بغداد اليوم- متابعة
قالت مجلة فورين بوليسي (Foreign Policy) الأميركية إن التحالف الديمقراطي الذي يقوده الرئيس المنتخب جو بايدن في الولايات المتحدة بدأ بالفعل يتفكك، لكن فقدانه "حلفاءه السابقين" سيسهل عليه مهمة الحكم ويعزز موقفه.
وأكدت المجلة -في تقرير لها ضمن تغطية خاصة عن مرحلة انتقال السلطة في أميركا- أنه بالكاد بعد شهر فقط من اجتماع الديمقراطيين لمساعدة بايدن على الفوز في الانتخابات الرئاسية أمام خصمه دونالد ترامب، بدأ الحزب الديمقراطي -المشهور بالتضارب والاختلاف- الانقسام وبسرعة قياسية.
وأضافت أن اليسار انتفض بسرعة وبقوة ضد اختيارات بايدن الوزارية، كما لم يفعل ضد أي رئيس ديمقراطي سابق؛ مما أودى بضحية أولى هي رام إيمانويل، الذي كان مرشحا قيد الدراسة لقيادة وزارة الإسكان والتنمية الحضرية أو وزارة النقل.
كما "يقاتل" حاليا مجموعة من النشطاء -وانضم إليهم أعضاء في الكونغرس من ذوي الميول اليسارية- لمنع ترشيح أي شخص له صلة بصناعة الدفاع والشركات الكبرى أو بالسياسات العسكرية العدوانية والمتطرفة أحيانا للإدارات السابقة، بغض النظر عن خلفيات المرشحين.
وترى فورين بوليسي أنه بالنظر للنتيجة المخيبة للآمال التي حققها الديمقراطيون في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، يحظى الحزب الديمقراطي الآن بأغلبية ضئيلة في مجلس النواب، في حين سيحتفظ الجمهوريون بالسيطرة في مجلس الشيوخ، أو سيتقاسم الحزبان بالتساوي النفوذ بالمجلس إن تمكن الديمقراطيون من الفوز بمقعدي جورجيا في انتخابات الإعادة في يناير/كانون الثاني المقبل.
وترى الصحيفة أن هذه النتيجة حتى لو حصلت لن تكون "انتصارا كبيرا" للحزب، لأنها ستمنح الأعضاء المعتدلين والحذرين بالمجلس -مثل الديمقراطي جو مانشين والجمهوري سوزان كولينز- الكلمة الفصل في التصويت على معظم مشاريع القوانين، ولن تكون للتشريعات التقدمية الكبرى أي فرصة في ظل هذا السيناريو.
وتضيف أنه سيكون بإمكان بايدن رغم ذلك تنفيذ بعض الأولويات من خلال التعديلات التنظيمية والأوامر التنفيذية (مثل رفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 دولارا في الساعة للعاملين الفدراليين المتعاقدين، وإعفاء قروض الطلاب، وإعادة فرض الضوابط البيئية التي ألغاها الرئيس دونالد ترامب)، لكن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الكبرى ستتطلب تشريعات فعلية، وهو أمر لن يحدث.
من ناحية أخرى، ترى المجلة أن اليسار "المنتقم" قد يحاول أيضا جعل حياة بايدن صعبة في الكونغرس، حيث لن يكون بمقدور الأعضاء التقدميين تمرير أي قوانين فعلية يعارضها الرئيس، لكن سيكون بإمكانهم تقويض وعرقلة مشاريع القوانين التي يفضلها البيت الأبيض، خاصة الصفقات التوافقية مع الجمهوريين، وهو ما بدأه فعليا بعض الأعضاء اليساريين، حيث هددوا بعرقلة مشروع قانون التحفيز، وهو قيد التفاوض حاليا في المجلس.
يسار محبط
وبخصوص الانتخابات النصفية لعام 2022، تؤكد المجلة أن مدى الضرر الذي يمكن أن يلحقه اليسار المحبط للغاية ببايدن غير واضح، لكن إذا تمكنت الإدارة المقبلة بحسن إدارة عملية طرح لقاحات كوفيد-19 الجديدة، وإذا بدأ الاقتصاد التعافي، وتمكن بايدن من تحقيق عدد لا بأس به من الإنجازات من خلال قراراته التنفيذية، وعلى صعيد السياسة الخارجية؛ فإن شعبيته -التي تزيد على أي مستوى وصلت إليه شعبية ترامب على الإطلاق- يمكن أن تساعد الديمقراطيين بالفعل على استعادة مقاعدهم عام 2022، بصحبة اليسار أو من دونه.
وتؤكد فورين بوليسي أن "الصراع" مع اليسار يمكن في الواقع أن يساعد بايدن سياسيا من خلال منحه ذريعة للتمسك بنهج البراغماتية، وتجنب أي أفعال أو أقوال قد تنفر قاعدته المعتدلة، وإذا اشتكى المتابعون أو الناخبون من أنه أخفق في اتخاذ المزيد من الإجراءات، فسيكون قادرا على إلقاء اللوم على المتطرفين -من اليسار واليمين على حد سواء- واتهامهم بتقييد خطواته.
وتضيف أن أفضل نتيجة لبايدن وللديمقراطيين وللبلد كله أن يجد الرئيس القادم طريقة للتمسك باليسار وبقية حزبه، من خلال تحقيق ما يكفي لإرضاء أغلب مؤيديه، واستخدام سجله ووضعية التعافي الاقتصادي الناجمة عن لقاحات كورونا لبناء دعم شعبي سيكون من الصعب للغاية على أي شخص -سواء من اليسار أو اليمين- مجاراته.
وتختم بأنه من المهم أن يدرك الأميركيون أنه حتى لو لم يتم تنفيذ العديد من هذه السياسات، فإن لدى بايدن طريقا لتحقيق "نجاح نسبي" -كميا وسياسيا- وسيكون هذا الأمر أفضل شيء قد يتمناه المرء، خاصة في ظل الفوضى العارمة التي تعيشها البلاد.