بغداد اليوم-متابعة
توصلت دراسة حديثة إلى أن المضادات الحيوية يمكن أن تُسبب عيوباً في جهاز المناعة وتزيد من خطر الإصابة بعدوى فطرية خطيرة تؤدي إلى الوفاة، حسبما نشر موقع The Conversation الأسترالي، الجمعة 14 مايو/أيار 2022.
الدراسة أشارت إلى أن المبيضة من الفطريات التي تُعتبر سبباً شائعاً للعدوى الفطرية لدى البشر، لكنها قد تُسبب أيضاً عدوى تهدد الحياة في مجرى الدم، وتُدعى داء المبيضات الغازية.
بينما تُمثّل المضادات الحيوية أحد عوامل الخطر التي قد تُصيبك بداء المبيضات الغازية، حيث إن تعاطي المضادات الحيوية يقتل بعض بكتيريا الأمعاء، ما يُفسح المجال أمام نمو فطريات الأمعاء، مثل المبيضات، وفقاً للدراسة.
كما لفتت الدراسة إلى أنه في حال تضرُّر أمعائك بسبب العلاج الكيميائي أو الجراحة، فيُمكن أن تخرج المبيضات من أمعائك وتُصيبك بعدوى مجرى الدم.
ومع ذلك، فإن أكثر الطرق شيوعاً لإصابة الناس بداء المبيضات ليس مصدرها الأمعاء، بل الجلد، حيث يُمكن أن يُصيب داء المبيضات الغازية المرضى المتصلين بالقسطرة الوريدية داخل وحدات العناية المركزة، خاصةً في حال علاجهم بالمضادات الحيوية.
وسلطت الدراسة الضوء على الأسباب التي تجعل تعاطي المضادات الحيوية يزيد من احتمالية الإصابة بعدوى فطرية مثل داء المبيضات الغازية، حيث لجأ الباحثون إلى علاج الفئران باستخدام خليط مضادات حيوية واسعة الطيف، ثم جرى نقل عدوى فطر المبيضة إليها، وإجراء مقارنة بعدها بينها وبين مجموعة مرجعية من الفئران التي جرى حقنها بفطريات المبيضة، لكننا لم نُعالجها بخليط المضادات الحيوية.
الباحثون كشفوا أن العلاج بالمضادات الحيوية جعل الفئران أكثر مرضاً بعد حقنها بالفطريات، بل وتصبح الكلى هدفاً للعدوى في حالات العدوى الفطرية عادةً، حيث تمرض الفئران بسبب توقف وظائف الكلى.
لكن ذلك لم يحدث في تلك التجرية، فرغم أن المضادات الحيوية جعلت الفئران أكثر مرضاً، لكنها تمكنت من السيطرة على العدوى الفطرية داخل الكلى تماماً مثل الفئران التي لم تُحقن بالمضادات الحيوية. فما سبب مرض تلك الفئران؟
تبيّن مع البحث أن المضادات الحيوية سبّبت خللاً في الاستجابة المناعية المضادة للفطريات، وخاصةً داخل الأمعاء.
إذ سجّلت الفئران المُعالجة بالمضادات الحيوية معدلات عدوى فطرية في الأمعاء أعلى بكثير من الفئران غير المُعالجة، بل وتسربت نتيجةً لذلك بكتيريا الأمعاء إلى الدم، وأصبحت الأمعاء المُعالجة بالمضادات الحيوية الآن في مواجهة عدوى بكتيرية وفطرية يجب التعامل معهما في آنٍ واحد، ما جعل تلك الفئران أكثر مرضاً من الفئران الأخرى لم تُحقن بالمضادات الحيوية.
الحل المُحتمل
ووفقاً للدراسة، فإنه يمكن إعطاء بعض السيتوكينات للمرضى في صورة عقارٍ لتعزيز المناعة من أجل مساعدتهم في مكافحة العدوى.
وللتأكد مما إذا كان هذا الخيار فعالاً مع المرضى المُعالجين بالمضادات الحيوية والمعرضين لخطر العدوى الفطرية؛ قُام الباحثون بحقن الفئران المعالجة بالمضادات الحيوية باستخدام بعض السيتوكينات ووجدوا أن بإمكانهم تقليل مستويات مرضها.
وتُشير نتائج الباحثين إلى أنه ربما نمتلك طريقةً لمساعدة المرضى الذين يحتاجون إلى المضادات الحيوية والمعرضين لخطر العدوى الفطرية.
وبحسب الباحثين: "ثم أردنا اكتشاف ما إذا كان هناك نوعٌ مُعيّن من المضادات الحيوية يزيد خطر الإصابة بالعدوى الفطرية أكثر من غيره، فحقنا الفئران بمضادات حيوية مختلفة واكتشفنا أن الفانكوميسين يزيد مرض الفئران بعد الإصابة بعدوى فطرية، وهو مضاد حيوي يشيع استخدامه في المستشفيات لعلاج عدوى المطثية العسيرة (التهاب القولون الغشائي الكاذب)".
إذ أدى الفانكوميسين إلى إزالة البكتيريا التي تُعزّز المناعة من ميكروبيوم الأمعاء، والتي يحتاجها الجسم من أجل توجيه جهاز المناعة لإفراز المزيد من سيتكوينات إنترلوكين 17.
هل ترتبط أي من هذه الأبحاث بالبشر؟ تُشير تحليلات الباحثين لسجلات المرضى إلى أن نتائج هذه الأبحاث قد تنطبق على البشر أيضاً.
إذ جرى النظر في قاعدة بيانات كبيرة من سجلات المستشفيات، ووجد أن العدوى البكتيرية/الفطرية المشتركة المشابهة قد تُصيب البشر بعد علاجهم بالمضادات الحيوية.
وأصبح من المهم الآن استخدام المضادات الحيوية بعنايةٍ أكثر من أي وقتٍ مضى، نظراً لزيادة مشكلة مقاومة المضادات الحيوية، حيث أظهرت الأبحاث أن المضادات الحيوية قد تزيد خطورة العدوى الفطرية، لكن المضادات الحيوية تظل عامل خطرٍ يُمكن التحكم به مع ذلك.