بغداد اليوم - متابعة
عادت الظروف السياسية التي جمعت دول "حلف بغداد" قبل 66 عاما، الى جمع ذات الدول في "قمة بغداد" التي ستنعقد نهاية الشهر الحالي، لكن تلك الظروف بدت مختلفة هذه المرة، فالعراق المستضيف فقد زخمه ومركزيته في الشرق الأوسط خلال العقود الماضية بفعل الحروب والاحتلال الأمريكي، ليصبح في السنوات التي تلت سقوط نظامه السابق في 2003 ملعبا لدول المنطقة التي تصارعت واتفقت فيه.
ويقول المؤرخ السياسي فائز الخفاجي في تقرير تابعته (بغداد اليوم)، إن "سياسة الأحلاف كانت قائمة في فترة الخمسينيات، نظرا لوجود قطبين، سوفيتي وأمريكي، حيث كان العالم منقسما الى معسكرين، أما الآن فالوضع مختلف".
ويضيف، أن "بريطانيا خلال حلف بغداد (1955) كانت قطبا أساسيا في تلك الفترة، أما الآن فلا يوجد أي قطب في قمة بغداد"، موضحا أن "القمة الحالية لا تشبه حلف بغداد رغم مشاركة نفس الدول".
ويوضح أن "الدول المشاركة في حلف بغداد سابقا، كانت تسير خلف بريطانيا، أما الآن فالأنظمة السياسية في الشرق الأوسط مهلهلة، فالحكومة العراقية لا سيطرة على المنطقة الخضراء، والسعودية تعاني مشاكل، هناك ملك صوري وخلافات داخل العائلة الحاكمة حول محمد بن سلمان ولم يحسم تسليمه الحكم بالكامل، والدول الاخرى ايضا، فتركيا بالخمسينيات كانت تتبع نظام اتاتورك وهو العلمانية الملحدة، والان تغير نظامها السياسي عما كان في ذلك الوقت، وايران كانت تحت حكم الشاه، والان نظامها جمهوري وتغير بالكامل".
ويتابع أن "هذه القمة اذا لم تشهد توقيع بنود عسكرية، فلن تكون حلف ولن تخرج بنتائج، فهي بالمحصلة قمة لصرف الاموال فقط، لان الانظمة السياسية الشرق أوسطية تتغير حسب الحاكم، على عكس الانظمة في بريطانيا وامريكا، فهي باقية رغم تبدل الاحزاب".
ومن المفترض أن تشهد بغداد قمة دولية، في 29 من آب أغسطس الحالي، بمشاركة اكثر من 10 دول بينها السعودية، مصر، سوريا، الكويت، قطر، الامارات، ايران، وتركيا، باكستان والاردن، بالاضافة الى الولايات المتحدة وفرنسا والجامعة العربية والامم المتحدة.
وكانت بغداد قد شهدت في العام 1955 خلال العهد الملكي، مؤتمر "حلف بغداد" برعاية بريطانيا، وشاركت فيه ايران وتركيا وباكستان، وكان الهدف منه في حينها وقف تمدد الاتحاد السوفيتي في المنطقة.
وحول حلف بغداد، يوضح الخبير القانوني طارق حرب خلال التقرير، أن "مؤتمر حلف بغداد الذي أجري في فترة العهد الملكي عام 1955، تم بحضور امريكا وبريطانيا وباكستان وشاه ايران ورئيس وزراء تركيا، حيث كان العراق في حينها، هو الدولة الوحيدة بالشرق الاوسط، التي لها سيادة على باقي دول المنطقة".
ويبين أنه "حسب حلف بغداد، فلا يتم تعيين أي قائد عسكري بالدول الثلاث: تركيا وايران وباكستان، ما لم يكن مؤهلا من معهد عسكري عراقي أو أنه قد حصل على إجازة أو شهادة عراقية".
يشار الى أن حلف بغداد، انهار سريعا بعد سقوط النظام الملكي في العراق عام 1958، وإعلان عبد الكريم قاسم قيام الجمهورية العراقية، وانسحب من حلف بغداد.
ومر العراق منذ تلك الفترة، بالعديد من الانقلابات والأحداث السياسية والامنية الكبرى، التي غيرت من نظامه السياسي مرات عدة، وخاض حروبا عديدة، كانت نتائجها توقف المؤتمرات الدولية وغياب البلد عن الاحداث في الشرق الاوسط، وخاصة في العقدين الأخيرين.
من جانبه، يبين المحلل السياسي رعد الكعبي في التقرير، أن "أي وجه تشابه بين حلف بغداد وبين مؤتمر القمة الذي سيعقد قريبا في العراق لا يوجد، إذ أن العراق والدول الأخرى ليس لديها نية لتأسيس حلف جديد، فالظروف السياسية والامنية تغيرت عما كانت عليه سابقا، والعالم غادر مثل تلك التحالفات غير المجدية".
ويبين أن "رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي يحاول ومن خلال خطوته هذه ان يضيف انتصارا له في ظل الظروف التي شهدت انتكاسات عديدة لحكومته، ومثل هذا الاجتماع غير مجد للعراق، ولا يمكنه أن يقدم شيء جديد لقضيته، وهو مجرد لقاء ولن يساهم بتذويب المشاكل الكبيرة بين الشركاء الذين حاول العراق جمعهم".
ويلفت الى أنه "في ظل غياب سوريا ستكون القضية السورية غير حاضرة في القمة، وهي من اهم المواضيع تقريبا الموجودة في المنطقة، فكل ما بالامر ان العراق يحاول جمع الايرانيين والسعوديين على طاولة واحدة، لكي يرسل رسالة بان العراق استعاد دوره الطبيعي"، مبينا أن "الحكومة تريد تحقيق هدفين من القمة، الأول جمع الفرقاء المختلفين وأهمها ايران والسعودية، والثاني ان الكاظمي يحاول إرسال رسالة بأنه نجح في الملفات الخارجية بعد فشله بالداخلية".
يشار الى أن العراق، استضاف جولات الحوار السعودي الايراني على أرضه، وقد انطلقت أولى الجولات في 9 نيسان أبريل الماضي، بحضور رئيس المخابرات السعودية خالد حميدان ونائب أمين المجلس الاعلى للأمن القومي الايراني سعيد عرفاني، وتبع هذا اللقاء في بغداد، توجه مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد الى طهران، ضمن إطار مفاوضات ايرانية مع الامارات، وذلك بحسب ما نقل مصدر عن وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف خلال لقائه زعماء القوى السياسية في بغداد يوم 26 نيسان أبريل الماضي.