بغداد اليوم- بغداد
عاد ملف تطبيق أحكام الإعدام في العراق إلى الواجهة مرة أخرى، بعد أن نفذت السلطات المعنية 21 حكماً بالإعدام قبل نحو أسبوع، الأمر الذي أثار دول الاتحاد الأوروبي، التي أعلنت رفضها "إنهاء حياة" المدانين بالإرهاب، رغم إدانتهم.
فقد أثار بيان صدر أمس الجمعة عن منظمة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة، حفيظة عدد من أعضاء مجلس النواب، بعدما تحدث عن وجود "خطة عراقية" للتخلص من السجناء الصادرة بحقهم أحكام إعدام، فيما استبشر أهالي ضحايا الإرهاب والجرائم الجنائية، بما صدر من أحكام بحق المدانين.
وأبدى خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة مخاوف من أن يكون لدى العراق "خطة" للتخلص من جميع السجناء المحكومين بالإعدام.
وقال الخبراء في بيانهم: "إن موجة الإعدامات التي نفذتها السلطات العراقية مؤخرا تبدو وكأنها جزء من خطة أكبر لإعدام جميع السجناء المحكوم عليهم بالإعدام".
أطراف مؤيدة وأخرى تشكك بحكم القضاء
وتعقيباً على البيان الصادر، قالت النائبة في البرلمان العراقي، عالية نصيف ان "العراق هو البلد الوحيد الذي يصدر عفواً عاماً على المحكومين بقضايا ارهابية او جنائية"، مشيرا الى ان "القضاء العراقي ملتزم بكل الاجراءات الواجب تنفيذها قبل الوصول الى مرحلة اصدار حكم الاعدام".
ونبهت نصيف في حديث لـ (بغداد اليوم)، إلى ان "العفو العام ساعد على خروج الارهابيين ممن لديهم ارتباطات مع سياسيين استغلوا صدور هذا القرار، للأفراج عن المتورطين المرتبطين بهم".
وأضافت: "يجب احترام القضاء العراقي، كون جميع قراراته الصادرة بحق المدانين تخضع للتمييز والاستئناف، وتمر بالكثير من المراحل حتى يصادق على حكم الاعدام"، قائلة: "وبالتأكيد فأن من صدر بحقهم حكم الاعدام ارتكبوا جرائم شديدة بحق العراقيين".
وتعليقاً على دعوات المنظمات الدولية للعراق بوقف احاكم الاعدام، قالت النائب عالية نصيف، إن "هذه الدعوات تأتي بتحريك من كتل سياسية داخل العراق، لأهداف سياسية ولأغراض مشبوهة".
وطالبت نصيف، رئيس الجمهورية بـ ’’المصادقة على قرارات إعدام الإرهابيين الذين نفذوا جرائم عدة بحق الشعب العراقي"، مشيراً إلى أن "هناك قرار عدل على قانون الاحكام الجزائية، ويسمح لوزارة العدل بتنفيذ احكام الاعدام بحق المدانين في حال عدم المصادقة عليها من قبل رئاسة الجمهورية".
وفي البيان ذاته، حث الخبراء المستقلون بغداد على "الوقف الفوري لجميع الإعدامات الجماعية"، مشيرين إلى أن "العراق أعدم 21 سجيناً في أكتوبر، ثم 21 سجينا آخر الأسبوع الماضي، في سجن الناصرية المركزي، المعروف باسم سجن الحوت".
وقال الخبراء إن "نحو 4000 سجين، معظمهم متهمون بارتكاب جرائم إرهابية، يعتقد أنهم ينتظرون حكم الإعدام في العراق، قالوا إن مئات من عمليات الإعدام وشيكة بعد توقيع أوامر الإعدام"، وفقا للبيان.
في الجهة المقابلة، يرى القيادي في الجبهة العراقية اثيل النجيفي، عكس من يؤكد عليه نواب واعضاء كتل داخل البرلمان بخصوص موضوعة الاعدامات.
يقول النجيفي متحدثاً عن ’’ضجة الاعدامات’’، لـ (بغداد اليوم)، "لا شك ان كثير من الاحكام القضائية، استندت على تحقيقات غير رصينة، وتم الاعتماد في مرحلة منها على المخبر السري، وكذلك تلاعبت ايدي الفاسدين في مسار التحقيقات".
