بغداد اليوم - بغداد
أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه البالغ من مواجهة أوقاتا أكثر صعوبة في المستقبل، إذا لم تتحسن الأمور بسرعة، فيما اشار إلى أن جائحة كوافيد-19 لن تختفي وقد أصبح من الواضح أن اللقاحات وحدها لن تقضي على الجائحة.
وعقد غوتيريش مؤتمرا صحفياً بالتزامن مع اقتراب نهاية العام، عبر تقنية الفيديو، قبيل توجهه إلى لبنان، يوم الأحد، في زيارة تضامنية مع الشعب اللبناني، الذي عانى لفترة طويلة، تأتي بدعوة من الحكومة اللبنانية.
وقال الأمين العام "إننا نقترب من نهاية عام صعب اشتدت فيه جائحة واستمر عدم المساواة في الارتفاع، وتنامى العبء على البلدان النامية بصورة أثقل - مع تناقص الموارد اللازمة للتعافي، وارتفاع التضخم وتزايد الديون".
وأوضح: "ما زلنا بعيدين عن المسار الصحيح فيما يتعلق بمعالجة أزمة المناخ التي تشكل عاملا آخر يضخم الظلم وعدم المساواة على الصعيد العالمي".
وأكمل الأمين العام إن "اللقاحات تجنب الناس دخول المستشفيات والموت بالنسبة للغالبية التي تتلقاها وتبطئ انتشار الفيروس، لكن انتقال الفيروس لا يظهر أي علامة على التوقف، وهذا ناتج عن عدم المساواة في اللقاحات والتردد والرضا عن الذات".
وأشار إلى أن الأمم المتحدة حشدت كامل جهودها من أجل الاستجابة لجائحة كـوفيد-19 والتعافي من آثارها، لافتا إلى تقرير جديد أصدرته الأمم المتحدة، الخميس، يوضح بالتفصيل "جهودنا خلال العام الماضي في جميع القطاعات - من الصحة إلى العمل الإنساني إلى العمل الاجتماعي والاقتصادي".
وكانت منظمة الصحة العالمية، قد أعلنت قبل شهرين، عن استراتيجية لتطعيم 40 في المائة من الناس في جميع البلدان بحلول نهاية العام، و70 في المائة، بحلول منتصف العام المقبل.
واردف الأمين العام إن تلك الاستراتيجية تتطلب الالتزام الكامل من الدول الأعضاء - خاصة تلك التي لديها قدرات إنتاج لقاحات أو إمدادات كبيرة.
ولكن بعد أيام فقط من الموعد النهائي لهدف 40 في المائة، لم تتمكن 98 دولة من تحقيق هدف نهاية العام هذا.
واستطرد "ولم تتمكن 40 دولة، حتى الآن، من تطعيم 10 في المائة من سكانها. وقد تم تطعيم أقل من 4 في المائة من السكان بشكل كامل في البلدان منخفضة الدخل. ومعدلات التطعيم في الدول ذات الدخل المرتفع أعلى 8 مرات منها في دول أفريقيا".
وبالمعدلات الحالية، حذر الأمين العام من أن أفريقيا لن تحقق عتبة 70 في المائة حتى آب 2024.
وتابع الأمين العام إن عدم المساواة في اللقاحات يعطي المتغيرات حرية الانتشار بصورة مكثفة تدمر صحة الناس والاقتصادات في كل ركن من أركان العالم، وقال "لا يمكننا هزيمة الجائحة بطريقة غير منسقة".
وشدد على أنه يتعين على البلدان اتخاذ إجراءات ملموسة في الأيام المقبلة لإحراز تقدم أكبر لتحقيق هدف منظمة الصحة العالمية البالغ 40 في المائة، وأن تكون أكثر طموحا في جهودها للوصول إلى 70 في المائة من الناس في جميع البلدان بحلول منتصف عام 2022.
وفي الوقت نفسه، تتعرض البلدان والاقتصادات لضغوط من جميع الجوانب - خاصة في العالم النامي، وفقا للأمين العام الذي قال إن الجهود غير المتوازنة للتعافي من كـوفيد -19 تعمل على تسريع التفاوتات وزيادة الضغوط على الاقتصادات والأفراد.
وفقا لغوتيريش، حشدت الاقتصادات المتقدمة ما يقرب من 28 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي في الانتعاش الاقتصادي. وقال "فبالنسبة للبلدان متوسطة الدخل، يبلغ هذا الرقم 6.5 في المائة، أما البلدان الأقل نموا فتبلغ النسبة المخصصة للتعافي بها 1.8 في المائة فقط".
وحذر أمين عام الأمم المتحدة من أن تخلف البلدان ذات الدخل المنخفض والتي تتحمل بالفعل تكاليف اقتراض أعلى بكثير عن سداد الديون سيصبح أمرا حتميا.
واعتبر إن "الحاجة إلى خدمة ديون متزايدة التكلفة وباهظة الثمن ستترك للبلدان النامية القليل من الحيز المالي اللازم للتعافي، وخلق فرص العمل، والعمل المناخي، وإعادة تصور التعليم وإعادة تشكيل وتدريب العمال، وأكثر من ذلك بكثير. يعمل النظام المالي العالمي اليوم على تحفيز التفاوتات وعدم الاستقرار، على حد تعبيره".
وقال إن "النظام المالي العالمي يسمح لوكالات التصنيف الائتماني بتقويض مصداقية البلدان النامية التي تتمتع بآفاق نمو جيدة واحتياجات تنموية حيوية"، مشيرا إلى أن المؤسسات المالية الدولية وحدها لا تملك القدرات الكافية.
وفي غضون ذلك، أشار غوتيريش إلى استمرار التفاوتات في الاتساع. وقال: تستمر الاضطرابات الاجتماعية والاستقطاب في النمو، والمخاطر تتزايد باستمرار.
واضاف "ويمثل ذلك قنبلة موقوتة بالنسبة للاضطرابات الاجتماعية وعدم الاستقرار. إنه يشكل خطرا واضحا وقائما على المؤسسات الديمقراطية".
وشدد الأمين العام على أن "الوقت قد حان لنفترض بوضوح الحاجة إلى إصلاح النظام المالي الدولي"، مشيرا إلى أن "التحديات التي أشار إليها اليوم تكشف عن فشلين في الحوكمة يمثلان أيضا فشلا أخلاقيا".
وأكمل "لدينا مشكلة حوكمة خطيرة فيما يتعلق بالوقاية من الأوبئة والكشف عنها والاستجابة لها، ولدينا مشكلة حوكمة خطيرة فيما يتعلق بالنظام المالي الدولي".
وأعرب أمين عام الأمم المتحدة عن تصميمه على "ضرورة أن يكون عام 2022 العام الذي نعالج فيه أخيرا أوجه القصور في نظامي الحوكمة هذين".
وبإجراء تلك الإصلاحات التي تمس الحاجة إليها، قال "إننا سننتقل إلى عالم أكثر عدلا وسلما واستدامة. نحن نعلم كيف نجعل عام 2022 عاما جديدا أكثر سعادة وأكثر تفاؤلا. يجب أن نبذل كل ما في وسعنا لتحقيق ذلك".