الصفحة الرئيسية / براونزفيل بغداد .. بؤرة العنف والمخدرات والاتجار بالبشر

براونزفيل بغداد .. بؤرة العنف والمخدرات والاتجار بالبشر

بغداد اليوم – تقرير: محمود المفرجي الحسيني

 

براونزفيل .. هو حي يهودي شمالي منطقة بروكلين في ولاية نيويورك الامريكية، وهو يعتبر أخطر مكان في الولاية على مستوى العنف والمخدرات والسرقات والجريمة المنظمة، وتجارة الجنس في الأندية الليلية.

 

رغم امتلاك الولايات المتحدة الامريكية، اكبر واشرس جهاز امني في العالم، الا ان هذا الجهاز لم يستطع انهاء الجرائم التي تجري في المنطقة او السيطرة على ما يجري فيها، فكيف بالقوات الأمنية العراقية التي تحاول جاهدة السيطرة على هذا حي البتاوين.

 

وسط بغداد، على بُعد بضعة أمتار من نصب الحرية، تقع منطقة البتاويين (براونزفيل بغداد) التي تنحصر بين شارع "أبو نواس" الشهير ونهر دجلة غرباً، وتحدها ساحة التحرير شمالاً، ومنطقة الكرادة جنوباً، وتتمركز في وسطها أشهر دور السينما والفنادق والمحال التجارية والشركات الضخمة بمختلف أنواعها، القائمة على جانبي شارع السعدون الذي يقطعها ممتداً من ساحة الفردوس إلى ساحة التحرير، وتتوسطها ساحة النصر التي تمثل أكبر تجمع للاختصاصات الطبية في البلاد.

 

كان حي البتاويين يمثل أيقونة التنوع السكاني المتعايش في المجتمع العراقي، فاليهود إلى جانب المسيحيين والمسلمين والأكراد شكّلوا ملامحه. لكن سرعان ما أخذ سكانه الأصليون بالهجرة بداية تسعينيات القرن الماضي، حين بدأ الحصار يعصف بالعراق. فتحولت المنطقة إلى سكن للشباب الوافدين من الجنوب بحثاً عن العمل، بعدما لم يتبقّ فيها سوى بعض سكانها الأصليين.

 

تخضع مباني الحي لرقابة أمانة بغداد التي لا تسمح بالبناء أو بالترميم أو بالبيع كونه منطقة تراثية، إذ تتميز أغلب شوارعه بالشناشيل. ونتيجةً لهجرة السكان، أمست مبانيه مهجورة تملأها النفايات، وتزكم الأنوف بروائحها الكريهة. المشهد يوحي بأن إمكانية العيش في هذه المنطقة شبه مستحيلة، ما ساعد على تحولها تدريجياَ إلى دولة مصغرة يحكمها تجار الممنوعات.

 

 إن الولوج من شارع السعدون الرئيسي نحو الأزقة الضيقة للبتاوين أمرٌ لا يخلو من المخاطرة إذا كان الزائر غريباً. دورة حياة المنطقة لا تسير بانسيابية، وهناك نظام هرمي لإدارة كل شيء هنا، يمثل الأطفال قاعدته لاستخدامهم كعيون تنقل كل شاردة وواردة. فبيع المخدرات وحبوب الهلوسة والمشروبات الكحولية ومنازل الدعارة بالإضافة إلى المتاجرة بالأعضاء البشرية.. هي رأس المال للمضاربة في بورصة البتاوين.

 

بيع المخدرات وحبوب الهلوسة والمشروبات الكحولية ومنازل الدعارة بالإضافة إلى المتاجرة بالأعضاء البشرية.. هي رأس المال للمضاربة في بورصة البتاوين

 

الدخول هناك يعني البحث عن شيء، فيبدأ الجميع بعرض خدماته، بين من لا يجد حرجاً في أن يعرض عليك الدخول لبيوت البغاء مقدماً إغراءاته بعمر ومواصفات العاملات اللواتي بمعيته، وبين من ينتظر للتأكد من هويتك، فالحذر قائم بحسب خطورة ضالتك.

