الصفحة الرئيسية / ارتفاع الدولار "سياسة التجويع" من المسؤول؟.. تعرّف على نسبة المعدمين في العراق بقرار المالية

ارتفاع الدولار "سياسة التجويع" من المسؤول؟.. تعرّف على نسبة المعدمين في العراق بقرار المالية

بغداد اليوم - تقرير : محمود المفرجي الحسيني

 

يبدو ان الأطراف التي لها علاقة بارتفاع قيمة صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، بدأت تتفاخر بالثمرات التي وصفوها بـ "الإيجابية"، من هذا الاجراء، بالرغم من ان اغلب المختصين والخبراء بالشأن الاقتصادي، وصفوا هذه العملية بـ "خفض قيمة الدينار العراقي امام الدولار الأمريكي".

 

ومن هذه "الثمرات" التي تفاخر بها الجهات أصحاب العلاقة من رفع قيمة الدولار، هي تجنيب الاقتصاد العراقي من الانهيار، وكذلك تمكين الحكومة من توفير الرواتب للموطفين بدون أي تأخير.

وصوت مجلس النواب في آذار الماضي، على موازنة العام الحالي، والتي تضمنت رفع قيمة الدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي، بـ 145 ألف دينار عراقي لكل 100 دولار، بعدما كان سعر الدولار قبل هذا 118 الف دينار لكل 100 دولار.

 

وأعلنت اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي، عن تبخر كل المخاوف من انهيار الاقتصاد العراقي، موضحة أن رفع الدولار أسهم في توفير 22 تريليون دينار، مشيرة الى "ايجابيات تحققت للحكومة من هذا القرار (أي رفع قيمة الدولار)، فيما نتج عنها أضرار لحقت المواطن أبرزها خفض القيمة الشرائية للرواتب بنسبة 22%".

 

وقال عضو اللجنة النائب جمال كوجر، إن "التصريحات التي تصدر من بعض النوّاب بشأن إمكانية انهيار الاقتصاد العراقي بسبب الدولار غير دقيقة، اذ إن العراق دولة غنية بمواردها النفطية، وقد وصل سعر البرميل في وقت سابق إلى 20 دولاراً، ولم ينهر الاقتصاد".

 

الا ان كوجر أشار، إلى أن "حالة واحدة تجعلنا أمام انهيار الاقتصاد وهي بانهيار العملية السياسية، كون الموضوع سوف يرتبط بمرافق الدولة وقطاعاتها كاملة"، مبينا، أن "العراق يشهد على الجانب الاقتصادي انتعاشاً من خلال ارتفاع الاحتياط البنكي وزيادة في أسعار النفط، مع جهود حكومية في محاربة الفساد، اذ أن المؤشرات الحالية تؤكد أن العراق يسير نحو الأفضل، وليس صحيحاً القول بأننا ماضون إلى الانهيار".

 

ورفض كوجر "تحميل البرلمان مسؤولية تغيير سعر صرف الدولار بوصفه قراراً أسهم في رفع أسعار السوق العراقية، لان الموضوع تم اتخاذه بناء على توجهات البنك المركزي وقد أطلعت الكتل السياسية على تداعيات الوضع الاقتصادي في حينها، من إمكانية تكرار سيناريو العام الماضي في الضائقة المالية".

 

واقر كوجر، أن "خطوة الحكومة باتجاه رفع سعر الدولار حلّت مشاكلها، لكنها ورّطت السوق والمواطن بسلبيات القرار، اذ ان الحكومة وفّرت من خلال رفع سعر الدولار 22 تريليون دينار، وكان مطلوبا منها أن تحقق نصفها لسد عجز الرواتب، وبالتالي فأنها وفّرت النصف الباقي على حساب المواطن، الذي تضرر من هذا القرار جاء باعتبار أن العراق دولة مستهلكة وليست منتجة وكل البضائع من الزراعة إلى الصناعة عن طريق الاستيراد".

 

واوضح، إلى أن "الضرر الذي لحق المواطن كان من ثلاث جهات، وهي انخفاض القدرة الشرائية للرواتب بنسبة 22%، وارتفاع الأسعار، فضلاً عن عدم استقرار السوق؛ بسبب تضارب التصريحات بشأن إمكانية عودة الدولار إلى وضعه السابق من عدمها".

