بغداد اليوم-متابعة
تُعد مملكة الحيرة عاصمة المناذرة واحدة من أهم الحواضر في تاريخ بلاد الرافدين، واستمرت في الحفاظ على ازدهارها ومكانتهاالسياسية، حتى باتت الوجه الحضاري الأبرز للعرب قبل الإسلام.
وامتلكت الحيرة في أوج ألقها كل مقومات الحداثة والعصرنة في ذلك الوقت من خلال التنوع الاقتصادي والحريات والانفتاح على العالمالقديم، إضافة إلى الأنظمة والقوانين والمؤسسة العسكرية المميزة.
تأسيسها وموقعها
هذه الحضارة حيرت -منذ نشأتها- المؤرخين حول أسباب اندثارها وزوالها، فقد قيل إنها نشأت في نهاية القرن الثاني الميلادي، إذ أسسالملك التنوخي جذيمة بن الأبرش مملكة عربية في تلك المنطقة وعُرف ملوك الحيرة باللخميين، وعرفوا أيضا بـ"النعامنة" وبـ"المناذرة"، بسببشيوع اسم النعمان واسم المنذر، بحسب الكاتب علي قاسم الكعبي.
ويضيف الكعبي أن الحيرة تقع في إحدى مدن العراق الجنوبية وتحديدا في السهل الرسوبي لبلاد ما بين النهرين، شمال غرب باديةالسماوة، وتبعد عن مدينة الكوفة مسافة 15 كيلومترا، ونحو 10 كيلومترات جنوب شرقي مدينة النجف.
وعن سبب تسميتها، يبيّن الكعبي وجود آراء متعددة، حيث قيل إن العرب آنذاك هم من أطلق هذا الاسم وهو بمعنى الحيرة أو الضلال، لكنهناك من يقول إن لفظ الحيرة لفظ سرياني مأخوذ من كلمة "حرتا" والتي تعني الحصن، لافتا إلى أن مدينة الحيرة بدأت صغيرة كباقيالمدن، ثم مرت بمراحل ازدهار على مر العصور لا سيما خلال عهد دولة المناذرة.
وحول طبيعة سكان الحيرة آنذاك يقول الكاتب الكعبي إنهم ينقسمون إلى 3 أقسام، أولهم تنوخ، وهم من العرب الذين نزحوا من بلادالبحرين، وثانيهم العباد، وهم سكان أصليون في منطقة الحيرة. أما القسم الثالث، فهم الأحلاف، وأصولهم عربية، هجروا بلادهم لأسبابعديدة، وجاؤوا إلى تنوخ والعباد، وارتبطوا معهم برباط حلف، فأطلق عليهم اسم "الأحلاف".
أهميتها
تعد مملكة المناذرة في الحيرة واحدة من الممالك العربية الثلاث التي ظهرت في بلاد الرافدين قبل الإسلام، إلى جانب مملكة ميسان ومملكةالحضر، وتقع آثار الحيرة اليوم على مسافة 7 كيلومترات إلى الجنوب الشرقي من مدينة النجف، وقد أصبحت الحيرة عاصمة لمملكة المناذرةالعرب الذين نزحوا من شبه الجزيرة العربية إلى بلاد الرافدين، وحكموها مدة 365 عاما تقريبا، بحسب أستاذ التاريخ الدكتور محمد مظفرالأدهمي.
ويبيّن الأدهمي أن ملوك الحيرة اضطروا إلى التحالف مع الساسانيين الفرس الطامعين بأرضهم، لأن الحيرة لها موقع إستراتيجي يتحكمبخطوط القوافل مما يمكن الفرس من تصريف بضائعهم على طرق التجارة بكل سهولة، وكذلك لجعل مملكة المناذرة درع لهم من هجمات الرومعليهم، فساعدهم هذا التحالف مع الساسانيين الفرس في تقوية نفوذهم على القبائل في العراق.
وينوه الأدهمي إلى أن الحيرة كانت من المراكز الحضارية المهمة في عهد المناذرة، وكانت منبعا للفكر والمعرفة وزخرت بمعاهد العلم ومدارسهفي العديد من العلوم وفي مقدمتها الطب والشعر والأدب.