بغداد اليوم - متابعة
عندما بلغت من العمر أربعة أعوام فقط، هربت روزا كردو برفقة والدتها من عمليات القتل الجماعية في إقليم كردستان في عهد نظام الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، لتعبر القارة الأوروبية وتبحث عن حياة أفضل في بريطانيا، وفقا لما نقلته صحيفة "ذا ميرور" البريطانية.
والآن تبلغ روزا من العمر 25 عاما، وتعمل في مجال التمريض، وتأمل في الحصول على لقب ملقة جمال إنكلترا لعام 2022.
وفي مقابلة مع الصحيفة دعت روزا الحكومة البريطانية إلى الترحيب بمن يبحث عن حياة أفضل، ووصفت خطط لندن لإرسال اللاجئين إلى رواندا بـ "المروعة".
رحلة البحث عن حياة أفضل
انطلقت روزا مع والدتها خارج العراق في عام 2001، قبل عامين من الحرب التي أطاحت بنظام حسين، لكنها تقول إن الإقليم كان يواجه مشاكل منذ "مجزرة الأنفال" التي وقعت عام 1988، والتي قتلت فيها قوات صدام عشرات الآلاف من أكراد العراق شمالي البلاد.
والتقى والداها في مخيم للاجئين على الحدود مع إيران، وتقول: "شعبي ووالديّ عانوا الكثير خلال ذلك الوقت، هربا من نظام صدام البائس، ورغم تلك المصائب وقعا في الحب".
وهرب والد روزا في عام 1997 عندما كانت رضيعة، وتضيف "أمي وأنا لحقنا به بعد أربع سنوات، أتينا إلى بريطانيا بالطريقة الوحيدة التي كانت متوفرة لدينا، رحلات المراكب والشاحنات المرعبة".
وتصف الشابة التي حظيت بالجنسية البريطانية مشوارها مع الموت خلال السفر من كردستان إلى تركيا عندما تعرضت الشاحنة التي تقلها ووالدتها لحادث مروع.
وتضيف "السائق كان مسرورا لأنه تمكن من مغافلة الجمارك، أعتقد أنه كان ثملا".
قلبت الشاحنة خمس مرات عند سقوطها من أعلى تلة، فقد الكثير من الناس حياتهم، بعضهم فقد الوعي وكانت الدماء تملأ المكان" .
وتضيف "كنا مختبئين في حجرة سرية بيت السائق وقسم الشحن، كلنا كنا في تلك المساحة الضيقة، لو كنا في الجزء الرئيسي من الشاحنة لم نكن لننجو".
وقالت روزا إن الناجين هربوا من الشاحنة نحو غابة مجاورة لدى وصول الشرطة، "ركضنا حتى عثرنا على محطة وقود كان يملكها أكراد أتراك شاهدوا وضعنا.. كان من الشائع آنذاك أن يساعد الأتراك الهاربين من العراق إلى تركيا".
وتقول إن صاحب المحطة "ساعدنا.. كان رجلا طيبا دفع سعر تذاكرنا لأنقرة لكي نتمكن من مواصلة رحلتنا".
بعدها توجهت روزا ووالدتها لعبور البحر الأبيض المتوسط من تركيا إلى اليونان، حيث أوشكتا على الغرق.
وتقول: "الشرطة التركية في قارب أطلقت النار علينا، لن أنسى أبدا الرعب. عائلة أخرى كانت معنا في القارب، كانت لديهما ابنتان، لا نزال أصدقاء مقربين، وهما الآن طالبتان في كلية الطب".
"الرجال في القارب رجوا الشرطة التوقف عن إطلاق النار، لأنه كانت هناك نساء وأطفال على متن القارب، وبحركة يائسة قام الأب من للعائلة الأخرى برفع ابنته عاليا صارخا بالكردية: 'لا تطلقوا النار، هناك أطفال هنا، رجاء لا تطلقوا النار'"، تستذكر روزا تجربتها المؤلمة.
وتقول: "أمقتُ ما مررتُ به، لكنه جزء مني الآن، ما وصلت إليه اليوم كان بسبب ما عشته".
وبعد الوصول إلى أوروبا بلغت روزا بريطانيا في رحلة بالشاحنة.
وانتقدت روزا سياسة الحكومة المقترحة المتمثلة في إرسال اللاجئين إلى أفريقيا ، وقالت: "إرسال الناس إلى رواندا، سيكون ذلك مروعاً. كنا خائفين من إرسالنا إلى مركز احتجاز ووضعنا في أول طائرة تعيدنا إلى بلدنا. كطفلة، كان ذلك أكبر مخاوفي، أن أعود للعيش في خوف دائم".
أوضحت روزا كيف وصل والديها إلى المملكة المتحدة وهم لا يجيدون اللغة الإنجليزية، حيث كافحوا من أجل التواصل.
وأضافت "جئنا إلى هنا بلا شيء، نحن الآن خريجو قانون وعاملون في مجال الرعاية الصحية ورجال أعمال.. كل ما فعلناه هو رد الجميل لهذا البلد الذي رحب بنا".
وأكدت أن الحكومة "ستلحق الضرر بإبعاد هؤلاء الأشخاص الشجعان الذين يأتون إلى هنا هربا من الموت والاضطهاد.. ينبغي الترحيب بهم في بلد محب، وإعطاؤهم فرصة".
وذكرت روزا كيف دعيت للتحدث في مؤتمر في البرلمان البريطاني، في عام 2018، حول محنة اللاجئين الأكراد.
وقالت: "كان ذلك لمناقشة كيفية انتهاك حقوق الشعب الكردي طوال التاريخ الحديث. أنا فخور بأصلي الكردي، وأنا فخورة بأن أعيش في بريطانيا".
وبعد دخول مسابقة ملكة جمال إنكلترا، أوضحت روزا: "أنا لا أدخل فقط لأرى، بل أسمع أيضا. أود استخدام المنصة لتسليط الضوء على المآسي التي تحل بالشعب الكردي ".
ونقلت "ذا ميرور" عن أنجي بيسلي، مديرة مسابقة ملكة جمال إنكلترا قولها: "إنه لمن دواعي سرورنا أن نرحب بروزا وأي شخص مثلها عانى من معاناة أكثر بكثير من الشخص العادي. نأمل مخلصين أن تستمتع بوقتها في المسابقة ".