بغداد اليوم - متابعة
تمكن فريق بحثي دولي بقيادة علماء من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا من اكتشاف شبكة دماغية فريدة من نوعها، تستجيب للمتحدثين من كل اللغات بالنمط نفسه تقريبا، مما يعيد إلى الساحة التساؤل عن طبيعة التنوع اللغوي بين البشر، وجوانبه البيولوجية والثقافية.
مناطق الدماغ
منذ أكثر من قرن ونصف القرن، عرف العلماء أن هناك منطقتين بالدماغ مسؤولتين عن عملية اللغة؛ الأولى هي منطقة "بروكا"، وتوجد في الجانب المهيمن من الفص الأمامي من الدماغ البشري، وهي مسؤولة عن بناء الكلمات ونطقها.
أما الثانية، فهي منطقة "فيرنيك"، وتتواجد في القسم الخلفي من الفص الصدغي بالمخ، وترتبط غالبا باستيعاب اللغة، أي التعامل الحسّي مع اللغة الواردة إلى الدماغ، مكتوبة كانت أو مسموعة، ولذلك تتعامل منطقة فيرنيك مع الكلام "الوارد"، أما منطقة بروكا فتتعامل مع الكلام "الصادر".
لكن الشبكات العصبية المتنوعة في تلك المناطق احتاجت إلى المزيد من التمحيص لفهم دورها الأساسي في التعامل مع اللغة، وهنا يأتي دور الدراسة الجديدة التي نشرها الفريق في دورية "نيتشر نيوروساينس" (Nature Neuroscience)، في 18 يوليو/تموز 2022.
امتحان لغة
حسب الدراسة، طلب الباحثون من 45 شخصا يتحدثون 45 لغة مختلفة، لكنها في المجمل تنضم تحت 12 عائلة لغوية؛ أداء مهام لغوية أثناء مسح أدمغتهم باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي.
افترضت الدراسة أن الاستماع إلى الجمل أو قراءتها باللغة الأم فقط سيؤدي إلى تنشيط شبكة اللغة المستهدفة، ولتمييز هذه الشبكة عن مناطق الدماغ الأخرى المسؤولة عن اللغة طلب الباحثون أيضا من المشاركين أداء مهام إضافية مثل الاستماع إلى لغة غير مألوفة أو حل مسائل الرياضيات.
استخدم الباحثون 24 نصا قصيرا و3 نصوص طويلة من رواية "أليس في بلاد العجائب"، لأنها أحد أكثر الأعمال الأدبية ترجمة حول العالم، وسُجل كل منها بواسطة متحدث اللغة الأم.
وحسب الدراسة الجديدة، فإن الفريق وجد أن الشبكات العصبية اللغوية للمشاركين في هذه الدراسة كانت موجودة في مناطق الدماغ نفسها تقريبا، ولديها نفس السمات الانتقائية والترددات حينما يتم تفعيلها.
وظهر كذلك أن مقدار الاختلاف بين المتحدثين بلغات مختلفة هو نفسه بين المتحدثين باللغة نفسها، رغم اختلاف اللغات الواضح في ترتيب الكلمات وطبيعة النحو والزمن بين الكلمات أو الجمل، وهو ما يؤكد عالمية تلك المنطقة من الدماغ.
وحسب بيان صحفي صادر عن معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، فإن هذا الفريق يعمل حاليا على دراسة أكثر تمحيصًا لتلك النتائج، سواء بإضافة مزيد من اللغات لتأكيد عالمية شبكة اللغة، أو دراسة كل أجزاء تلك الشبكة بعينها، على أمل التوصل إلى فروق طفيفة لها علاقة بكل لغة بشكل خاص.