بغداد اليوم- متابعات
أعلنت حركة طالبان، أن اليوم الاثنين، عطلة رسمية للاحتفال بمرور عام على عودتها إلى السلطة في أفغانستان، وهو عام شهد أزمة إنسانية كبيرة وتراجعا حادا في حقوق النساء، في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة أن لا تصبح البلاد ملاذا آمنا للإرهاب من جديد.
في ذات الوقت، كشفت شبكة "سي إن إن" الإخبارية عن تقييم استخباري أميركي جديد تم إعداده بعد مقتل زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظاهري، يظهر أن التنظيم الإرهابي "لم يعد تشكيل وجوده في أفغانستان" منذ مغادرة القوات الأميركية العام الماضي.
وجاء في ملخص التقييم أن الرأي المتفق عليه لمجتمع الاستخبارات الأميركي هو أنه بينما لا يزال أقل من عشرة من "الأعضاء الأساسيين" للقاعدة في أفغانستان، كان الظواهري الشخصية الرئيسة الوحيدة التي حاولت إعادة تأسيس نفسها في البلاد بعد خروج القوات الأميركية.
وتقدر الولايات المتحدة أن هؤلاء الأعضاء الباقين ليسوا متورطين في التخطيط لهجوم خارجي وأن التنظيم ككل "ليس لديه القدرة على شن هجمات ضد الولايات المتحدة أو مصالحها في خارج أفغانستان".
وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، أدريان واتسون، إن الولايات المتحدة "ستظل يقظة، إلى جانب شركائنا، للدفاع عن أمتنا وضمان ألا تصبح أفغانستان مرة أخرى ملاذا آمنا للإرهاب"، طبقا لشبكة "سي إن إن".
بعد أيام من إعلان واشنطن قتله بضربة شنتها طائرة مسيرة في العاصمة كابل مطلع أغسطس الحالي، أعلنت حركة طالبان أنه "لا معلومات لديها" حول وجود زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، في أفغانستان.
وشكّل قتل الظواهري أكبر ضربة لتنظيم القاعدة منذ اغتيال القوات الأميركية الخاصة أسامة بن لادن في عام 2011.
يذكر ان حركة طالبان كانت قد سيطرت في 15 أغسطس 2021 على العاصمة كابل دون أن تواجه أي مقاومة، إثر هجوم خاطف على القوات الحكومية بجميع أنحاء البلاد، في ظل خروج القوات الأميركية والأطلسية بعد عشرين عاما من الوجود العسكري بأفغانستان.
وقال نعمة الله حكمت وهو مقاتل من طالبان دخل كابل في ذلك اليوم بعد ساعات قليلة على فرار الرئيس السابق، أشرف غني، من البلاد، "لقد أوفينا بواجب الجهاد وحررنا بلدنا".
واستمر خروج القوات الأجنبية حتى 31 أغسطس، فيما كان عشرات آلاف المدنيين يندفعون مذعورين إلى المطار الوحيد في العاصمة ساعين إلى الرحيل على متن أي طائرة متاحة.
وأظهرت مقاطع فيديو وصور مشاهد حشود تتهافت إلى الطائرات المتوقفة على المدرج فتتسلقها أو تتشبث بطائرة شحن عسكرية أميركية أثناء إقلاعها.
وباستثناء يوم الاثنين الذي أعلن يوم عطلة، لم يتم الإعلان حتى الآن عن أي احتفال رسمي لإحياء الذكرى، لكن التلفزيون الحكومي أشار إلى أنه سيبث برامج خاصة، دون مزيد من التفاصيل.
وبعد مرور عام، يعرب مقاتلو طالبان عن سرورهم لرؤية حركتهم في السلطة، بينما تحذر وكالات المساعدة الإنسانية من فقر مدقع يطال نصف سكان البلاد البالغ عددهم 38 مليون نسمة.
ويضيف نعمة الله حكمت، وهو اليوم عضو في القوات الخاصة مكلف بحراسة القصر الرئاسي، "لدى دخولنا إلى كابل، وعندما غادر الأميركيون، كانت تلك لحظات من الفرح". لكن بالنسبة إلى الأفغان العاديين، وخاصة النساء، فإن عودة طالبان لم تؤد سوى إلى زيادة الصعوبات.
فبالرغم من الوعود التي قطعوها في بادئ الأمر، سرعان ما عاد حكّام البلاد الجدد إلى فرض تفسيرهم المتشدد للشريعة الإسلامية الذي طبع فترة حكمهم السابقة بين 1996 و2001 وقيّد حقوق المرأة بشدّة، كما واستُبعدت النساء إلى حد كبير من الوظائف الحكومية وحظّر عليهنّ السفر بمفردهنّ خارج المدن التي يعشن فيها.
وفي مارس منع طالبان الفتيات من الالتحاق بالمدارس الإعدادية والثانوية بعد ساعات فقط من إعادة فتحها بموجب قرار كان معلنا منذ فترة.
وفي أوائل مايو أمر القائد الأعلى لطالبان، هبة الله أخوند زاده، النساء بوضع النقاب في الأماكن العامة. وأوضحت طالبان أنها تفضل أن ترتدي النساء البرقع لكنها ستتسامح مع أشكال أخرى من الحجاب لا تكشف سوى العينين.
وحول هذا الوضع، تقول أوغاي أمايل، وهي من سكان كابل "منذ يوم وصولهم، فقدت الحياة معناها" مضيفة: "كلّ شيء انتُزع منّا، دخلوا حتّى إلى مساحتنا الشخصية".
وفرّق مسلحون من طالبان بأعقاب البنادق والأعيرة الناريّة، السبت، تظاهرة نظّمتها نحو أربعين امرأة للمطالبة بالحق في العمل والتعليم.
والأحد، أعرب الاتحاد الأوروبي عن بالغ القلق في ظلّ تدهور ظروف عيش النساء والفتيات في أفغانستان، غداة قمع تظاهرة نسائية قمعا عنيفا في كابل.
مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، قال في بيان إن "الاتحاد الأوروبي قلق خصوصا على مصير النساء والفتيات الأفغانيات اللواتي يُحرمن مطلقا من حرياتهن وحقوقهن وقدرة الانتفاع من خدمات أساسية مثل التعليم".
وإن كان الأفغان يقرّون بتراجع العنف مع انتهاء الحرب منذ وصول طالبان إلى السلطة، إلّا أن العديدين منهم يعانون بشدة جراء أزمة اقتصادية وإنسانية حادة.
وقال نور محمد، وهو صاحب متجر من "قندهار" التي هي مهد حركة طالبان التاريخي ومركز سلطتهم في جنوب البلاد، "يشكو الأشخاص الذين يأتون إلى متاجرنا كثيرًا من الأسعار المرتفعة إلى درجة أننا نحن أصحاب المتاجر بدأنا نكره ما نفعل".
لكن بالنسبة إلى المقاتلين الإسلاميين، فإن فرحة النصر تطغى على الأزمة الاقتصادية الحالية.
ويقول أحد هؤلاء المقاتلين: "قد نكون فقراء، وقد نكون نواجه صعوبات، لكن راية الإسلام البيضاء سترفرف عاليا إلى الأبد في أفغانستان".