بغداد اليوم
أعلنت وكالة ناسا للفضاء، اليوم الخميس، عن تصميم جهازاً حرارياً يعمل على تحويل الحرارة إلى كهرباء مفيدة في تطبيق لمبدأ "حفظ الطاقة" الذي ينص على أن الطاقة في الأنظمة المعزولة لا تفنى ولا تستحدث من عدم ويمكن إلى صورة أخرى مفيدة.
وأكدت الوكالة انه تم استخدام الجهاز في مركبة برسيفرانس المريخية التي هبطت على سطح الكوكب الأحمر قبل عدة أشهر، لكن لأن المركبة تتعرض للعوامل الجوية المريخية وليست نظاماً معزولاً بشكل كامل فإن كفاءة تحويل الطاقة تعتمد على نوع مادة الجهاز الذي يحولها.
وأضافت ان الجهاز الذي يحول الطاقة الحرارية المستمدة من بطارية برسيفرانس التي تعمل بمبدأ الاضمحلال الإشعاعي للبلوتنيوم لا تزيد كفاءته على 5% "، مشيرة إلى أنه كاف لتزويد المركبة المريخية بالطاقة، الا انه غير كاف على الإطلاق على كوكب الأرض فالحرارة المهدرة تعني أموالاً مهدرة.
ولفتت ناسا ان المواد المستخدمة تسمى في صناعة الأجهزة التي تُحول الطاقة الحرارية لكهرباء بالمواد الكهروحرارية، مبينة ان العلماء لم ينجحوا حتى الان في تصميم مادة تحول الطاقة بكفاءة عالية.
وحسب دراسة نُشرت نتائجها في دورية نيتشر، فان العلماء على بعد خطوة واحدة من تصميم مادة كهروحرارية لها كفاءة عالية في عملية التحويل.
من جانبه أوضح فريق من علماء بجامعة نورث وسترن وجامعة سيؤل الوطنية في كوريا الجنوبية، أن مادة كهروحرارية عالية الأداء في شكل عملي يمكن استخدامها في تطوير الجهاز.
وتتفوق تلك المادة المسماة سيلينيد القصدير المنقى في شكل متعدد الكريستالات على جميع المواد الأخرى المعروفة في تحويل الحرارة إلى كهرباء، ما يجعلها أكثر الأنظمة الكهروحرارية كفاءة على الإطلاق.
وسيليند القصدير مادة كيميائية يمكن الحصول عليها من تفاعل مباشر بين معدن القصدير ومادة السيلينيوم عند درجة حرارة 350 درجة مئوية.
وتستخدم تلك المادة في الأساس في صناعات عدة بضمنها صناعة أشباه الموصلات والخلايا الشمسية، غير أن الباحثين قاموا بتصميم نوع جديد من تلك المادة عن طريق التلاعب في تركيبته الذرية.
وبدأ العلماء بالعمل على تصميم تلك المادة في عام 2014، إذ قام العلماء بإعادة ترتيب ذرات القصدير والسيلينيوم على النطاق الذري بصورة تجعل المادة الجديدة تُحول الطاقة الحرارية بشكل فعال، إلا أن مشكلة كبيرة واجهت الباحثين، إذ أصبحت المادة عرضة أكثر للأكسدة الأمر الذي يؤثر على أدائها على مدار الزمن.
ودرس الباحثون تلك المشكلة، حيث قاموا بالعديد من المحاولات لمنع عملية التأكسد وعند الفحص الدقيق، اكتشفوا وجود ذرات من القصدير المؤكسد داخل المادة، وتتدفق الحرارة عبر تلك الذرات ما يزيد من التوصيل الحراري، ويؤدي لتدهور المادة والتأثير على أدائها وهو أمر غير مرغوب فيه في جهاز كهروحراري.
وبعد معرفة أن الأكسدة جاءت من المواد الأولية، وجد الفريق الكوري طريقة لإزالة الأوكسجين. وبعد ذلك تمكن الباحثون من إنتاج كريات سيلينيد القصدير بدون ذرات مؤكسدة، ثم قاموا باختباره بعد ذلك، ليفاجأوا بأن تلك المادة هي الأكثر كفاءة على الإطلاق.
وسيمكن تطوير سيلينيد القصدير بذلك الشكل من استخدامه في الأجهزة الكهروحرارية ذات الحالة الصلبة في مجموعة متنوعة من الصناعات، مع تحقيق وفورات هائلة في الطاقة.
ويتمثل أحد أهداف التطبيق الرئيسية في التقاط حرارة النفايات الصناعية مثل محطات الطاقة وصناعة السيارات ومصانع تصنيع الزجاج والطوب وتحويلها إلى كهرباء.
ويفقد أكثر من 65% من الطاقة المنتجة عالمياً من الوقود الأحفوري كحرارة مهدرة والأجهزة الكهروحرارية قيد الاستخدام في الوقت الحالي ولكن فقط في التطبيقات المتخصصة، مثل مركبة المريخ الجوالة.