 

الى ذلك اكتفت النائب عن تحالف عزم، نجاة الطائي، بالقول، ان "ارتفاع الاسعار سعر صرف الدولار ، هو بمثابة "داعش" للمواطن الفقير، بما يعني انه قتل بطريقة التجويع". 

 

وقالت الطائي لـ(بغداد اليوم)، ان "داعش يقتل برصاصة، ووهذا يقتل بالتجويع والفقر". حسب قولها

 

ورأت الخبيرة الاقتصادية، سلام سميسم، ان خفض قيمة الدينار العراقي امام الدولار الأمريكي، لغرض توفير السيولة اللازمة للحكومة لسد عجز الرواتب، لكن هذا الاجراء كان ثمنه باهظا.

 

وأوضحت خلال تصريح لـ(بغداد اليوم)، ان "تخفيض قيمة الدينار بنسبة 23 بالمائة، وفرض استقطاعات على رواتب الموظفين، يعني تم تخفيض رواتب الموظفين، لان الذي قيمته 25 بالمائة، اصبح اليوم في ظل الاستقطاعات بنسبة 50 بالمائة، مما يفقد المواطن نصف دخله".

 

وأضافت، ان "هذا الاجراء ساهم بتقليل القيمة الشرائية للمواطن، وكذلك تقليل القوة الشرائية للمواطن، وزادت حركة ارتفاع الأسعار ، بشكل لا يستطيع المواطن مواجهتها".

 

وتساءلت: كيف للمواطن ان يتعايش مع هذه التغييرات، بارتفاع الأسعار وانخفاض قوته الشرائية؟، وهذا يعني ان المواطن تعرض الى ضغط من جهتين، لا يمكن له توفير مستواه العادي، فضلا عن عوامل الضغط الأخرى المتمثلة بسوء الخدمات والكهرباء، وأزمة كورونا".

 

اما الخبير الاقتصادي، باسم أنطوان، فرأى ان، خطوة رفع قيمة الدولار امام الدينار العراقي، ساهم باضطراب السوق العراقي، وخفض من نسبة الرواتب للموظفين.

 

وقال أنطوان لـ(بغداد اليوم)، ان "الحكومة ليس لديها نية ان تعيد سعر الدولار الى سابق عهده، رفع ارتفاع أسعار النفط، لانها حققت ما اسمته في "الورقة البيضاء" خلق التوازن بين العسر الحقيقي والواقع، فهي حققت طفرة كبيرة بالايرادات لا يمكن ان تتخلى عنها، لكن هذه الطرف جاءت على حساب المواطن، وكذلك على حساب الموظف الذي خفض راتبه بنسبة 23 بالمائة ، وهو الفرق بالدولار".

 

وأشار الى، ان "الموظف والمواطن خفض عندهم القوة الشرائية بالدينار، الى نسبة 23 ونصف بالمائة، فضلا عن التضخم النقدي الذي صار في السوق والانكماش الاقتصادي بسبب تردد المواطن في التسوق، والذي أدى الى عكس الموضوع على السوق ككل".

 

وأوضح، ان "الحاجات التي كان يشتريها المواطن بالف دينار ، أصبحت بالف ومئتين، فضلا عن تضاعف الأسعار بفعل ممارسات ضعاف النفوس والطفيليين ".

 

وتابع، ان "المواطن العراقي بدأ يتجه نحو شراء العقار، الذهب ، لكي يحول السيولة النقدية من الدينار الى سلع وحاجات أخرى".

 

ويبدو ان المحلل السياسي، سيف الهاشمي، كان له رأي اكثر تفصيلا من هذا الموضوع، مشيرا الى ان، انه كان يمكن ان لا يعترض على اجراء الحكومة برفع قيمة صرف الدولار، لو كان البلد منتجا مستقرا اقتصاديا، ومواطنه مكتفيا ذاتيا، انما جاءت الخطوة في ظل أوضاع صعبة يعيشها المواطن، من ارتفاع معدلات البطالة والفقر المدقع الذي استشرى بالمجتمع العراقي.

