بغداد اليوم – بغداد
لم يمض على اعلان النتائج الاولية للانتخابات سوى ثلاثة ايام وبدأت بعض الكتل السياسية التشكيك بالنتائج المعلنة فيما طالبت الاخرى بالذهاب نحو العد والفزر اليدوي لجميع صناديق الاقتراع لوجود شكوك حول فوز عدد من المرشحين بطرق غير قانونية.
ومع فرز الاصوات يدويا لبعض المحطات التي تعرضت لخلل فني خلال يوم الاقتراع اظهرت نتائج مغايرة عن السابقة، حيث تراجعت الكتلة الصدرية بثلاثة مقاعد، فيما ارتفاع رصيد تحالف الفتح الى 20 مقعدا، بالاضافة الى ارتفاع مقاعد الحكمة الى 3 مقاعد، وحصول ائتلاف دولة القانون على 40 مقعدا، بالاضافة الى ارتفاع مقاعد حركة امتداد الى 13 مقعدا نيابيا.
الى ذلك لوحت بعض الكتل السياسية باللجوء الى القضاء لمحاسبة اعضاء المفوضية واخرى خاسرة هددت باللجوء الى طرق اخرى حيث يقول القيادي في تحالف النهج الوطني مهند العتابي في بيان تلقته (بغداد اليوم) ان "مقاضاة المتسبّبين بفوضى النتائج الانتخابية مطلب شعبي نتبناه وسنلاحق المتورّطين بإحداث فتنة مجتمعية خطرة".
ويضيف انه "بات من الواضح جدا الفوضى التي احدثتها نتائج انتخابات مجلس النواب العراقي 2021 والتي اربكت الشارع العراقي بشكل يُنبِئ بانفلات (يأكل الاخضر واليابس)، فقد اربكت نتائج الانتخابات المجتمع بالشكل الذي جعل من الفائز خاسر ومن الخاسر فائز بمرور ساعات عن اعلانها، وصار فساد عملية احتساب الاصوات واضحا جليا"، معتبرا "مقاضاة المتسبّبين بفوضى النتائج الانتخابية مطلبًا شعبيًّا نتبناه وسنلاحق المتورّطين به من الذين احدثوا فتنة مجتمعية خطيرة قد توصل البلاد لانهيار العملية السياسية في أي لحظة".
الى ذلك، ارتفعت وتيرة التظاهرات التي انطلقت من انصار مرشحين خاسرين، اعتقدوا ان أصواتهم قد "سرقتها المفوضية"، حسب زعمهم، فضلا عن خروج تهديدات مباشرة باللجوء الى السلاح اذا لم يعاد التدقيق بنتائج الانتخابات.
وردت مفوضية الانتخابات، برفضها لهذه التهديدات، داعية من اطلقها الى اللجوء الى القانون وتقديم طعون رسمية بشكل قانوني.
وقالت مساعد الناطق الرسمي باسم المفوضية، نبراس أبو سودة ان "مفوضية الانتخابات العليا، تلقت 120 شكوى في يوم الانتخابات واليوم الذي بعده وكانت جميعها تصنف خضراء وصفراء ولم ترتقي للشكاوى الحمراء، ولهذا لا يوجد اي مبرر لتهديد مؤسسات الدولة العراقية، خصوصاً ان المفوضية اجرت العملية الانتخابية بكل نزاهة وعدالة وهي تقف على مسافة واحدة من كل المرشحين".
ولم يتوقف التشكيك الى هذا الحد فقد اعلن الاتحاد الوطني الكردستاني في مدينة اربيل حصول خروقات كبيرة اثناء عملية العد والفزر للاصوات في الدوائر الانتخابية.
ويقول رنجبر حاجي ابراهيم عضو لجنة الانتخابات في مركز تنظيمات اربيل للاتحاد الوطني الكردستاني خلال مؤتمر صحفي: "سجلنا 29 شكوى ضد اكثر من 260 صندوقا من صناديق الاقتراع في مدينة اربيل واغلب تلك الشكاوي حمراء، كما قدمنا شكاوي على النتائج الاولية لمحافظة اربيل".
ويضيف : "نحن متأكدون بان الشكاوي التي قدمناها في جميع الدوائر الانتخابية التابعة لمحافظة اربيل ستغير نتائج الانتخابات في الدوائر الاربعة، مشيرا الى انه في بعض المحطات تم تهديد وطرد وكلاء الاتحاد الوطني الكردستاني، بالاضافة الى التلاعب باجهزة التصويت في بعض المراكز الانتخابية".
ويردف: "نحن في اتصال مستمر مع المفوضية ومكتب اربيل لمتابعة الشكاوي التي قدمناها"، مشددا على ان "ماحدث في اربيل من خروقات لايمكن التغاضي عنها ويجب على المفوضية اجراء متابعة دقيقة لها، لاننا قدمنا ادلة موثوقة وغير قابلة للشك حول تلك الخروقات".
