بغداد اليوم _ متابعة
بدأت الحياة تعود لبوتشا الأوكرانية مع حلول فصل الربيع عقب أسابيع من طرد القوات الروسية من المدينة التي باتت رمزا الموت والوحشية.
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن مظاهر الحياة الطبيعية تعود لبوتشا خلال الأسابيع الماضية، حيث تسابقت المدينة لإصلاح الأضرار المادية التي سببتها القوات الروسية الغازية.
وترك القوات الروسية ورائها مقابر جماعية في بوتشا وجثث مشوهة، علاوة على شوارع محطمة ومبانٍ مدمرة.
وقال المسؤول بمجلس المدينة، تاراس شابرافسكي، إن إزالة أكبر عدد ممكن من آثار الدمار الذي تسبب فيه الاحتلال الروسي كان خطوة مهمة في مداواة الجروح التي عانى منها سكان بوتشا.
وقال شابرافسكي إن 4 آلاف شخص كانوا متواجدين في المدينة خلال الاحتلال والعديد منهم مختبئين في الأقبية دون طعام كاف.
حتى بعد انسحاب الجنود الروس، ظل العديد من السكان يعانون من الصدمة.
وأضاف شابرافسكي: "كانوا في حالة نفسية سيئة للغاية. لقد أوضح لنا المتخصصون أنه كلما أسرعنا في التخلص من جميع ذكريات للحرب، زادت سرعة قدرتنا على إخراج الناس من هذه الحالة".
وقال فولوديمير أبراموف، 39 عاما، إن النصب يكرم صهره أوليه أبراموف الذي أخرجه جنود روس من منزله تحت تهديد السلاح وأمر بالركوع وإطلاق النار عليه.
دمر الجنود الروس منزل فولوديمير أبراموف، 39 عاما، وألقوا قنابل يدوية على منزله. لكنه قال إن ذلك لا يقارن بمعاناة أخته البالغة من العمر 48 عامًا، إيرينا أبراموفا، التي فقدت زوجها ومنزلها أيضا.
وقال: "أحاول مساعدتها والاعتناء بها حتى لا تقتل نفسها. أقول لها إن زوجها يراقبها من السماء".
"أصبحنا أقوى بكثير"
في سياق متصل، أشار المسؤول بمجلس المدينة شابرافسكي إلى أن حوالي 10 آلاف شخص عادوا حتى الآن - ما يقرب من ربع سكان هذه المدينة الصغيرة قبل الحرب على بعد 32 كيلومترا من العاصمة كييف.
في علامة على عودة الحياة إلى طبيعتها، قال إن مكتب تسجيل الزواج أعيد فتحه الأسبوع الماضي، إذ يشهد يوميا طلبات الأزواج للحصول على تراخيص الارتباط الرسمي.
كانت بوتشا مدينة انتقل إليها كثير من الناس من أجل أنماط حياة أكثر هدوء، حيث يمكن العيش بعيدا عن صخب العاصمة التي يلجأ إليها الكثيرون بهدف العمل.
قبل 6 سنوات، افتتح سيرجو ماركاريان وزوجته مقهى يسمى "جام"، حيث يقدم الطعام الإيطالي ويعزف الجاز القديم ويبيع علب المربى.
عندما غزت روسيا، ذهب ماركاريان، 38 عامًا، برفقية زوجته وابنه البالغ من العمر 3 سنوات إلى الحدود مع جورجيا، حيث كان بإمكانه البقاء خارج البلاد بصفته مواطنا جورجيا. لكنه عاد إلى أوكرانيا للتطوع وإرسال الطعام إلى الخطوط الأمامية.
قبل أسبوعين، عندما أعيد التيار الكهربائي، عاد ماركاريان بمفرده إلى بوتشا ليرى ما تبقى من المقهى ويصلح الأضرار التي سببها الجنود الروس.
قال تعليقا على الأشياء المفقودة من المقهى: "لقد سرقوا حتى السكاكين والشوك".
وأضاف أن الجنود جروا كراسي المقهى إلى الخارج لاستخدامها عند نقاط التفتيش، كما سرقوا نظام الصوت.
وقال إنه على الرغم من عمل المراحيض بشكل طبيعي، فقد قضوا حاجتهم على الأرض قبل مغادرتهم.
وقبل يومين من الموعد المقرر لإعادة افتتاحه الأسبوع الماضي، بدا المقهى نظيفا تماما وكان ماركاريان يختبر طعم الإسبريسو ليرى ما إذا كان بنفس مستوى الطعم السابق.
قال ماركاريان: "لقد عاد الكثير من الناس بالفعل، ولكن البعض ما زالوا خائفين. لكننا بالتأكيد أصبحنا أقوى بكثير مما كنا عليه. لقد واجهنا أشياء لم نعتقد أبدًا أنها يمكن أن تحدث".
ودخلت الحرب الروسية ضد أوكرانيا شهرها الثالث، حيث بدأت الحملة بعد حشدٍ عسكري طويل، والاعتراف الروسي بجمهورية دونيتسك الشعبية المعلَنة من جانب واحد وجمهورية لوغانسك الشعبية، أعقبها دخول القوات المسلحة الروسية إلى منطقة دونباس في شرق أوكرانيا في 21 فبراير 2022.
في 24 فبراير الماضي، وبعد خطابٍ أعلن فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن عملية عسكرية بهدف "تجريد أوكرانيا من السلاح واجتثاث النازية منها"، بدأ القصف على مواقع في جميع أنحاء البلد، بما في ذلك مناطق في العاصمة كييف.