القاضي إياد محسن ضمد
حدث أن يمارس احد افراد الاسرة عنفا قوليا او جسديا او نفسيا ضد فرد آخر من الاسرة ذاتها، فنكون أمام حالة من حالات العنف الاسري وهذا العنف هو عنف مسكوت عنه في اغلب الأحيان، حيث الضحية لا تبادر لابلاغ السلطات المختصة لاسباب اجتماعية وعرفية والسلطات لا تستطيع ان تكتشف حالات تعنيف تقع خلف اسوار البيوت وبين جدرانها.
تتعقد المشكلة في الحالات التي يكون فيها الجاني هو من يؤوي الضحية وهو من ينفق عليها وهذا ما يزيد حراجة الامور فالضحية يجد نفسه مجبرا على قبول انفاقا وإيواءً مغمسان بالعنف والتقريع والايذاء سواء كان ذلك الايذاء نفسيا او جسديا في ظل غياب دور الدولة وعدم قدرتها على ايواء المعنفين وسد احتياجاتهم وتوفير الحماية القانونية والاجتماعية لهم.
ازاء تنامي هذه الظاهرة وشيوعها في المجتمع فلم تعد مواد قانون العقوبات العراقي ذات الصلة بالتهديد والايذاء كافية لردع الجناة وزجرهم عن تكرار تعنيفهم للضحايا وصار من اللازم تشريع قانون العنف الاسري ليعالج كافة اصناف العنف ويجد الحلول الناجعة للضحايا بما يضمن لهم إعادة التاهيل وتوفير دور الايواء لمن لا مأوى له وفي الوقت ذاته معاقبة مرتكبي جرائم العنف وضمان عدم تعديهم على الضحايا مجددا، ليس ذلك فحسب بل يجب ان يتضمن مشروع القانون تصنيفا لانواع جرائم العنف الاسري كالحرمان من الارث والاجبار على الزواج ومنع الضحية من الذهاب للعمل واجبار الاطفال على التسول والضرب والتسبب بعاهة مستديمة مع وضع عقوبة مناسبة لكل جريمة وعدم الاكتفاء بوضع تعريف للعنف لا يكون جامعا ولا مانعا وربما يتسبب مثل هذا التعريف في سلب سلطة الاباء لتربية وتقويم سلوك ابنائهم التي اجد انها ضرورية طالما مورست في الحدود التي لا يدخل معها معنى العنف والايذاء واجد من الضروري وبالتزامن مع تشريع القانون ان يتم الغاء كافة النصوص القانونية ذات الطابع الذكوري التي تسمح للرجل بتعنيف المرأة تحت حجج ومبررات التأديب والتربية لان تلك النصوص تشكل مرجعا قانونيا ساهم بتأصيل ظاهرة العنف وترسيخها في المجتمع ووفر الحماية القانونية لمرتكبي افعال العنف الاسري وجعلهم خارج دائرة المسؤولية الجزائية.