بغداد اليوم – متابعة
في ظل الزيادة العالية بمعدل السكان في العراق، انتقد مختصون غياب قانون لتنظيم الأسرة، محذرين من أن يؤدي ذلك الى "صراع داخلي" وليس تنافسا على الوظائف فقط، في ظل استمرار معدل الولادات بهذا المستوى المتصاعد.
وتقول الطبيبة الأخصائية بطب الأسرة ربى فلاح في حديث تابعته (بغداد اليوم) إن "المراكز الصحية ووزارة الصحة ودائرة الصحة العامة، جميعها لديها حملات صحية توعوية وتثقيفية مكثفة فيما يخص تنظيم الأسرة وتحديد الإنجاب".
وتضيف فلاح، أن "هناك شُعبا خاصة في المراكز الصحية للتوعية بشأن الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة وتحديدها والمشاكل الصحية والخطورة التي قد تصاحب المرأة التي لديها أكثر من طفلين أو ثلاثة"، مبينة "كما تتوفر في المراكز الصحية وسائل منع الحمل مجانا، والعمل قائم عليها باستمرار".
ويشهد العراق ارتفاعا كبيرا في نفوسه، حيث تخطت 40 مليونا و150 ألف نسمة، بحسب آخر إحصائية لوزارة التخطيط، بعد أن كانت نفوسه 35 مليونا في العام 2015.
وتشير توقعات وزارة التخطيط، المنشورة على موقعها الالكتروني الى ان نفوس البلد ستصل الى 51 مليونا بحلول العام 2030، إذ كانت الوزارة قد أعلنت أيضا أن العام الماضي، شهد تسجيل مليون و258 ألفا و28 ولادة.
وتأتي هذه الزيادة السكانية، بالتزامن مع أزمات عديدة يعاني منها البلد، أبرزها البطالة والفقر وارتفاع باسعار المواد الغذائية، فضلا عن موازنات لم تتضمن أي تخصيصات لتعيينات جديدة، بالاضافة الى تردي البنى التحتية.
وحول التأثيرات الاقتصادية لهذا الأمر، توضح الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم في حديث تابعته (بغداد اليوم) أن "الزيادة غير المحسوبة أو غير المدروسة في السكان، تؤدي الى عملية تكالب على الموارد، وبالتالي فان الفجوة الحاصلة بين زيادة حجم السكان وقلة الموارد ستكون كبيرة، وكلما كبرت هذه الفجوة كلما زادت الصراعات داخل المجتمع وليس التنافس على الوظائف فقط، وفي النتيجة ستستمر الفوضى التي يعيشها مجتمعنا".
وتبين سميسم، أن "للمسألة جانبين، تنفيذي وتوعوي، والجانب التوعوي هو الأكبر، فنسبته 75 بالمائة والجانب التنفيذي 25 بالمائة"، مشيرة الى انه "سابقا كان لدينا مراكز تحت مسمى حماية الأسرة وتحديد النسل، وهذا يحتاج الى مراجعة طبية كما هو الآن موضوع تلقيح الحوامل".
وتؤكد أن "التوعية كانت تتولاها سابقا مديرية العلاقات العامة والاعلام في وزارة الصحة، أما الآن فهي غير موجودة، كما أن لمنظمات المجتمع المدني دورا كبيرا في هذا أيضا من خلال انتشارها في الأحياء الفقيرة التي تحتاج وبشدة الى هذه التوعية، إضافة الى توفير موانع الحمل وبأسعار رمزية أو مجانية كما يحصل الآن في توفير اللقاحات".
يذكر أن المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة، مظهر محمد صالح، أكد بحديث صحفي في حزيران يونيو الماضي، ان المنحنى السكاني في العراق ما زال يؤشر نموا مرتفعا وبما لا يقل عن 2.6 بالمائة سنويا، وهو الأعلى عالميا، كما أن الدخل الوطني المرتفع حاليا والذي مصدره النفط، والذي تمثل وارداته تشكل 93 بالمئة من إجمالي إيرادات الموازنة العامة قد لا يستمر.
الى ذلك، يبين الباحث الاجتماعي محمد المولى أن "هذه الامور لا تخضع لمعيار، لأن المعيار الأصلي هو اجتماعي، وكانت هناك مفارقات من حيث الراتب، إلا أن هذه المرحلة انتهت، فحتى سلم الرواتب حجب المخصصات المالية بعد الطفل الرابع، وما بعده يكون دون مخصصات، بمعنى أن هذا أطر ضمن القانون العام بأن الانجاب والتكلفة تبقى للطفل الرابع".
وينوه الى أن "هيئة رعاية الأسرة، تتبنى تفاصيل الأسرة منذ الاعلان الاول لتحولها الى عقد رسمي ضمن سجل منظم يتبع الأسرة، وهذه الأمور إذا لم تؤطر بإطار قانوني ستبقى كل الحلول غير ناجعة، لأن التركيبة المجتمعية خصوصا بعد 2003 لم تضع أطرا حقيقية للزواج والانجاب".
ويوضح أن "هذه الامور بحاجة الى نظام مجتمعي كامل لنسير عليه والابتعاد عن الشد والجذب، الا ان المشكلة والخلاف الحقيقي يكمن في اننا لم نجد النظام الحقيقي لرعاية الاسرة".
يذكر أن آخر إحصاء للسكان في العراق كان عام 1997، وأظهر أن عدد السكان هو 22 مليون نسمة، ولم يجرى أي احصاء بعد ذلك لغاية الان.
وكانت وزيرة الدولة السابقة لشؤون المرأة بشرى الزويني، صرحت العام الماضي، أن نسب الإنجاب عالية في المناطق الفقيرة داخل البلاد التي تعاني من مشكلات اقتصادية، مبينة ان العراق من الدول مرتفعة الخصوبة التي تصل إلى 3.5، في حين تتراوح في أغلب دول العالم بين 2 إلى 2.25 كحد أقصى، ما أدى إلى ارتفاع معدل السكان بشكل كبير.