 

الحصول على كمية كبيرة من المخدرات أو طلب أعضاء بشرية يتطلب مُعرِّفاً يضمنك وسلسلة من الإجراءات البوليسية. ولا سلطة تعلو سلطة تجارها، فلكل شيء ثمن وفق دستور هؤلاء، حتى القانون يصبح مطاطياً بوجود المال والسلاح.

 

وعلى الرغم من مداهمات الشرطة المستمرة، لكنها لا تسيطر على الوضع، وتُعد تلك المنطقة الأخطر ضمن تصنيف قيادة عمليات بغداد، التي تعتمد على الجهد ألاستخباري الضئيل مقارنةً بمستوى الجريمة فيها.

 

موجات سديمية من الأطفال منطلقة من فندق بانياس وسط المنطقة تغزو تقاطعات وشوارع العاصمة بغداد للتسول بشتى الطرق، بين بيع العلكة وتنظيف زجاج السيارات وصبغ الأحذية. يحلِّقون كأسراب نحل كل مجموعة من ثلاثة إلى أربعة أطفال تتأرجح أعمارهم بين أربع وست سنوات مع يافع يقودهم. يعودون إلى الفندق مع عودة الشمس إلى مخدعها، فيما تتنوع أعمال الأمهات بين الدعارة والتسول والعمل في المقاهي والنوادي الليلية. 

 

الكثير من الأطفال مجهولو الأب. العامل المشترك لأولئك النسوة هو النزوح من المحافظات العراقية بسبب الفقر أوالبحث عن عمل، بالإضافة إلى من هربن بسبب "غسل العار" الذي يؤدي إلى قتلهنّ وفق العرف الاجتماعي لتلك المحافظات. فالهروب والوصول إلى بغداد يجعل الهارب فريسة سائغة لسماسرة النساء المنتشرين في مرائب السيارات والباصات الرئيسية، حيث يُستدرجن إلى أماكن البغاء.  ويُجبرن على العمل مع "مستقبليهن" بعد أن يسحب هؤلاء أوراقهن الثبوتية ويعرفوا عناوينهن الحقيقية، فيقعن تحت التهديد خوفاً من الاتصال بذويهن.

 

واذا كان حال البتاوين بهذا الشكل، فهذا لا يعني ان النظام السابق المنحل كان مسيطرا عليه، فحال هذا الحي هو نفسه ولم يتغير، لكن بشكل اشد في زماننا الحالي.

 

عثرت قوات الأمن العراقية، الشهر الماضي، على جثة امرأة سورية الجنسية مرمية على أحد أرصفة منطقة البتاوين وسط العاصمة بغداد.

 

وقال مصدر أمني، لـ (بغداد اليوم)، أن "المرأة السورية التي وجدت مرمية على الرصيف قرب فندق المدينة المنورة ضمن منطقة البتاوين، تمتهن التسول في شوارع بغداد".

وأضاف المصدر، أن "بعد كشف الدلالة، تبين أن وفاة المتسولة السورية كانت طبيعية".

 

ويقر نقيب في شرطة الرصافة ببغداد بمسألة تحول بتّاوين إلى وكر لعصابات القتل، ومافيات الخطف والاتجار بالمخدرات والجنس، مبينا أن السلطات الأمنية العليا تعلم بذلك جيدا.

 

وتابع “لا يمر يوم واحد دون أن نسمع عن حدوث جريمة جديدة في بتّاوين”، مؤكدا أن أغلب هذه الجرائم تقع خلال الليل.

 

وأشار إلى أن قوات الشرطة غالبا ما تتواجد هناك خلال النهار، إلا أنها تتوزع لأداء مهام أخرى أثناء الليل، وهو أمر تستغله العصابات لتنفيذ جرائمها، مشددا على ضرورة إيجاد حل سريع لهذه الأزمة.

 

وأضاف أن “القوات العراقية التي تمكنت من دحر تنظيم داعش الإرهابي، ستكون قادرة بالتأكيد على السيطرة على عصابات تعمل في حيّ محدد ومعروف من قبل الجميع”، مبيناً أن الحل الأنسب هو تنفيذ عمليات مداهمة لأوكار العصابات، فضلاّ عن وضع قوة خاصة تبقى مرابطة في بتّاوين ليلاً ونهاراً، لا سيما قرب الفنادق، والأماكن المهمة القريبة من المنطقة.

