بغداد اليوم – تقرير : محمود المفرجي الحسيني
صنع العراق ما عليه صنعه، والتزم بتعهداته واكمل اخر دفعة من الديون الكويتية بذمة العراق، على خلفية غزو رئيس النظام السابق المنحل صدام حسين للكويت، والتي على اثرها تكبل العراق بمجموعة من القرارات الصادرة من مجلس الامن، من بينها الزام العراق بدفع الديون الكويتية نتائج خسائرها من الغزو.
وأصدر مجلس الأمن خلال الأعوام من 1990 - 2000 ثلاثة وخمسين قراراً خاصاً بحالة العراق، أهمها قرار فرض الحصار على العراق، وقرار إخراج العراق من الكويت ولو باستخدام القوة، وقرار النفط مقابل الغذاء.
وكان أول هذه القرارات هو القرار رقم 660 الذي صدر في 2/8/1990 وهو نفس اليوم الذي دخلت فيه القوات العراقية الأراض الكويتية، دعا فيه العراق الخروج من الكويت مباشرة وبدون شروط، ثم اتخذ قرارات عدة تفرض عقوبات اقتصادية، بالاضافة الى تدمير أسلحة العراق، ثم كان قرار النفط مقابل الغذاء لتخفيف آثار الحصار على الشعب العراقي.
واتخذ مجلس الأمن الدولي سبعة عشر قرارا متعلقا ببرنامج النفط مقابل الغذاء، بدأ أولها في الرابع عشر من نيسان 1995 وهو القرار رقم 986، وبعد ذلك اتخذ عدة قرارات تتابع تطبيق هذا قرار 986 وتمدد فترته كل ستة أشهر، وهي كالآتي: القرار (1051)، القرار (1111)، القرار (1129)، القرار (1143)، القرار (1153)، القرار (1158)، القرار (1175)، القرار (1210)، القرار (1242)، القرار(1266)، القرار (1275)، القرار (1280)، القرار (1281)، القرار (1284)، القرار (1293)، القرار (1302). بعد عزو العراق ورفع الحصار والعقوبات المفروضة عليه تغيرت طبيعة القرارات المتخذة بخصوصه.
وأعلن البنك المركزي العراقي، أكمال الدفعة الاخيرة المتبقية من تعويضات الكويت والبالغة 44 مليون دولار.
وذكر البنك في بيان، أنه "تم إكمال دفع الدفعة الأخيرة المتبقية من تعويضات دولة الكويت البالغة 44 مليون دولار أمريكي، وبذلك يكون العراق قد أتم سداد كامل مبالغ التعويضات التي اقرتها لجنة الأمم المتحدة للتعويضات التابعة لمجلس الأمن الدولي بموجب القرار (687) للعام 1991، بمجموع (52.4) مليار دولار أمريكي لدولة الكويت".
وعبر عن امله، أن "يسهم إنهاء دفع التعويضات إلى إخراج العراق من البند السابع، فضلا عن أثره في إعادة دمج النظام المصرفي العراقي بالنظام المصرفي العالمي والإفادة من الوفرة المالية التي ستتحقق".
الى ذلك استقبلت الكويت هذا الامر بترحيب كبير، وعدت اكمال العراق لدفع الديون التي بذمته، تطوير كبير من شأنه ان ينقل العلاقات العراقية – الكويتية، الى افاق أساسها الثقة والعلاقات الأخوية المتكافئة.
وقال الإعلامي الكويتي أحمد البدري، لـ (بغداد اليوم)، ان "اكمال العراق لدفع الديون التي بذمته للكويت، من شانه ان يعزز العلاقة بين البلدين، ويفتح قنوات اقتصادية، اجتماعيه وتجارية، سترمي بالفائدة لصالح البلدين الشقيقين".
وأضاف، ان "هذا الامر سيعزز الروابط التاريخية التي تربط العراق بالكويت، اذ ان هاتين الدولتين من أكثر الدول في العالم تربطهم أواصر أخوة وصداقات ومصاهرة".
اما وجهة النظر العراقية المختصة بالملف الاقتصادي، فعدت انهاء العراق لملف التعويضات للكويت، بانها صفحة جديدة في الاقتصاد العراقي.
وقال المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد الصالح، لـ (بغداد اليوم)، إن "العراق انهى ملف تعويضات حرب الكويت ودفع اخر مستحقاتها، وبهذا سدد العراق كافة التزاماته التي فرضت عليه بموجب قرارات الأمم المتحدة التي فرضت عليه عام 1991 بسبب الحرب على الكويت".
