بغداد اليوم - متابعة
لم تعد بريطانيا ملاذا آمناً لنشاط تنظيم الإخوان الإرهابي، خلال الآونة الأخيرة، بعدما انكبت المملكة المتحدة على حزمة من الإجراءات، في مسعى لتطويق تيارات ما يعرف بـ"الإسلام السياسي".
وتهدف الإجراءات البريطانية إلى التصدي للآلة الدعائية والإعلامية لدى تنظيم الإخوان، فضلا عن وضع قيود صارمة على نشاطه الاقتصادي ومصادر تمويله.
وتأتي الإجراءات البريطانية، تماشياً مع الاستراتيجية الشاملة التي أقرتها عدة دول أوربية وبدأت في تنفيذها مطلع العام الماضي، بعد تنامي التحذيرات الأمنية والاستخباراتية بشأن نشاط التنظيم، وكذلك زيادة وتيرة العمليات الإرهابية في عدة عواصم.
علاقة معقدة
وأوردت دراسة أوروبية حديثة، صادرة عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، أن العلاقة بين بريطانيا والإخوان باتت معقدة، فهي ليست في أحسن الأحوال، كما كانت في السابق، لا سيما قبل ظهور تنظيم "داعش"، وفي الوقت نفسه، لم تصل قط إلى مرحلة العداء المباشر والتنافس.
ومع ذلك، بدأت بريطانيا في إعادة النظر في علاقتها مع الإخوان بسبب الهجمات الإرهابية على أراضيها، وقررت لندن التراجع عن دعمها لجماعة الإخوان بعد أن اكتشفت عددا من الحقائق حولها، وهي حقائق طالما تجاهلتها عمدا لعقود أو كانت جزءا من الخداع الذي تمارسه المنظمة على لندن وغيرها من العواصم الغربية.
وأشارت الدراسة إلى مؤشر في غاية الخطورة، ويمثل تهديداً مباشراً، وهو الآلة الدعائية للإخوان، وكيف يتم استخدامها لفرض صورة للجماعة ودعمها، وركزت على نشاطها خلال جائحة كورونا حيث يتفاخر التنظيم بهم على مواقع التواصل بكونهم قوة الفعل الحقيقي في المجتمع، وسط تساؤلات حول أسباب عدم انتباه وسائل الإعلام البريطانية لهذه الدعاية.
وركزت الدراسة على عدد من التساؤلات البرلمانية في بريطانيا حول تنظيمات "الإسلام السياسي".
طرح النائب أندرو روزينديل في عام 2019 أسئلة على وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتل، عن التقييم الذي أجرته بشأن زيادة نشاط تنظيم الإخوان في بريطانيا، نتيجة للانكماش الاقتصادي في ظل تفشي كورونا. كما وجه سؤالا مماثلا إلى وزير الخارجية دومينيك راب، مطالبا بإجراء تقييم لأثر الانكماش الاقتصادي العالمي على مستوى أنشطة التجنيد التي يقوم بها التنظيم في الخارج.
تحذيرات متوالية
وفق الدراسة، وصف رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير "الإسلام السياسي" بأنه "تهديد أمني من الدرجة الأولى"، محذرا من أنه "سيصل إلينا، دون رادع، حتى لو تمحور بعيدًا عنا، كما حدث في 11 سبتمبر"، وذلك خلال كلمة في معهد RUSI للدراسات الأمنية والدفاعية.
وقد حذرت عدة تقارير أمنية واستخباراتية، نشرت في دوريات بريطانية، من خطر تنامي جماعة الإخوان داخل البلاد، بما يمثل تهديدا للأمن العام، خاصة مع رصد تنامي غير مسبوق لنشاط التنظيم لنشر أفكاره المتطرفة باستغلال المنصات الدعوية ومؤسسات الإخوان التي تعمل تحت مظلة قانونية بغطاء خيري وإنساني.
وتوقع مراقبون أن تشرع بريطانيا بإجراءات أكثر حسما فيما يتعلق بنشاط الإخوان على أراضيها خلال الفترة المقبلة، مؤكدين أن الجماعة التي طالما حظيت بدعم لندن، ستدخل مرحلة جديدة من المواجهة في ظل الاستراتيجية الأوروبية الشاملة لمكافحة الإرهاب والتطرف، خاصة بعد تزايد العمليات الإرهابية التي استهدفت عدة عواصم أوروبية.
مخاطر محدقة
ويرى الدكتور جاسم محمد رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، أن التقديرات أظهرت أن الأجيال التي تنتجها الجماعة وعقيدتها تفضل الهجوم على الدفاع وهذا يترجم إلى محاربة ملموسة لثقافة الغرب الخاطئة لأنها لا تزال ترفض الإسلام حسب ما تزعمه تيارات الاسلام السياسي في بريطانيا و أوروبا بشكل عام.
وأضاف أن النسخة السياسية لجماعة الإخوان للإسلام هي الوجه الآخر للعنف والتشدد، كما يصفه البعض، و هذا ملخص لمراجعة حكومية لنشاط "الإخوان" في بريطانيا، أجريت في عهد رئيس الوزراء السابق، ديفيد كاميرون.
ويوضح محمد أن جماعات الاسلام السياسي رائدة في إنشاء المراكز الثقافية الإسلامية والمساجد في أوروبا وبناء "المجتمعات الموازية" على أساس النوع الاجتماعي والمهنة (النساء والطلاب والعمال وغيرهم).
وركزت هذه الجماعات على مساعدة المسلمين في البلدان المضيفة، وشكلوا قاعدة جماهيرية لدعم برامج الإخوان وأنشطتها داخل أوروبا وخارجها.