بغداد اليوم – خاص
لكل شعب عاداته وتقاليده الخاصة به في كافة الجوانب، وهذه العادات والتقاليد عادة ما تكون موروثة من الاباء والاجداد، ومنها العادات والتقاليد المتعلقة بالطعام ونوعيته وطقوس تقديمه.
والعراقيون حالهم حال باقي الشعوب في هذا المجال فهم يملكون عادات وتقاليد خاصة بهم، لكنها تمتاز عن باقي الشعوب بطقوسها ونوعيتها، فمثلا الفرد العراقي يفضل نوع من الاطعمة صباحا، تختلف عن ما يتناوله ظهرا، ويختلف ايضا عما يتناوله ليلا.
كما ان الشعب العراقي الذي صنف الاكرم في العالم، يعتني بالضيف، ويقدم له اجود انواع الاطعمة لاشعار الضيف باهميته، ويكشف عن سروره به.
الشيء المذهل بالموضوع، بان المصادر التاريخية كشفت ان مجموعة من العادات والتقاليد الخاصة بالاطعمة التي يلتزم بتناولها العراقيين ، هي مووروثة ليس منذ عشرات او مئات السنين، انما من آلالاف السنين من اجدادهم في حضارة وادي الرافدين، مثل فاكهة التمر المفضلة والمميزة عند العراقيين، والتي كان السومريين يميزونها بنفس التمييز الذي يميزه احفادهم العراقيين.
كما ان نوع الاطعمة الطقوس الحالية التي التزم بها العراقيين، مشابهة كثيرا لطقوس اجدادهم من ناحية نوع الطعام وتقديمه ، وكيفية اكرام الضيف واي من الاطعمة الفاخرة التي تقدم له، مع اختلاف التقدم الحضاري في هذا المجال.
الملفت ان العراقيين يعتنون بالوجبات لحد هذه اللحظة ان كانت على مستوى الفطور او الغداء او العشاء.
اما بالنسبة للفطور فهم يحبذون اكلات من موروثهم الثقافي، التي التصقت بهم وحدهم ويأكلون نوعيات معينة لكنها كثيرة، مثل الالتزام بالبيض والباقلاء المزيتة مع الخبز التي تسمى (ثريد الباقلاء بالدهن)، والباجا والمخلمة و (جبن وحليب العرب)، الذي يتناوله العراقيون من مصدره مباشرة بدون اي تدخل تقني او مصنع، وكذلك الشارب المفضل وهو الشاي.
حيث اشارت المصادر التاريخية ان هذه الاطعمة كان يتناوله العراقيون القدماء بنفس الطريقة وبنفس الاسلوب مع بعض الاختلافات البسيطة.
الا ان المصادر التاريخية تشير الى ان العراقيين في بلاد ما بين النهرين، كانوا يلتزمون باربع وجبات يوميا وليس كما هو حاليا ثلاث وجبات، وجبتين رئيسيتين، إحداهما في الصباح، والأخرى مع الغروب، مع وجبتين خفيفتين، أما العمال أو بخاصة الفلاحين فلا يتناولون سوى وجبتين في اليوم.
واشتهرت تلك الحقبة، بموائد العشاء الليلية التي كانت تزين بالمصابيح الزيتية والأضواء الباهظة، وكانت تمتلئ الموائد بالأكواب والكؤوس الأنيقة المصنعة من بيض النعام والأحجار شبه الكريمة والفضة، وكان يدهن الضيوف بالزيوت المعطرة ويشعل البخور لهم، واعتاد هؤلاء الضيوف الجلوس في أماكن مخصصة لهم بحسب ترتيبهم الوظيفي أو مكانتهم في القصر أو أصلهم العرقي، واعتبر من المهين أن يأكل أحد أفراد النخبة مع الفقراء أو الخدم، أو رفض الحضور إلى العزائم الرسمية.
ولو تطرقنا الى الحليب، الذي يعد احدى المواد الرئيسية عند العراقيين في الوقت الحاضر، فان الأدب السومري ذكر أن الحليب كان يقدم في أوعية من مرمر للآلهة في المعابد، وهذا ما أصاب المؤرخون بالشك بشأن مكانة الحليب في بلاد الرافدين، فمن المرجح أنه إذا اعتلت مكانة الحليب دينيًا أن يجد له متسعًا في قصور الأمراء.
مثال على ابزخ هذه الولائم، وليمة الملك الآشوري آشور ناصربال الذي أراد الاحتفال باعمار مدينة كلخو وباتخاذها عاصمة له، فأقام حفلًا لمدة عشرة أيام مستضيفًا آلاف الضيوف، حيث نقشت المواد التي استهلكت في ذاك الوقت على عمود حجري وجد عام 1951 ومن بين الأطعمة المقدمة ألف ثور علفة الشعير ومئتي ثور وألف من الأبقار الصغيرة وألف من الأغنام الصغيرة وألف وأربعمائة من الاعتيادية وألف من المسمنة، وغيرها بالآلاف من الغزلان والظباء والأسماك والجراد.