 

ويقول احد أصحاب المحلات في المنطقة، ان نشاط العصابات في النهار، يعمل على استقاب السذج في حديقة الامة وساحة التحرير وسط بغداد.

 

وقال لـ (بغداد اليوم)، ان "عدد من تجار المخدرات والجنس، يتواجدون على الاغلب في النهار في ساحة الامة، لعرض بضاعتهم اما بصورة سرية او بصورة علنية على معارفهم ومرتاديهم بشكل منظم.

 

وأضاف، ان "تجارة الجنس والمخدرات في المنطقة من اكثر الجرائم ممارسة في البتاوين، وهي جدا رائجة فيها، مشيرا الى، ان "بعض الجرائم تحدث عن طريق استدراج بعض المراهقين بحجة تجارة الجنس في المنطقة، وعند دخولها يتعرضون للاذى واخذ ما في جيبوهم".

 

وتقوم وزارة الداخلية بين الفينة والأخرى بحملة اعتقالات لعدد من المتهمين بمواد قانونية مختلفة في منطقة البتاوين وسط العاصمة بغداد.

 

وأوضحت الوزارة في بيان سابق أن “هذه العملية جاءت على وفق معلومات استخبارية دقيقة، ونفذتها قوة مشتركة من وكالة الاستخبارات، وفرقة الرد السريع”.

 

وأضاف البيان، أن “العملية تهدف إلى فرض هيبة الدولة وإنفاذ القانون وتفتيش هذه المنطقة ومداهمة أوكار المتاجرين ومتعاطي المخدرات والبحث عن المطلوبين المتورطين بحالات الخطف والتسليب، فضلا عن إغلاق صالات القمار ومحال الخمور والفنادق غير المرخصة، وأماكن الدعارة والمتاجرة بالبشر، وضبط الأسلحة غير المرخصة”.

 

وتابع، أن “العملية أسفرت عن إلقاء القبض على عدد من المتهمين بمواد قانونية مختلفة”.

 

الى ذلك اكد مصدر امني، ان ، البتاوين هي اخطر منطقة في بغداد، لانها تحتضن جميع الجرائم والممنوعات، مثل التجارة بالخدرات والاتجار بالبشر، وممارسة الجريمة المنظمة.

 

وقال لـ (بغداد اليوم)، ان "وزارة الداخلية تقوم بين فترة وأخرى، بعمليات امنية كبيرة في المنطقة، مشيرا الى ان استخبارات الوزارة غير بعيدة عما يجري في المنطقة، فهي تمتلك عناصر تراقب الوضع في المنطقة عن كثب".

 

وأضاف، ان "دوريات الوزارة في النهار تقوم بحماية المنطقة قدر الإمكان، اما في الليل فهي تعتمد على الجهد الاستخباراتي الذي يرصد كل الخروقات التي تمارسها عصابات الجريمة بمختلف مستوياتها".

 

وتابع، ان "هناك مسألة أخرى تخص عدد من الأجانب المتواجدين في المنطقة بدون تصاريح رسمية، حيث تقوم الوزارة بين فترة وأخرى بالقبض عليهم وفق الأطر القانونية المتبعة لمديرية الإقامة".

 

وفي نهاية العام الماضي، أشرف وزير الداخلية عثمان الغانمي، على حملة أمنية كبرى في منطقة البتاوين وسط بغداد.

 

وجاءت هذه العملية وفق معلومات استخبارية دقيقة، حيث نفذت قوة مشتركة من وكالة الاستخبارات، وفرقة الرد السريع ، والتي تهدف إلى فرض هيبة الدولة وإنفاذ القانون وتفتيش هذه المنطقة ومداهمة أوكار المتاجرين ومتعاطي المخدرات والبحث عن المطلوبين المتورطين بحالات الخطف والتسليب، فضلا عن إغلاق صالات القمار ومحال الخمور والفنادق غير المرخصة، وأماكن الدعارة والمتاجرة بالبشر، وضبط الأسلحة غير المرخصة".

 

وقد أسفرت تلك العملية عن إلقاء القبض على عدد من المتهمين بمواد قانونية مختلفة.

17-02-2022, 13:09
العودة للخلف