بغداد اليوم- متابعة
قالت كاثرين فيليب في صحيفة “التايمز” إن التسرييات الأخيرة التي نشرت عن وضع الشيخة لطيفة ابنة حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والتي عبرت فيها عن تعبها من طول أمد اعتقالها في فيلا حولت إلى سجن، تعتبر إحراجا جديدا للعلاقة الخاصة بين ملكة بريطانيا وحاكم دبي اللذين جمعت بينهما صداقة مركزها حب سباق الخيول.
فقد أنشأ حاكم دبي إسطبلات غودولفين، ولطالما شارك الملكة في مقصورتها الخاصة في سباقات الخيل. وقيل إن الملكة بعد قرارات في محاولة اختطاف ابنتين من بناته قالت إنها ستتجنب التقاط صور معه.
وقالت الصحيفة إن قرار المحكمة البريطانية العام الماضي عن محاولة الملياردير حاكم دبي اختطاف ابنتيه هدد بتوتر في العلاقة بين بريطانيا والإمارات وأثار أسئلة حول ما إذا ضحت بريطانيا بحقوق الإنسان لحماية حليفها.
توصلت المحكمة إلى أن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ربما خرق القانون البريطاني والدولي عندما اختطف ابنتيه مما يطرح أسئلة حول منع الشرطة البريطانية من التحقيق في اختفاء الأميرة الصغرى، شمسة. ولم يكن سير أندرو ماكفرلين، رئيس دائرة شؤون العائلة في المحكمة العليا في إنكلترا وويلز، قادرا على تحديد فيما إذا حاولت وزارة الخارجية منع التحقيق في اختطاف شمسة من كامبريدج عام 2000 لأن الوزارة رفضت التعاون مع المحكمة بذريعة حماية المصالح البريطانية.
وكان الموضوع محرجا بسبب العلاقة الخاصة بين الملكة وحاكم دبي التي تفوقت على علاقاتها مع شيوخ وأمراء الخليج الآخرين نظرا للهواية العامة وهي حب سباقات الخيول. ولكن العلاقة هي اقتصادية وسياسية وليست فقط شخصية. فقد ساهم الشيخ محمد بتحويل دبي، وهي واحدة من الإمارات السبع التي تشكل الإمارات، إلى مركز تجاري وسياحي وتنويع الاقتصاد تحضيرا لتراجع موارد النفط. وتشكل السياحة 20% من موارد الإمارة. ويأتي السياح البريطانيون في المرتبة الثالثة بعد السعوديين والهنود.
ودعمت جمعية “سجنت في دبي” الشيخة لطيفة بالإضافة لعدد من السياح البريطانيين الذين اعتقلوا بتهم خرق القوانين الأخلاقية للإمارة. وبالإضافة للسياح تعتبر الأسلحة البريطانية مصدرا مهما لصفقات السلاح التي تذهب إلى السعودية والإمارات. وكان دور هذين البلدين في حرب اليمن سببا في نقد تجارة السلاح البريطانية معهما. ورغم ذلك فقد تم استهداف منطقة الخليج باعتبارها المنطقة الرئيسية لجذب الاستثمارات وعقد الصفقات التجارية في مرحلة ما بعد بريكسيت.
وتعتبر بريطانيا واحدة من أهم الشركاء الأمنيين في المنطقة، لكن هذه العلاقة لم تكن كافية لإنقاذ الأكاديمي البريطاني ماثيو هيدجز من السجن في الإمارات بتهمة التجسس. وتعرض للتعذيب وحكم عليه بالسجن المؤبد قبل أن يصدر عفو عنه. واتهمت منظمة “هيومان رايتس ووتش” في العام الماضي الإمارات بأنها “تقدم نفسها كبلد مفتوح يحترم حقوق الإنسان” و”رغم الاتهامات حول انتهاكات خطيرة” لحقوق الإنسان. ولم تعلق الحكومة البريطانية علنا على حكم المحكمة ضد الشيخ محمد.
ونفى الشيخ الاتهامات وشجب تدخل المحكمة في حياته الخاصة. ومع ذلك فكون الشيخ محمد الحاكم لدبي ورئيس وزراء الإمارات التي تعتبر شريكا مهما، فمن الصعب تخلي الملكة عنه بسهولة ومنعه من مقصورتها الملكية في سباقات الخيل. ومثل بقية حكام وأمراء الخليج فقد حاول إبعاد حياته الخاصة عن الرأي العام. وتزوج من قريبة له هي الشيخة هند بنت مكتوم آل مكتوم وأنجب منها 12 ولدا بالإضافة لزيجات أخرى منها والدة كل من شمسة ولطيفة، والأميرة هيا بنت الحسين التي شهدت في محكمة حول حضانة ولديهما في لندن أن قصة لطيفة حقيقية. وعندما هربت الأميرة هيا بدأ الشيخ بنشر قصائد على حسابه في الإنترنت. ولأن حكام الخليج لا يتسامحون مع النقد والمعارضة فلم تكن هناك معارضة لمشاريعه في دبي.
