بغداد اليوم _ متابعة
بعد سنوات طويلة استغرقها التحذير من مخاطر محطات الطاقة النووية، تتجه أوروبا لاعتمادها كأحد إمدادات الطاقة الرئيسية في المستقبل، خاصة بعد أن وقَّع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتن رسميًّا، الخميس الماضي، قرار بيع الغاز الروسي بالروبل، مصاحبًا للقفزة الكبيرة في أسعار الطاقة.
وتحتج الدول الأوروبية المستوردة للغاز بأن القرار يخالف العقود الموقعة بين الطرفين، في حين تعتبره موسكو ردًّا مناسبًا على العقوبات الأوروبية الاقتصادية ضدها نتيجة أزمة أوكرانيا.
توسع بريطاني
وستعلن المملكة المتحدة عن خططها لتوسيع مصادر الطاقة لديها هذا الأسبوع، بعد أن أجبرت الحرب في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا وأزمة تكلفة المعيشة البلدان في جميع أنحاء أوروبا على تجديد كيفية توليد الكهرباء وتدفئة المنازل بشكل عاجل.
وقال وزير النقل البريطاني، غرانت شابس، الأحد، إنه يتوقع أن يرى مقترحات لمزيد من المفاعلات النووية، بما في ذلك المفاعلات ذات السعة الأصغر، ولتوسيع نطاق مزارع الرياح البحرية، ومع ذلك فهو لا يدعو إلى وضع المزيد من التوربينات على الشاطئ.
وزير الدولة للأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية، كواسي كوارتنغ، قال إن تفاصيل خطة أمن الطاقة الجديدة في غضون أيام. بالإضافة إلى طاقة الرياح والطاقة النووية.
وأضاف كوارتنغ إن بريطانيا يمكن أن تبني ما يصل إلى 7 محطات جديدة للطاقة النووية بحلول عام 2050 كجزء من التوسع.
وتسعى بريطانيا إلى إنتاج 25 بالمئة من الكهرباء من الطاقة النووية التي تولّد نحو 16 بالمئة من الكهرباء حاليًّا، لكن من المقرر إغلاق العديد من المفاعلات النووية الحالية، وقد يعني هذا الحاجة لضخ استثمارات كبيرة في محطات نووية جديدة، للحفاظ على المستوى الحالي من إنتاج الطاقة النووية، وزيادتها لمستوى قياسي يتخطى ربع استهلاك الكهرباء في البلاد، حسب صحيفة "الغارديان".
وصرح رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون بخصوص استراتيجية جديدة لأمن الطاقة: "الاستراتيجية الجديدة تتطلع إلى التوسع المحلي في إنتاج الطاقة النووية وطاقة الرياح البحرية، لتعزيز استقلالية الكهرباء في البلاد، وخفض تكلفة المعيشة في المستقبل".
الدخول لحيز التنفيذ
وفي حديث تابعته (بغداد اليوم)، لخبراء فالطاقة النووية قد تكون البديل المتاح أمام أوروبا، مع وضع خططٍ على المدى المتوسط للتحوّل نحو الطاقة المتجددة لتجريد روسيا من سلاحها الذي يمسّ الحياة اليومية للأوروبيين ومشروعات التنمية.
وحاليًّا تحصل فرنسا على أكثر من 70 بالمئة من طاقتها الكهربائية مِن محطات الطاقة النووية، وهو ما يثبت حقيقة مفادها بأن الطاقة النووية آمنة وموثوق بها.
وأعلنت وزيرة الطاقة البلجيكية تيني فان دير سترايتين، قبل أيام، أن بلادها يمكن أن تُطيل عمر المحطات النووية لديها، وتؤجل خروجها من الخدمة الذي كان مقررًا عام 2025.
"انتقال الطاقة"
المحلل القبرصي، إيوانيس يوانو، وصف اتجاه أوروبا للاعتماد بشكلٍ أكبر على الطاقة النووية بأنه "عملية الانتقال الطاقي"، وتحدث جنبًا إلى جنب مع الغاز الطبيعي.
وأضاف يوانو أن الاتحاد الأوروبي يتجه نحو أشكال بديلة ضمن استراتيجية طويلة المدى لانتقال الطاقة، وفقًا لتحديات تغيّر المناخ وأشكال الطاقة الأكثر صداقة للبيئة.
وبتعبير الخبير الاقتصادي التونسي، قيس مقني، المقيم في باريس، فأوروبا تلقت "درسًا قويًّا" من الأزمة الأوكرانية، وتبحث في تاريخها عن البدائل؛ لذا جاء التوجه لوقف إغلاق المفاعلات النووية.
الأمان النووي
مجلة "إي إس آي أفريكا" كتبت تقريرًا بعنوان "هل توفر الطاقة النووية النظيفة والخضراء الحل لمشكلات أمن الطاقة في الاتحاد الأوروبي؟" لعالم الفيزياء النووية، الرئيس التنفيذي لشركة "ستراتيك بيزنس استراتيجي كونسالتنتس" في جنوب إفريقيا، كيلفن كيم.
وأجاب كيم بأن عدَّد إيجابيات للطاقة النووية، خاصة استخدامها كمية صغيرة جدًّا من الوقود، وبالمقارنة، فإنه لو كانت محطة كويبرغ للطاقة النووية، في مقاطعة "وسترن كيب" بجنوب إفريقيا تعمل بالفحم، فستستخدم 6 قطارات من الفحم يوميًّا.
وأضاف أن على دول الاتحاد الأوروبي إدراك أنها إذا كانت تريد تحقيق أمن الطاقة، فمن الأفضل أن تسارع إلى بناء محطات الطاقة النووية، مشيرًا إلى أن فرنسا لديها الدليل الذي يثبت صحة هذا المسار وسلامته.