بغداد اليوم-متابعة
أحد أكثر الأعمال الدرامية والأفلام والمسلسلات رواجاً وشهرةً تلك الأعمال التي تتناول العمليات الخاصة لعصابات المافيا الأشهر حول العالم، إضافة إلى أسرار حياتهم ومدى نفوذهم أو قدرتهم على إتمام عملياتهم الإجرامية بحنكة استثنائية.
ومن بين النفوذ الذي تحرص عصابات المافيا على حمايته "بأي ثمن"، سلطتهم على تجارات وأعمال محددة في مدينتهم؛ لكي يتمكنوا من فرض سيطرتهم وتحقيق مكاسب مادية و"استراتيجية" أيضاً.
أهمية استثمار المافيا في الأعمال التجارية المشروعة
لطالما استثمر المجرمون المنظمون بأمريكا والدول الأوروبية، في الأعمال المشروعة كقاعدة لإجراء العمليات المشبوهة، ووسيلة لغسيل الأموال من أرباح الأنشطة غير المشروعة مثل الاتجار بالمخدرات وتجارة الأسلحة والبغاء والتهريب والتزوير والسرقة.
وتفضل المافيا الأعمال غير المنظمة أو القائمة على النقد الورقي، والمُعدة للقيام بأشياء يتجنبها أعضاء المجتمع المهذب.
على سبيل المثال، أصبحت إدارة النفايات مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالجريمة المنظمة، لدرجة أن مصطلح "طاقم الصرف الصحي" في بعض الولايات الأمريكية قد يكون أيضاً مرادفاً لكلمة "مافيا".
وفي العصر الرقمي، أصبح القانون أكثر مهارة في القبض على هؤلاء المجرمين، وتصدرت مجموعة كبيرة من قضايا الاتهام البارزة عناوين الصحف العالمية.
وبحسب موقع How Stuff Works، يقال إن العضوية في المافيا الإيطالية، المعروفة أيضاً باسم La Cosa Nostra، قد انخفض إلى 3000 في إيطاليا و3000 أخرى بالولايات المتحدة.
كما أن عمليات القتل المتعلقة بالجريمة المنظمة، على يد المافيا في إيطاليا، انخفضت بنسبة 80% بين عامي 1992 و2012.
أما في عام 2020، فوقعت 28 جريمة قتل فقط في إيطاليا مرتبطة بالمافيا، مقارنة بـ527 جريمة قتل بين عامي 1988 و1992.
ويقول مسؤولو إنفاذ القانون في الولايات المتحدة الأمريكية، إن الجريمة المنظمة العنيفة انخفضت في أمريكا أيضاً.
ومع ذلك، بينما تضاءلت الأنشطة الإجرامية التقليدية، تكيفت المافيا مع العصر ووجدت طرقاً مختلفة لتزدهر وتندمج في اقتصاد اليوم. صحيحٌ أنه قد تكون لها مكانة أقل، ولكن في بعض الصناعات (والغرف الخلفية السياسية) لاتزال المافيا تسيطر.
فيما يلي، بعض أكثر الأعمال والصناعات التي اشتهرت المافيا بالسيطرة عليها.
صناعة الأجبان في أوروبا وأمريكا
نعم، كان للمافيا دائماً يد في صناعة منتجات الألبان، وفقاً لما قاله جافين شميت، مؤلف كتاب The Milwaukee Mafia: Mobsters in the Heartland.
وقال شميت في كتابه: "كان رجال مدينة ميلووكي بولاية تكساس الأمريكية يمتلكون شركة جراند تشيز، وهي شركة منتجة وموزعة للأجبان الوطنية. وقد تم استخدام الشركة لغسيل الأموال".
وفي الخمسينيات والثمانينيات من القرن الماضي، كان يُشتبه بشدة في أنها تساعد في استيراد الهيروين، على الرغم من عدم اتهام أحد بأي تهمة.
وقد بدأ عمل المافيا في هذا المجال نحو عام 1940، حيث جرى قتل كثير من المساهمين الآخرين في تصنيع الألبان؛ لكي يحتكروا هذا المجال.
واليوم، لا يزال هناك أشخاص يسيطرون على صناعات الألبان في أمريكا، ويذكر مكتب التحقيقات الفيدرالي أنهم كانوا أعضاء في عصابات المافيا سابقاً، وفقاً لموقع Mental Floss للمنوعات.
أسطوانات الموسيقى
اشتهر مجال التسجيلات الفنية في الولايات المتحدة الأمريكية بسيطرة عصابات المافيا عليه. وفي الثمانينيات كان بعض أعضاء المافيا يشترون مصانع ضغط الأسطوانات، ويصنعون نسخاً من التسجيلات الأصلية ويبيعونها بأسعار منخفضة للغاية.
وبطبيعة الحال، يُعتقد أنه كان يتم استخدام هذا المجال لغسيل أموال العمليات المشبوهة في تجارة المخدرات والسرقة.