ويأمل حلفاؤه المحليون في تحسين “أصدقائه” في بريطانيا من سمعته. لكن ليست هذه هي الحالة، فابن الشيخ الأكبر رشيد كان يعاني من مشاكل مع المخدرات والمزاج العصبي وتوفي في 2015 لأسباب لم يتم الكشف عنها. وولي عهد دبي هو خريج من مدرسة لندن للاقتصاد في لندن، وهو الوجه الشاب الوسيم لدبي، لكنه لن يكون “الأمير على دراجته” فلديه نمر يحب وضع صوره على منصات التواصل الاجتماعي.
وكانت الشيخة لطيفة قد حاولت الفرار عام 2018 وتم اعتراض رحلتها على قارب قبل الوصول إلى الهند وجهة القارب الذي ركبته بمساعدة مدربة فنون القتال البرازيلية الفنلندية وصاحب القارب الفرنسي الذي تواصلت معه الشيخة لمساعدتها.
ومنذ ذلك الوقت وضعت كما تشير الرسائل الأخيرة التي سجلتها من الحمام تحت الإقامة الجبرية. وقالت إنه تم إغلاق كل نوافذ الفيلا بأقفال مع خمسة رجال شرطة في الخارج وشرطيتين في الداخل “ولا أستطيع الخروج لاستنشاق هواء نظيف وأنا رهينة، بشكل أساسي”.
وأكد محامون عن الشيخة لطيفة أنهم يحضرون ملفا سيطالبون فيه الحكومة البريطانية بفرض عقوبات على الشيخ محمد. وقال المحامي ردوني ديكسون الذي قدم حالة لطيفة إلى الأمم المتحدة إنه سيطالب الوزراء في الحكومة البريطانية باستخدام علاقتهم القريبة من حكومة الإمارات وتأمين الإفراج الفوري عن الشيخة لطيفة.
وأضاف ديكسون أن الحكومة البريطانية عليها مسؤولية خاصة واستخدام نظام العقوبات بما في ذلك حظر السفر وتجميد أرصدة. وتابع: “لم تتخذ الحكومة البريطانية حتى الآن أي تحرك ضد السلطات الإماراتية”.
الحكومة البريطانية عليها مسؤولية خاصة واستخدام نظام العقوبات بما في ذلك حظر السفر وتجميد أرصدة
واعتبر أن فشل الحكومة بالتحرك “يعني تقديم طلب لهم نيابة عن الأميرة”، فبدون التهديد “سيظل الوضع الراهن كما هو، وهذا وضع خطير”.
وفي الشهر الماضي ضمت مجموعة العمل في الأمم المتحدة بشأن التغييب القسري الشيخة لطيفة على قائمتها. وقال ديكسون إنه يتوقع أن تسرع الأدلة الجديدة من حالتها في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، حيث يتوقع أن يطلب من الدول بما فيها بريطانيا التصويت للإفراج عنها.
وفي بيان من وزارة الخارجية البريطانية جاء أن “هذه حالة مثيرة للقلق. ورغم عدم علاقة بريطانيا المباشرة بها إلا أننا سنتابع تطورها عن قرب. ونقوم بشكل روتيني بطرح موضوع حقوق الإنسان مع الدول الأخرى ومنها الإمارات”.
وشجبت الشيخة لطيفة في التسجيلات التي بثت ليلة الثلاثاء على برنامج بانوراما في “بي بي سي” مفوضة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة السابقة ماري روبنسون عندما زعمت أنها زارت الشيخة لطيفة وأنها تحظى بعناية من “عائلتها المحبة”. وزعمت روبنسون أنها “خدعت بطريقة رهيبة”.
وقالت للراديو الرابع في “بي بي سي” بعد مقابلتها إن الأميرة “فتاة شابة تعاني من مشاكل” وإنها ندمت على محاولة الهرب. وزعمت روبنسون (76 عاما) في برنامج بانوراما أنها لم تسأل في زيارتها التي جرت نهاية عام 2018 عن حالة لطيفة حتى لا تفاقم حالتها النفسية بعد محاولة الهروب وبسبب معاناتها من اضطراب نفسي مزدوج كما قيل لرئيسة وزراء أيرلندا السابقة. وأضافت “لقد خدعت عندما نشرت الصورة. وكان مفاجئا لي ودهشت وتم تضليلي، أولا من صديقتي الأميرة هيا التي ضللت بدورها”.
وقالت هيا إن “لطيفة تعاني من اضطراب مزدوج وخطير وأخبروني بطريقة مقنعة: لا نريد أن تتعرض لطيفة لأزمة جديدة. ولا أعرف التعامل مع شخص يعاني من اضطراب ولم أكن راغبة بزيادة أزمتها على غداء جميل”.
وفي التسجيل قالت لطيفة شاجبة لروبنسون “قالت إنها شابة مضطربة ولدي مشاكل طبية أحصل على علاج لها”. و”هذا يعني أنني أعاني من مشاكل نفسية، وكانت تعرف أنني في حالة جيدة، وهذا كذب، وتم خداعها”.