بغداد اليوم _ متابعة
بعد توقيفها ليلتين، أفرج عن سمية فاطمة، الهندية البالغة من العمر 19 عاما، لترى بعد ذلك تماما في لقطات حية، المنزل الذي نشأت فيه يهدم بجرافة، في إطار حملة تقول السلطات إنها لمكافحة البناء العشوائي وتؤكد منظمات أنها سياسة عقابية ضد المسلمين.
ولقي عدد كبير من المنازل والمحلات التجارية المصير نفسه هذه السنة في الهند، في إطار حملة للسلطات لمكافحة الأبنية غير المرخصة ونشاطات إجرامية أخرى.
لكن منظمات حقوق الإنسان تدين "عدالة الجرافة" هذه التي تعتبرها عقابا جماعيا مخالفًا للقانون تمارسه الحكومة، مشيرة إلى قاسم مشترك بين ضحايا هذه الحملة.
وقالت سمية فاطمة لوكالة فرانس برس "نحن مسلمون ولهذا السبب نحن مستهدفون".
واعتقلت الشابة وجميع افراد عائلتها بعد اتهام والدها بتنظيم تظاهرة كبيرة الشهر الماضي في مدينة الله أباد في شمال البلاد.
وكانت تجمعات عدة نظمت في يوم الجمعة هذا في جميع أنحاء البلاد، للاحتجاج على تعليقات عن النبي محمد، للمتحدثة باسم حزب الشعب الهندي (بهاراتيا جاناتا) القومي الهندوسي الحاكم، أثارت الغضب في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
وبعدما أطلق سراح فاطمة الأحد، كانت تستريح في غرفة معيشة أحد أفراد أسرتها عندما شاهدت على هاتفها الجوال لقطات لمنزلها يُهدم في بث حي على قناة يوتيوب.
ورأت أن ذلك إشارة موجهة إلى المسلمين الذين يحاولون انتقاد الحكومة الهندية.
وحسب ما نقلت فرانس برس عن الشابة الهندية فقد "زرعوا الخوف في المجتمع بأسره". وأضافت أن "الجميع ينظرون الآن إلى منزلنا ويفكرون أنه إذا حدث ذلك لنا، فقد يحدث لهم أيضا".
ويحكم ولاية أوتار براديش التي تتحدر منها فاطمة الراهب الهندوسي يوجي أديتثياناث، الذي يعتبر خليفة محتملاً لرئيس الوزراء الهندي القومي ناريندرا مودي. وقد جعل الجرافة شعارا لمعركته ضد من يسميهم "مثيري الشغب".
وفي وقت سابق من هذا العام، احتفل أنصاره بإعادة انتخابه على رأس ولاية أوتار براديش وهم يقودون حفارات. حتى أن بعضهم وضعوا وشما يمثل جرافة.
منذ ذلك الحين، حصلت "سياسة الجرافات" على مؤيدين في أماكن أخرى من البلاد فيما تتزايد حملات الهدم مع تصاعد الاضطرابات الدينية.
وفي ابريل، وبعد اشتباكات عنيفة بين هندوس مشاركين في موكب ومسلمين يؤدون الصلاة خلال شهر رمضان، هدمت سلطات دلهي حوالي عشرين محلا تجاريا يديرها مسلمون وواجهة مسجد، مخالفة بذلك أمرا قضائيا يأمرها بالتوقف عن ذلك.
وتصر السلطات على أن عمليات الهدم هذه نظامية لأنها لا تستهدف سوى الأبنية المشيدة من دون تراخيص. وهذا ما ينفيه الضحايا مؤكدين أنهم محرومون من فرصة الطعن في أوامر الهدم.
سُوي منزل فاطمة بالأرض "بحضور مئات من رجال الشرطة ومئات الكاميرات من دون أدنى تعاطف"، كما يؤكد لفرانس برس كاي راي، أحد محامي والدها.ويضيف "هذه القسوة غير مسبوقة".
ويرى معارضو الحكومة أن هذه الحملة هي أحدث مثال على السياسات التمييزية التي ينفذها حزب "بهاراتيا جاناتا" ضد مئتي مليون مسلم هندي.
وقال راي إنهم "ملتزمون عقائديا بجعل المسلمين مواطنين من الدرجة الثانية في الهند وإهانتهم اجتماعيا وتدمير ممتلكاتهم".
وذكرت منظمة العفو الدولية أن عمليات الهدم هذه جزء من حملة قمع انتقائي و"شرس" ضد المسلمين الهنود الذين يجرؤون على التحدث علنًا ضد التمييز الذي يعانون منه.
في ولاية أوتار براديش يخشى عدد كبير من المسلمين الذين شارك أقاربهم في احتجاجات الشهر الماضي أن تكون منازلهم على قائمة عمليات الهدم المقبلة.
وقال محمد جاويد أحد سكان سهارانبور، الذي تلقى أمرا بإخلاء منزله بعد اعتقال شقيقه بسبب الاحتجاج هناك "الآن نمضي الليالي بلا نوم، وأيامنا مضطربة".
وبعد أسبوع على اعتقال فاطمة ظلت جرافة متوقفة بجوار مركز شرطة الحي، الذي كان يضم منزلها ذات يوم. وتعزز رؤية الأنقاض شعورها بالانتماء إلى مجتمع المنبوذين.
كما تتذكر سيل التعليقات على موقع يوتيوب أثناء بث لقطات عملية الهدم.
وقالت "ولدت هناك وأمضيت حياتي كلها هناك.. لكن كان من الواضح أن الناس كانوا سعداء لرؤية منزل آخرين يُهدم".