بغداد اليوم - تقرير : محمود الحسيني
من اكثر الامور حساسية في العراق، هي التحدث بابجابية عن علاقات محتملة بين العراق والكيان الصهيوني، فهذا الامر مرفوض تماما رغم بعض المحاولات الصهيونية لصنع قناة بينها وبين العراق.
بعد الغزو الأميركي للعراق، بدأ التودُّد الإسرائيلي يؤتي أُكله. ففي زمن ذهبت فيه الحروب العربية-الإسرائيلية الكبرى، وأضحى الطريق إلى واشنطن يمر عبر تل أبيب، وصارت دولة الاحتلال نفسها قطبا عسكريا واستخباراتيا محوريا في المنطقة، أقدمت حكومة إقليم كردستان العراق -المُتمتِّع بالحُكم الذاتي- على التعاون المحدود من أجل حيازة تلك المزايا. على سبيل المثال، أعلنت إسرائيل عام 2015 استيراد 19 مليون برميل نفط سنويا من الإقليم رغم الخلافات المعروفة بين كردستان العراق وبغداد حيال التصدير المنفرد للنفط الكردي.
علاوة على ذلك، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك "نتنياهو" دعم الإقليم في محاولته الانفصال عبر استفتاء عام 2017، ورغم أن كردستان في المقابل استفادت بعض عوائد النفط وبعض الخبرات العسكرية الإسرائيلية في تدريب البشمركة، فإنها لم تُبادِل تل أبيب ودا مفتوحا، وظلَّت ملتزمة بالخطوط الحمراء العربية والعراقية في هذا الصدد.
لكن إسرائيل لم تَكفَّ أبدا عن المحاولة. وفي مايو/أيار 2018، أنشأت دولة الاحتلال صفحة على فيسبوك باسم "إسرائيل باللهجة العراقية"، بهدف "خلق تواصل وحوار مُثمر بين الشعبين الإسرائيلي والعراقي وإظهار الوجه الحقيقي لإسرائيل".
كما شطبت إسرائيل العراق عام 2019 من قائمة "الدول العدوة" التي تشمل لبنان وسوريا والسعودية واليمن وإيران، ووقَّعت مرسوما يُجيز التبادل التجاري مع بغداد.
ثم بدأت الجهود الإسرائيلية نحو التقارب مع العراق تؤتي ثمارها في يناير/كانون الثاني 2019، حين كُشِف النقاب عن زيارات سرية قامت بها ثلاثة وفود عراقية إلى تل أبيب مُكوَّنة من 15 شخصية سياسية ودينية التقوا مسؤولين حكوميين وأكاديميين إسرائيليين، وزاروا النصب التذكاري لضحايا الهولوكوست.
وقد وصلت الأمور إلى حدٍّ غير مسبوق مع خروج تصريحات لـ "فريد ياسين" السفير العراقي في واشنطن في أثناء ندوة عُقدت بمركز "الحوار للثقافة العربية والحوار" قال فيها إن "هناك أسبابا موضوعية قد تدعو إلى إقامة علاقات بين العراق وإسرائيل"، هذا وواجه ياسين ردَّ فعلٍ عنيفا من زملائه من المسؤولين العراقيين.
على صعيد آخر، ظهر "مثال الألوسي"، رئيس حزب الأمة العلماني العراقي، بوصفه واحدا من أهم دعاة التطبيع مع إسرائيل. وقد كان الألوسي في الدورة الأولى لزيارات التطبيع العراقية مع دولة الاحتلال، إذ قال النائب السابق في البرلمان العراقي عقب توقيع اتفاق تطبيع الإمارات مع إسرائيل إن "العراق بحاجة إلى الخروج من معسكر الحروب والتطرُّف، والتخلُّص من الهيمنة الإيرانية وتلاعبها بالأحزاب الدينية الشيعية، وإن ذلك سيصب في مصلحة العراق ويُثبِّت الاستقرار الأمني، ويُطوِّر التعاون السياسي بين العراق وأغلب دول العالم في حال حدث التطبيع مع إسرائيل".
هذه المحاولات الصهيونية جعلت الكثير من القوى السياسية والشعبية في داخل العراق تتصدى لاي مشروع تعتقد انه يقرب العراق من الكيان الصهيوني، ومنها مشروع "الشام الجديد"، حيث تعتقد هذه القوى بان عذا المشروع محاولة لطبيع العراق مع هذا الكيان.
وعلقت حركة النجباء، ابرز الفصائل المسلحة في العراق، اليوم الجمعة، على تحرك حكومة مصطفى الكاظمي نحو اكمال مشروع أنبوب البصرة – العقبة النفطي.
وقال القيادي في الحركة حيدر اللامي، لـ(بغداد اليوم) ان "مشروع أنبوب البصرة – العقبة النفطي، هو بداية مشروع سحب العراق نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني، فهذا المشروع سوف يوصل النفط العراقي الى الكيان الصهيوني عبر الأردن، المطبعة من المحتل".
