمي، إن "الذي يطبق بهذه الحالة هو العقد المبرم ما بين الجانب العراقي وهذه الشركات الروسية"، مبيناً أن لكل عقد شرطاً جزائياً يتيح للمتضرر اللجوء إلى المحاكم الدولية والنوادي الاقتصادية.
وأضاف، أن هذه المستحقات ممكن أن تكون على شكل ديون واجبة التنفيذ والقانون الدولي وضع حلولاً لمثل هذه الحالات كما هو الحال عندما فرض مجلس الأمن الدولي عقوبات على العراق.
وفرض مجلس الأمن الدولي عام 1990 عقوبات اقتصادية على العراق إثر غزوه الكويت