وتابع "كما أثر الوضع السياسي على قدرة المتهمين في عرض ادلتهم وحصولهم على حقوقهم الطبيعية، اثناء الترافع والتقاضي، بالإضافة لعدم وجود تعريف دقيق لمفهوم الارهاب وخلطه مع المعارضة السياسية ".
واضاف "ولهذا لا ينكر عاقل بأن أحكام الاعدام التي صدرت خلال السنين الماضية هي مزيج بين احكام منصفة بحق ارهابيين حقيقيين ومعهم كثير من الابرياء الذين زجوا في السجون ظلما وبهتانا "، على حد قوله.
أهالي الضحايا: سعداء بأحكام الاعدام.. وبشر القاتل بالقتل!
وعن تعليق أهالي الضحايا، ممن صدرت احكام الاعدام بحق اشخاص ارتكبوا جرائم بحق اقرباء لهم، يقول وسام حافظ لـ (بغداد اليوم): "قُتل والدي في عام 2009 بعد اقتحام شخصين فندقاً في منطقة السعدون وسط العاصمة بغداد، حين كان نائماً، ومن ثم قتلوه بواسطة (درنفيس) وخنقه بحبل، ما أدى إلى مقتله في الحال، وبعد ذلك، سرقوا نحو 80 مليون دينار، وهربوا..".
ويضيف نجل الضحية، "وبعد حادثة القتل، سجلنا دعوى في مركز الشرطة، ليلقى القبض على القاتلين بعد ثلاثة أيام من الحادثة، واتضح ان منفذو الجريمة شقيقين من محافظة اخرى، وبعد ما أُلقي القبض عليهم، صدر بحقهم حكم الإعدام، أي في عام 2010.. وقد تم تنفيذه قبل أيام".
وتابع: "ونحن سعداء بتنفيذ حكم الإعدام بحق القتلة، ووفقاً للشرع، فإن الله قد بشّر القاتل بالقتل ولو بعد حين، ولا أعتقد أن هناك خرقاً لحقوق الإنسان عندما تنفذ الحدّ على شخص قتل آخر".
قانوني يوضح بشأن ’’جدوى’’ أحكام الإعدام ودستوريتها
وفي الرأي القانوني، بخصوص ’’جدوى عقوبة الاعدام’’، يرى الخبير القانوني علي التميمي، ان "مناصري اي عقوبة الاعدام يرونها مهمة لأنها تحقق أهداف العقوبة الجنائية، وهي (الردع والعدالة الاجتماعية)، وهي مبدأ قرآني من حيث القصاص نص عليه القرآن الكريم".
واضاف ان "معارضي اي عقوبة الاعدام يرون أن تبدل المجتمعات وتطورها هو يحتاج إلى استبدالها بالمؤبد لان الإعدام لم يعد يلائم روح العصر، وان من يحكم بالسجن المؤبد كأنه أعدم".
وتابع: "في قانون الأصول الجزائية العراقي من المادة 285 إلى 293 تحدثت بإسهاب عن تنفيذ هذه العقوبة، كما يحتاج تنفيذ الإعدام إلى مصادقة رئيس الجمهورية وفق الدستور".
وقال: "هذا برأيي يحتاج إلى قانون خاص يشرع يحدد مدة المصادقة والنفاذ وايضاً مدة التنفيذ لان المدة مفتوحة من حيث المصادقة والتنفيذ ".
ونبه ان "مادة 86 قانون العقوبات تؤكد أنها نافذة وإلغاءها يكون بقانون"، مشيرا "وقد نص عليها الدستور في المادة 73 ف ثامناً، حيث يصادق عليها رئيس الجمهورية ".
ودعت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليت، في بيان الأسبوع الماضي، بعد تنفيذ 21 حكم إعدام، السلطات العراقية إلى وقف أي عمليات إعدام أخرى.
وقالت إن مكتبها وجد "انتهاكات متكررة لحقوق المحاكمة العادلة، وتمثيل قانوني غير فعال، واعتماد مفرط على الاعترافات ومزاعم متكررة بالتعذيب".
وأضافت باتشيليت أن "إقامة العدل تدعم وجود مجتمع ديمقراطي فاعل".