وبين ان "القوى السياسية الوطنية والجماهير الشعبية، لم ولن تسمح بأي تطبيع مع الكيان الصهيوني، تحت أي مسمى كان، وستقف بقوة لافشال هذا المشروع، ولهذا فإن مشروع أنبوب البصرة – العقبة النفطي لا يمكن تمريره، فهو بداية التطبيع بين العراق وإسرائيل، وهذا ما تريده بعض الأطراف السياسية الداخلية".
من جهته علق المحلل السياسي كريم بذر على المشروع ووصفه بانه كارثة لانه يتعامل مع العراق ارض بلا سكان ويكبل العراق ب (40) مليار دولار ديون سيادية على العراق.. لمد انبوب نفط العراق للاردن الى مصر.. والمقتربات..
واضاف ان المشروع يساعد على تدفق مليوني مصري سني للعراق ضمن مخطط (جعل الشيعة اقلية بمنطقة اكثريتهم بالعراق) وتدفق نفط عراقي لمصر والاردن باسعار مخفضة وبدون مقابل، اذ انه يذكرنا ذلك بالتغيير الديمغرافي في فلسطين بداية القرن الماضي.
الى ذلك اعلن مجلس الشورى لحركة العهد الجديد رفضها القاطع، لأي مشروع سياسي او اقتصادي يضر بمصالح الشعب العراقي الهدف منه استنزاف ثرواته، واهدائها الى دول معادية للشعب العراقي.
واضافت ومن ضمن هذه المشاريع طريق الشام ومشروع استثمار بادية السماوة التي تحاول حكومة تصريف الاعمال التي يرأسها مصطفى الكاظمي، اهدائها الى النظام السعودي دون إرادة الشعب العراقي الرافض لهذه المشاريع.
وعدت ان هذه المشاريع وجدت لتبديد ثروات الشعب العراقي، وفتح البلاد امام الأجهزة الاستخباراتية المعادية للعراق لتنفيذ اجنداتها المشبوهة والسيطرة عليه عن طريق الملف الاقتصادي.
واعلنت تبنيها الكامل وبقوة لإنجاز طريق الحرير، الذي سيحقق التنمية والاعمار ويوفر الحياة الرغيدة للشعب العراقي المظلوم، ويؤكد قدرة العراق على إدارة ثرواته وخيراته واستثمارها لصالح ابناءه بعيدا عن أي اجندة خارجية تريد الاضرار بالعراق وشعبه.
الشام الجديد هو اسم مشروع تعاون عربي يضم الأردن والعراق ومصر، يقوم على أساس التفاهمات الاقتصاديّة والسياسيّة بين هذه البلدان الواقعة في قلب الشرق الأوسط.
تم إطلاقه بصيغته الحاليّة في أيلول 2020 بعد سلسلة من الاجتماعات بين قادة الأطراف الثلاثة.
تعود جذور مشروع الشام الجديد لدراسة أعدّها البنك الدولي في آذار 2014، لكن بخريطة جغرافية أوسع، واشتملت على دول بلاد الشام، سوريا ولبنان والأردن والأراضي الفلسطينيّة، بالإضافة إلى تركيا والعراق ومصر.
كما أُعيد طرح المشروع مرة أخرى في زمن رئيس الحكومة العراقيّة السابق حيدر العبادي، ولاحقًا أطلقت الدول الثلاث آليّة للتعاون بدأت من العاصمة المصريّة القاهرة في آذار 2019، تلتها قمة ثانية في نيويورك في أيلول 2019.
أخذ المشروع زخمًا كبيرًا بعد تبنّيه من قبل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في زيارته لواشنطن في أيلول 2020، ثم خلال الاجتماع الثالث بين قادة الأطراف الثلاثة، والذي جمعه بالعاهل الأردني عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في العاصمة الأردنيّة عمّان بنفس الشهر.
اجتمعت الأطراف الثلاثة للمرّة الرابعة في شهر حزيران 2021 في العاصمة العراقيّة بغداد، وذلك بعد تأجيل القمّة لعدّة أشهر.
خريطة انبوب النفط العراقي الأردني.
يعتمد مشروع الشام الجديد على التعاون الاقتصادي بين الدول الثلاث، حيث يُصدِّر العراق النفط بأسعار تفضيليّة إلى الأردن عبر خط النفط العراقي الأردني المُقتَرح، وإلى مصر عبر ميناء العقبة الأردني، مقابل تزويد العراق بالطاقة الكهربائيّة، واستخدام التكتل البشري الموجود في مصر، كما يعمل هذا المشروع على استقطاب الاستثمارات إلى العراق.
ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي لكل من العراق ومصر والأردن مجتمعين نحو 500 مليار دولار، في حين تصل الكثافة البشريّة فيها إلى نحو 150 مليون شخص.
ويأتي تزويد العراق لمصر والأردن بالنفط، مقابل مشاركة الشركات المصرية والأردنية في عملية إعادة إعمار العراق، وتزويد العراق بالكهرباء، فيما يعرف بالنفط مقابل الإعمار، إضافة إلى استفادة مصر من فائض قدرات التكرير لديها، لتكرير النفط العراقي وتصديره لأوروبا، فيما ستلعب الأردن دور الممر في أغلب هذه المشروعات.