 

وقال الهاشمي، ان "رفع قيمة الدولار امام الدينار العراقي، احدث خللا بالسوق العراقية، لانه رفع القيمة الكمركية للبضائع، وزاد من فرق نقلها للأسواق المحلية، لذا فان هذا الاجراء يعد من افشل القرارات التي تقدم عليها الحكومة في هذه الظروف".

 

وأوضح الهاشمي، ان "مرحلة ما قبل رفع قيمة الدولار، كان المجتمع العراقي فيه طبقات متعددة، منها طبقات متعددة، منها طبقة السياسيين والاغنياء، بنسبة 30 بالمائة، وطبقة الموظفين بنسبة 40 بالمائة، والفقراء بنسبة 20 بالمائة، وطبقة المعدمين 10 بالمائة".

 

ورأى، ان "نسبة الأغنياء والسياسيين ارتفعت بنسبة 40 بالمائة، والموظفين بنسبة 25 بالمائة، والفقراء بنسبة 20 يالمائة، والمعدومين بنسبة 15 بالمائة"، مشيرا الى ان "استمرار نهج الحكومة على هذا النسق بالتعامل مع الملف الاقتصادي، سيفتك بالبلاد، لانه غير المعادلة المالية كليا، وادخل المواطن في حسابات مفاجئة بالنسبة له، وجد نفسه بمواجهتها قسرا بدون أي حسابات".

 

وعلى السياق ذاته، أشار الخبير الاقتصادي، ملاذ الأمين، الى ، ان رفع سعر صرف الدولار مقابل الدينار الى 1450 دينار بدلا عن 1117 دينار خلال السنة المالية الحالية، كان بالأساس لسد العجز والديون المترتبة على الموازنة، حسب البنك المركزي، لتمكين الدولة من تغطية رواتب الموظفين والإعانات الاجتماعية.

 

وقال الأمين لـ (بغداد اليوم)، إن "العجز الذي ضمن في الموازنة وتزايده خلال السنتين الماضيين كان بسبب سوء إدارة الأموال وعدم انشاء مشاريع في القطاعات الانتاجية او تأهيل المشاريع الموجودة واعادتها إلى العمل الى جانب تأثير جائحة فايروس كورونا على الاقتصاد العالمي، مشيرا الى انه "بعد استعادة الاقتصاد العالمي عافيته وارتفاع اسعار الخام وتزايد الطلب عليه زادت إيرادات العراق المالية، بارتفاع سعر برميل النفط عما مثبت في قانون الموازنة والبالغ 45 دولارا، وفر سيولة مالية متحققة من العملة الصعبة المتاتية من فرق سعر البيع والسعر المدون في الموازنة ، مما مكن وزارتي المالية والتخطيط من سد جزء كبير من الديون المترتبة على الموازنة  سواء الداخلية او الخارجية اضافة الى تأمين رواتب الموظفين والإعلانات الاجتماعية".

 

ورأى، انه "ينبغي لوزارتي التخطيط والمالية ان تعد موازنة تكميلية تثبت فيها سعر بيع النفط الجديد كما تتوقعه معاهد الدراسات العالمية وتخصص أموالا لتأهيل المشاريع الإنتاجية واعادتها للعمل مع انشاء مشاريع جديد تسهم في تدوير الأموال بشكل صحيح وتحقيق الأرباح مع توفير فرص عمل واسعة للعاطلين وزيادة مساحة المستهدفين ضمن إجراءات الرعاية الاجتماعية".

 

وزاد الأمين، انه "من الطبيعي ان يشعر أصحاب الدخول المحدودة  بالغبن جراء ارتفاع أسعار صرف الدولار إذ ان اغلب السلع في الاسواق المحلية مستوردة وقد ارتفع سعرها تبعا لارتفاع سعر صرف الدولار، ما يتطلب على الحكومة ان تتخذ اجراءاتها بشأن هذه الفئات من خلال زيادة مفردات البطاقة التموينية ودعم الانتاج المحلي والسيطرة على الأسعار خصوصا المواد الأساسية، لأن التضييق على الفئات الفقيرة في المجتمع يتسبب بأمراض اجتماعية يصعب علاجها في وقت قصير وربما تتسبب في انحراف فئات اخرى من المجتمع".

 

30-06-2021, 12:30
العودة للخلف