واستمرت المفوضية بالدفاع عن نفسها وعن العملية الانتخابية، مؤكدة نزاهة هذه العملية وخلوها من أي تزوير كما يدعي البعض.
وقالت المتحدث باسم المفوضية جمانة الغلاي، لـ(بغداد اليوم)، انه "لا يمكن التلاعب بأجهزة الاقتراع او تغيير نتائج التصويت كون هذه الاجهزة بتقنية عالية وحساسية عالية".
وأشارت الى ان "هناك أكثر من (3000) صندوق سوف ترسل من المكاتب الانتخابية كافة في المحافظات الى المكتب الوطني، كونها لم ترسل النتائج وسيتم فرز اصوات هذه الاصوات امام كل مراقبين الكتل السياسية مع الحضور الدولي، كاشفة ، ان "الأصوات المتبقية التي لم تحسب حتى اللحظة تقدر بـ (60) الف صوت".
وبعد عملية العد والفرز يؤكد رئيس حركة امتداد علاء الركابي ان حركته قد تحصل على المزيد من الاصوات.
وتوقع خلال تصريح لـ( بغداد اليوم ) "ارتفاع عدد مقاعد حركة امتداد بعد إعلان النتائج النهائية حيث توجد نسبة كبيرة من المحطات قيد الفرز اليدوي".
واضاف، أنه "في واسط وحدها توجد أكثر من 160 محطة قيد الفرز اليدوي فضلاً عن باقي المحافظات "مرجحاً أنه "بعد إعلان النتائج النهائية ستزداد أعداد مقاعد الحركة".
وحول جدلية الكتلة الاكبر وتشكيل الحكومة ، أجاب الخبير القانوني علي التميمي لـ (بغداد اليوم) حول هذه الاشكالية وفقا لقانون الانتخابات الجديد الذي صوت عليه مجلس النواب العام الماضي، انه "قالت المادة 76 اولا من الدستور يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتل النيابية الأكثر عددا لتشكيل مجلس الوزراء، ثم جاءت تفسيرات المحكمة الاتحادية العليا 2010 و2014 لتقول إن الكتلة الاكثر عددا هي أما التي تكونت بعد الانتخابات من قائمة واحدة او التي تكونت من قائمتين أو أكثر فأصبحت الكتلة الاكثر عددا في الجلسة الأولى بعد أداء اليمين".
وبين انه "بعد صدور قانون الانتخابات 9 لسنة 2020 في المادة 45 والتي منعت الكتل والأحزاب والكيانات من الانتقال إلى كتلة أو حزب آخر الا بعد تشكيل الحكومة ولكنها اي هذه المادة اجازت الائتلافات بين الكتل، اي ان الشرط الثاني من تفسير المحكمة الاتحادية العليا وفق المادة 45 أصبح معطلا بسبب منع الانتقالات ولكن الشطر الثاني من هذه المادة أجاز الائتلاف بين الكتل والأحزاب وهي غير التكتل أو التجمع الذي يشير له تفسير المحكمة الاتحادية العليا، لان هذا يعني التحالف و هنا تعني ان تحتفظ كل كتلة بكيانها دون أن تصبح مع الآخرين كتلة واحدة، والهدف من هذه الائتلاف هو للوصول إلى الأغلبية المطلقة لعدد الأعضاء المطلوبة للتصويت، وهو التفاهمات للوصول إلى أهداف مشتركة".
وفسر هذه الفقرة ، بان "الكتلة الاكثر عددا هي التي تفوز بأكثر الأصوات ابتداء وهي التي سيخرج منها رئيس مجلس الوزراء والوزراء، وهذا اقرب الى السياق الديمقراطي وإلى التفسير المعقول، كما انه بامكان رئيس الجمهورية أن يستفيد من المحكمة الاتحادية العليا بعد هذه التطورات وفق المادة 93 من الدستور وقولها الفصل".
وعبر مصادر مطلعة، عن إمكانية ان يتحالف السيد مقتدى الصدر صاحب الـ 70 مقعدا، مع حزب تقدم الذي يرأسه رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، ومع الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني.
وقالت المصادر لـ (بغداد اليوم)، ان "هذا التحالف "المزعوم" يمكن ان يحقق الأغلبية، بـ 180 نائبا ، وحينها سيكونون مؤهلين لتشكيل الأغلبية السياسية داخل مجلس النواب".
الا ان هناك رفض واضح من قبل بعض القوى السياسية، متمثلة بائتلاف دولة القانون الذي يرأسه نوري المالكي، وقوى مناصرة للحشد الشعبي، من ان يكون تحالف الصدر منطلقا لتشكيل الحكومة المقبلة.
وهذا الرفض يمكن ان يضع العراق في الفترة المقبلة في وسط دوامة سياسية حرجة، لا يستبعد ان تكون خياراتها مفتوحة للجميع.
وبوسط هذا وذاك، تبقى الأيام المقبلة حبلى بالاحداث، وستكشف عن ما ستؤول اليه الأمور، والظافر بـ "عرش العراق".