بغداد اليوم - تقرير : محمود الحسيني
تواجه المادة 398 من القانون العراقي، حالة من الجدل، والتي تخص حالات الاغتصاب ورأي الشارع القانوني والشرعي منها، في مقابل الآراء التي تعترض على هذه المادة، مما يثير اكثر من تساؤل: هل يتم الاخذ بكل هذه الاعتراضات، ام العمل برأي الشارع المقدس، وما رأي القضاء العراقي بخصوص هذه المسألة الحساسة؟.
وطالب ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، الغاء المادة 398 من القانون العراقي، ورفعو هاشتاق (#الغاء_المادة_398) حيث يرون ان زواج المغتصب للمغتصبة، هو مكافأة للمغتصب.
وتنص المادة 398: "إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم الواردة في هذا الفصل وبين المجني عليها عد ذلك عذراً قانونياً مخففاً لغرض تطبيق أحكام المادتين 130 و131 من قانون العقوبات، وإذا انتهى عقد الزواج بطلاق صادر من الزوج بغير سبب مشروع أو بطلاق حكمت به المحكمة لأسباب تتعلق بخطأ الزوج أو سوء تصرفه وذلك قبل انقضاء ثلاث سنوات على الحكم في الدعوى يعاد النظر بالعقوبة لتشديدها بطلب من الادعاء العام أو من المجني عليها أو من كل ذي مصلحة".
وتلقى المادة (398) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 اعتراضاً من قبل جهات تعنى بحقوق الإنسان تراها انتهاكاً لحقوق المرأة التي تتعرض للاغتصاب، لأن هذه المادة تعني إسقاط العقوبة عن الرجال الذين يرتكبون فعل الاغتصاب إذا وافق على الزواج من المرأة التي اغتصبها.
وتقول الدكتور فاطمة، المناصرة لالغاء هذه المادة من القانون العراقي، والقيام بسن مادة تعاقب المغتصب بعقوبات صارمة، مثل الدول التي تصل عقوبتها بعض الأحيان الى الإعدام.
وقالت فاطمة لوكالة (بغداد اليوم)، ان "الغاء هذه المادة من القانون العراقي، حالة إنسانية لمنع هذه الممارسات الاجرامية".
اما احدى الناشطات التي تعمل في سلك المحاماة، فدعت الى تعديل المادة القانونية وليس الغاءها.
وقالت المحامية التي رفضت الكشف عن هويتها، لوكالة (بغداد اليوم)، ان "هذه المادة يجب ان تعدل، لاحقاق الحق ، بوضع عقوبة مناسبة لمرتكبي جريمة الاغتصاب".
وكانت هناك حالات من الاغتصاب تمت هزت الشارع العراقي، منها جريمة اغتصاب الطفلة حوراء في العاصمة العراقية بغداد في وقت سابق، والتي كانت سببا بانطلاق مطالبات بضرورة إنزال أقسى عقوبة بحق مرتكب الجريمة.
وخرجت مطالب كبيرة تطالب بضرورة قيام الجهات الحكومية والرسمية في العراق بإعدام مغتصب الطفلة حوراء كونه عسكري من مرتبات وزارة الداخلية العراقية.
وبحسب وسائل إعلام عراقية فقد قام شرطي من مرتبات وزارة الداخلية العراقية يبلغ من العمر 44 عاما بخطف الطفلة حوراء حينما كانت ذاهبه لشراء الشيبس من البقالة القريبة من منزلهم في حي الحسينية شمال شرق بغداد ، واغتصابها بعدما ترك شقيقها خارج المنزل.
وبعد ساعات من ابلاغ عائلة حوراء عن اختفاءها والمعلومات التي أدلها بدها شقيقها الصغير ، تمكنت الجهات الأمنية من العثور عليها ، حيث كانت آثار الألم والتعذيب واضحة على جسد حوراء.
من جهته يرى رجل الدين الشيخ محمد الجبوري، اليوم الاحد، ان أي حكم قانوني لابد له ان ينطبق تماما مع الحكم الشرعي، باعتبار العراق دولة إسلامية، وان لا تخضع القوانين الى الآراء القاصرة الجاهلة بالحكم المقدس.
وقال الجبوري لـ (بغداد اليوم)، ان "الزواج هو خيار وليس إجبارا، ولا مانع من الناحية الشرعية من زواج البنت بعمر 12 او 13 او 14 سنة .. الخ، لكن يبقى الخيار هو الضابط الرئيسي بهذه المسألة".
وتطرق الى موضوع الاغتصاب، والمادة 398 من القانون العراقي، ان "البعض يرى بان هذه المادة مكافئة للمغتصب، باسقاط التهمة عن المغتصب اذا ارتبط بالفتاة، والصحيح انه لا يخلو من عقوبة، على اعتبار انه سيرتبط بالفتاة التي كانت في حسابته انها غير صالحة له".
وأضاف، ان "الاغتصاب نوعين، ذات بعل وليست ذات بعل، اما ذات البعل فتحرم الزواج منه، اما غير ذات بعل، فلا اشكال في الزواج، وهو حل ينسجم مع الأعراف والتقاليد العراقية الاصيلة، على اعتبار ان المغتصبة تتلطخ سمعتها وتحرم من الزواج، وقيام المغتصب بزواجها هو ستر لها".
وكانت الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي (دائرة تمكين المرأة العراقية) طلبت بكتابها ذي العدد (ت.م.ع/3/38371) في (1 تشرين الثاني 2018) بيان رأي مجلس القضاء الأعلى العراقي بخصوص إلغاء المادة (398) من قانون العقوبات.
لكن مجلس القضاء الأعلى العراقي رأى أن "المشرع العراقي لم يعفِ الجاني من العقاب وإنما اعتبر فعله عذراً مخففاً له في حالة زواجه من المجني عليها كما ان حالة زواج الجاني من المجني عليها تمثل معالجة لهذا الموضوع خصوصاً أن العادات والتقاليد وواقع المجتمع العراقي ينظر إلى المرأة (الضحية) نظرة ريبة حتى وإن كانت ضحية وأن زواج المجني عليها من الجاني لا يتم إلا بموافقتها ولا تجبر على إجراء عقد الزواج وفي حالة رفضها فإن الاجراءات القانونية تستمر بحق الجاني إلى صدور القرار النهائي من المحكمة المختصة".
وأضاف المجلس أن "ذلك الاجراء (زواج الجاني من المجني عليها) كان لاعتبارات اجتماعية ولما للأعراف والتقاليد من وطأة على المجتمعات العربية.... بالإضافة إلى أن فرض العقوبة لا يعوض المجني عليها عما أصابها من ضرر وقد يكون زواج الجاني بها معالجة لهذا الوضع.
لذا يرى (مجلس القضاء الأعلى) لا موجب لإلغاء المادة (398) من قانون العقوبات للأسباب المذكورة آنفاً ولسبق تعديل المادة المذكورة بالقانون رقم (91) لسنة 1987 الساري المفعول حالياً والذي اعتبر فعل الجاني مخففاً ولم يعفه من العقاب".