وأضاف، ان "التعويضات كلفت العراق من الناتج المحلي الإجمالي ومجهودات اقتصاده، بحوالي 52.4 مليار دولار وهذا المبلغ ليس بالقليل، وهو كاف لبناء منظومة شبكة كهرباء تنعش العراق لسنوات طويلة، لكن هذا قدرنا بان يتحمل الشعب العراقي نتائج حرب طائشة".
وعدّ، ان "اكمال العراق لملف التعويضات، هو صفحة جديدة في تاريخ العراق الاقتصادي، فهي كلفت البلد يوميا من 6 – 7 مليون دولار، وهذا المبلغ بالقياس الى صادرات نفط العراق الحالية، اكثر من ملياري دولار سنويا، وهي ستضاف الى موازنة مجهودات العراق وستسد باب من أبواب الصرف، معبرا عن تمنياته، ان "تذهب الى التنمية والمشروعات الاستثمارية المشغلة للقوى العاملة والمنتجة للنفط".
وتابع، ان "أهمية اغلاق ملف التعويضات هو بداية لاغلاق، بقايا الفصل السابع ، فالعراق فرض عليه قرابة 40 قرارا من مجلس الامن على اثر حرب الكويت، وكبل تماما".
لكنه توقع ان "يصدر مجلس الامن قرار لاخراج العراق من الفصل السابع في بداية العام المقبل"، مبينا ان "قرارات مجلس الامن ، اعتبرت العراق دولة معتدية، بخلاف شعبها الذين يحب السلام".
وعلى السياق ذاته، عد الخبراء الاقتصاديون العراقيون، ان انهاء ملف التعويضات في حرب الكويت، هو بداية اقتصادية جديدة للعراق.
وقالت الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم، لـ (بغداد اليوم)، إن "انهاء ملف التعويضات في حرب الكويت، هو بداية اقتصادية جديدة للعراق، ستخفف الأعباء المالية عن كاهل العراق".
وأضافت، ان "هذا الامر سيوفر وفرة مالية يمكن توجيهها للتنمية (فيما لو أرادت السلطات ان تحقق التنمية)، وستعزز موقف العراق في الاندماج مع النظام المالي العالمي والخروج من البند السابع".
وتعرض العراق الى حصار دولي، نتج عن قرار الأمم المتحدة رقم 661 الذي صدر في يوم 6 آب 1990 نتيجة الغزو العراقي للكويت.
ونص على اقرار عقوبات اقتصادية خانقة على العراق لتجبر نظامه الحاكم آنذاك على الانسحاب الفوري من الكويت. وقد تلى هذا القرار عشر قرارات متتالية تقريباً، تحذره من عواقب بقائه بالكويت وتحديه للمجتمع الدولي.
وقد عانى العراقيون الأمرّين من هذه العقوبات التي حرمتهم من الغذاء والدواء، فضلاً عن كل وسائل التقدم والتكنولوجيا التي وصل إليها العالم في حقبة التسعينات من القرن الماضي، مما أدى إلى وفاة مليون ونصف مليون طفل نتيجة الجوع ونقص الدواء الحاد وافتقادهم إلى ابسط وسائل الحياة.
هذه العقوبات اضطرت بالكثير من العراقيين للهجرة إلى دول الجوار والمهجر بحثاً عن الأمان والحياة والتطور.
أستمر هذا الحصار قرابة 13 عام حيث انتهى عملياً بسقوط نظام حزب البعث المنحل سنة 2003، وعانى فيها العراق من عزلة شديدة من معظم دول العالم سياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً، وأصبح بعدها من أكثر دول المنطقة تأخراً وخاصة بعد السنوات التي تلت حرب الخليج الثانية، حيث دمرت بنيتهُ التحتية من مصانع ومصافي ومحطات توليد ومحطات المياه والمجاري، والتي عاد بها إلى حقبة" ما قبل الصناعة" كما قال جيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكي وقتها.
يشار انه كان للعراق منفذ وحيد طيلة أيام الحصار وهو ميناء العقبة الأردني (والذي كان أيضاً منفذه خلال فترة حرب الخليج الأولى)، فكان العراق يصدر النفط للأردن بأسعار تفضيلية مقابل فتح حدوده لدخول البضائع المستوردة للعراق، فكان انموذج رائع للتعاون الاقتصادي بين البلدين العربيين الجارين.
تزامن هذا القرار الدولي مع قرار آخر تلاه ينص على حظر الطيران في مناطق العراق الجنوبية والشمالية ومنع الطائرات من التواصل بين بغداد ومدن العالم الخارجي، وتم كسر هذا الحظر في سنة 2002 عندما بدأت طائرات عربية وروسية بالوصول لمطار بغداد الدولي، حيث استؤنفت بعدها الرحلات الجوية من بغداد وبعض العواصم المجاورة.
