بغداد اليوم - متابعة
أصيب أكثر من 100 مليون شخص بفيروس كورونا، لكنهم قد لا يكونوا محميين تماماً من الإصابة مجددًا بالفيروسات المتحورة الجديدة التي نشأت في جنوب إفريقيا وبريطانيا وتنتشر بسرعة، وفقاً لبيانات أولية.
هذا الاكتشاف، ليس قاطعاً، إلا أن له تداعيات محتملة على كيفية السيطرة على الوباء، ما يؤكد الدور الحاسم للتطعيم، بما في ذلك "الأشخاص الذين تعافوا بالفعل من الإصابة بفيروس كورونا، وفقاً لما نقلته صحيفة "واشنطن بوست".
وأظهرت تجربة لقاح "نوفافاكس" على مجموعة العلاج الوهمي، أن الأفراد الذين عانوا من إصابة سابقة بفيروس كورونا، عرضة للإصابة بالمرض مثلهم مثل الآخرين، وهو الاكتشاف الأولي عند تجربة اللقاح في جنوب إفريقيا، والذي أثار جدلاً ومخاوف بين الباحثين، وفقاً لبيانات أولية قدمت هذا الأسبوع.
مناعة اللقاح أفضل
وأشار أنطوني فاوتشي، مدير المعهد الأميركي للحساسية والأمراض المعدية، إلى أن تلقي اللقاح يبدو "أفضل من العدوى الطبيعية في توفير الحماية للناس"، معتبراً ذلك حافزاً كبيراً وقوياً لتلقيه، لا سيما ممن افترضوا أنهم محصنون لأنهم أصيبوا في السابق.
وقال فاوتشي: "البيانات واضحة حقاً؛ فمستوى المناعة التي تحصل عليها من العدوى الطبيعية، سواء من حيث الدرجة أو القوة أو الاتساع، غير كافية للحماية من الإصابة بالفيروس المتحور".
وبالرغم من اختلاف العلماء على حجم التهديد، إلا أنهم قالوا إن الإصابة مجدداً بالفيروس المتحور تمثل تهديداً واضحاً يحتاج إلى مزيد من البحث والاستكشاف، في المقابل لا يوجد دليل على أن الحالات الثانية أكثر حدة أو فتكاً، كما أن العالم الذي لا يتمتع فيه الناس بحماية كاملة ضد الفيروسات المتحورة الجديدة، ليس بالضرورة عالماً يستمر فيه الوباء إلى الأبد.
وقالت أنجيلا راسموسين، عالمة الفيروسات في "المركز العالمي لعلوم الصحة والأمن" في "جامعة جورجتاون": "أشعر بالقلق تحديداً من بعض الاستنتاجات المبكرة التي تصيب الناس باليأس والإحباط". وأضافت: "أخشى أن تكون الرسالة التي يتلقونها هي "لن نتخلص من هذا الوباء أبداً"، برغم أن هذا بعيد تماماً عما تقوله البيانات".
وأكدت راسموسيين وآخرون على وجود نقص واضح في "الآثار الصحية الحادة الناجمة عن الإصابة مرة أخرى، وعلى عدم وجود أدلة كافية على أن الإصابة مرة أخرى أمر شائع بالأساس".
احتمالية الإصابة
وعلى الرغم أن لدى 30% من الأفراد في تجربة جنوب إفريقيا أجسام مضادة في الدم، ما يعني أنهم تعافوا من إصابة سابقة، أصيب مرة أخرى قرابة 4 في المئة من الأشخاص الذين أصيبوا بعدوى سابقة، وهو معدل مماثل تقريباً لمن ليس لديهم تاريخ من الإصابة.
وعلق لاري كوري، عالم الفيروسات في "مركز فريد هوتشينسون لأبحاث السرطان" في سياتل، والذي يشارك في قيادة "شبكة التجارب الإكلينيكة الفيدرالية لاختبار لقاحات فيروس كورونا" في الولايات المتحدة، قائلاً: "إنها بيانات مروعة"، مضيفاً: "في الأساس، تقول هذه البيانات إن التطعيم يحتاج إلى أن يكون أفضل من المناعة الطبيعية، والحقيقة أنه في الواقع أفضل من المناعة الطبيعية".
وتفيد صحيفة "واشنطن بوست" بأن احتمال الإصابة مجدداً كان قائماً طوال الوقت، لكن العلماء الذين صمموا نماذج للأمراض، افترضوا أن العدوى الطبيعية ستحقق مستوى معيناً من المناعة لبضعة أشهر على الأقل.
وظهر ذلك في بعض الحسابات السابقة لكيفية بدء أميركا في الاقتراب من مناعة القطيع بحلول الصيف أو الخريف، وفي ظل محدودية إمدادات التطعيم والتأخير في التوزيع، كان هناك أمل دائماً في أن الأشخاص الذين أصيبوا في السابق سيسهمون في التوجه نحو مناعة القطيع.
وإذا تبين أن هؤلاء الأشخاص يمكن أن يكونوا عرضة للإصابة مرة أخرى من خلال الفيروسات المتحورة، فقد يؤثر ذلك على اقتراب الولايات المتحدة من الوصول إلى "مناعة القطيع".
طريق طويل
ولا يزال الجميع يتساءل عن حقيقة تأخر الوصول للمناعة، وهو ما دعا كريس موراي، الذي يقود فريق النمذجة في "معهد القياسات الصحية والتقييم" بجامعة واشنطن إلى القول: "إذا ثبتت صحة البيانات، فهذا يعني أننا سنحتاج إلى صرف الناس عن فكرة أننا اقتربنا من خط النهاية في سباق القضاء على هذا الوباء".
ولكن لايزال علماء آخرين أقل ثقة، من بين هؤلاء مارك ليبسيتيك، اختصاصي الأوبئة في "جامعة هارفارد"، الذي قال إنه لا يمكنه التوصل إلى استنتاجات واضحة من البيانات؛ لأنها تظل محدودة وأولية.
وأضاف ليبسيتيك: "كانت وتيرة العمل مذهلة، وقد تعلمت عدة مرات أشياء جديدة غيرت بشكل كبير وجهة نظري في هذه البيانات".
وتشير توقعات عالم البيانات يويانغ غو - التي استشهدت "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" بنماذجها الوبائية - إلى أن حوالي 65% من سكان أميركا سيصلون إلى المناعة بحلول 1 يونيو، لكن داخل هذه النسبة، يوجد حوالي 20% لديهم مناعة من إصابات سابقة بالمرض.
ولا يزال العلماء غير متأكدين من كيفية تأثير احتمال تجدد الإصابة بالفيروس على توقعاتهم، ويتوقون إلى معرفة ما إذا كانت بيانات تجارب اللقاحات الأخرى في الأسابيع المقبلة ستدعم ما وجهت إليه تجربة "نوفافاكس".