سيطروا على صناعة الترفيه في هوليوود
اشتهر مقر مافيا شيكاغو المعروفة باسم The Outfit، بمدينة ويندي، لكن قوتهم ونفوذهم الحقيقي في مدينة تينسل تاون.
وبحسب موقع Mental Floss، فقد أصبحوا مالكين جزئيين لاستوديوهات الأفلام، وشقُّوا طريقهم إلى نقابات عمال الأفلام السينمائية أيضاً، مثل اتحاد عمال المسرح.
وفي عام 1943، تم القبض على عصابة The Outfit بشكل فاضح في عملية ابتزاز صناعة السينما بهوليوود، وحينها تم إرسال العديد من أعضائها، وضمن ذلك رئيسها بول ريكا، إلى السجن، لكنه تمكن من الخروج بعد أن قضى 3 سنوات فقط.
تجارة نقل وتصريف المخلفات
تعود الصلة بين صناعة نقل القمامة والجريمة المنظمة إلى عقود ماضية.
وفي الولايات المتحدة، كانت مافيا "La Cosa Nostra" الإيطالية جزءاً من نظام الصرف الصحي التجاري في نيويورك منذ الخمسينيات، وكان يتم نقل القمامة بواسطة إدارة الصرف الصحي بالمدينة.
ولطالما كانت عصابة المافيا الإيطالية قادرة على اكتساب نفوذ عن طريق استخدام تكتيكات بغيضة؛ لإبعاد المنافسين المحتملين.
مثلاً، عندما دخلت شركة Browning-Ferris Industries، الشركة الوطنية الرائدة في صناعة النفايات، السوق في عام 1992، وجدت زوجة أحد المسؤولين التنفيذيين رأس كلب مقطوعاً في حديقتها. وكانت في فم الكلب رسالة تقول: "مرحباً بكم في نيويورك".
ومنذ ذلك الحين، فإن وجود المافيا مستمر في المجال.
ومنذ يناير/كانون الثاني 2013، تم اتهام 30 شخصاً بالابتزاز في مدينة نيويورك ضمن العمل مع عصابات المافيا في احتكار هذا المجال.
وضمت المجموعة أعضاء وشركاء من ثلاثة أطقم عصابات مختلفة، وكان جميعهم مرتبطين بأعمال نقل القمامة. وبينما تراجعت مشاركة العصابات في جمع القمامة بمدينة نيويورك، فإنها لاتزال مستمرة في أماكن أخرى مثل فيلادلفيا ونيوجيرسي حتى اليوم، وفقاً لموقع Saniak.
الأمر معروف خارج أمريكا أيضاً، فعصابة كامورا التابعة للمافيا الإيطالية سيطرت على القمامة في مدينة نابولي منذ أوائل الثمانينيات.
وقد اكتسب النظام الذي تتم إدارته بشكل سيئ، اهتماماً عالمياً في عام 2008، عندما تراكمت القمامة في شوارع المدينة لأكثر من أسبوعين، لأن المافيا تركت مكبات النفايات مغلقة.
ولكن حتى عندما لم يتم إغلاق المكبات، اشتهرت شوارع نابولي بأنها مليئة بالقمامة، بسبب سوء إدارة عصابة كامورا لنظام النفايات.
الاستثمار في نوادي المقامرة
يروي تاريخ عصابات المافيا العالمية دائماً عن تورطهم في صناعة نوادي القمار. وكان التوثيق الأول لذلك في عام 1929، عندما اجتمعت شخصيات الجريمة المنظمة في أتلانتيك سيتي الأمريكية، للاحتفال بشهر عسل رجل العصابات المعروف ماير لانسكي.
وحينها ناقشوا كيف يمكن للمافيا الاستثمار في الكازينوهات والنوادي الليلية؛ لتوسيع نطاق نفوذهم. وبالنظر إلى صحراء لاس فيغاس فقد رأوا أنها مكان ملائم للقمار.
وترتبط المافيا والكازينوهات والنوادي الليلية ارتباطاً وثيقاً، وفقاً للصحف العالمية. إذ تمكنت عصابات المافيا من جعل لاس فيغاس وجهة سياحية بقيمة مليارات الدولارات اليوم.
أما في أوروبا، فقد حذَّر المسؤولون من مخاوف متكررة بشأن المبالغ الهائلة من الأموال التي يتم غسلها من قِبل المافيا من خلال المقامرة عبر الإنترنت، خاصةً النوادي الموجودة في ألمانيا، حيث لا توجد عقوبات على أنشطة المقامرة غير القانونية.
وفي إيطاليا، انتشرت المقامرة عبر الإنترنت خلال جائحة COVID-19، ويحقق المسؤولون مع أكثر من 300 فرد مرتبطين بمخطط قمار عبر الإنترنت، وفقاً لموقع OCCRP لكشف خيوط وعصابات الجريمة المنظمة.