عندما وافق العراق على قرار مجلس الأمن رقم 687، عمل نظامه مع لجان التفتيش، ولكن في النهاية اعتبرت لجان التفتيش أن العراق لم يمتثل لشروط نزع السلاح. ونتيجة لذلك، واصل مجلس الأمن فرض عقوبات اقتصادية ضد العراق، واتُهِم العراق بانتهاك التزاماته فترة التسعينات، بما في ذلك اتهامه في عام 1993 بتدبير خطة لاغتيال الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأب، واستقالة رئيس لجنة الأمم المتحدة الخاصة ريتشارد بتلر (يونسكوم - UNSCOM)في عام 1998 بعد أن ادعت الحكومة العراقية أن بعض المفتشين كانوا جواسيس لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
وفي مناسبات عديدة، قام مجلس الأمن بتمرير عدد من القرارات التي تفرض على العراق شروطاً مشددة للحد من انتشار الأسلحة وإضعافه سياسياً واقتصادياً.
كان لفرض الحصار على العراق نتائج وخيمة، إذا تسبب في تدمير اقتصاد البلد وتراجع المستوى الصحي والتعليمي وتسبب في كارثة إنسانية بسبب نقص الغذاء والدواء، وقد رفض العراق قراري مجلس الأمن رقم 706 و712 اللذين يسمحان للعراق ببيع النفط في مقابل الحصول على مساعدات إنسانية. لكن العراق وافق لاحقاً وقد تحولت في وقت لاحقاً على قرار مجلس الأمن رقم 986 الذي أقر برنامج النفط مقابل الغذاء.
وعلى مر السنين، ونشرت الولايات المتحدة قوات برية على الحدود العراقية، وقامت بقصف العراق عام 1996 عندما اجتاحت القوات العراقية أربيل أثناء الحرب الأهلية الكردية بطلب من مسعود بارزاني في محاولة للضغط على الحكومة العراقية للامتثال لقرارات الأمم المتحدة.
وبعد توالي الضغط الأمريكي المتكرر على العراق، عقدت وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت ووزير الدفاع الاميركي وليام كوهين ومستشار الأمن القومي الأميركي ساندي بيرغر اجتماعاً في قاعة تاون الدولية لبحث الحرب المحتملة مع العراق، ويبدو أن هذه الحرب لا تحظى بدعم شعبي.
وفي أكتوبر 1998، وقع الرئيس الاميركي بيل كلينتون على قانون تحرير العراق، داعياً إلى "تغيير النظام" في العراق، ووجهت أمريكا ضربة عسكرية في عام 1998 سميت بعملية ثعلب الصحراء. وأدت هذه العملية إلى تقليص تعاون العراق مع قرار مجلس الأمن رقم 1284 عام 1999، الذي حل اللجنة الخاصة (يونسكوم UNSCOM) وشكل لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش (أنموفيك - UNMOVIC).
قدمت إدارة جورج دبليو بوش عدداً من الإدعاءات ضد العراق، بما في ذلك حصول العراق على اليورانيوم من النيجر وان العراق لديه أسلحة سرية في المختبرات المقطورات ومرافق معزولة في جميع أنحاء العراق، ولم تثبت أياً من هذه الادعاءات، بل أثبت كذبها. ووافق صدام حسين تحت ضغط من الولايات المتحدة والأمم المتحدة على السماح للمفتشين بالعودة إلى العراق في عام 2002، ولكن بحلول ذلك الوقت كانت إدارة بوش قد بدأت بالفعل في التحضير من أجل الحرب.
في يونيو 2002، غيرت عملية المراقبة الجنوبية إلى عملية التركيز الجنوبية وقصفت مواقع في مختلف أنحاء العراق.
دخل فريق وكالة المخابرات المركزية العراق لأول مرة يوم 10 يوليو عام 2002. ويتكون هذا الفريق من وكالة المخابرات المركزية النخبة، قسم النشاطات الخاصة والجيش الأمريكي النخبة، قيادة العمليات الخاصة المشتركة (JSOC). معا، مستعدين في ساحة المعركة من البلاد بأسرها لقوات الولايات المتحدة عسكريا تقليديا.
وبذلت الجهود لتنظيم قوات البيشمركة الكردية لتصبح الجبهة الشمالية للغزو ولهزيمة أنصار الإسلام في شمال العراق قبل الغزو ثم قوات الجيش العراقي في الشمال.