بغداد اليوم-بغداد
ما أن أعلنت وسائل الإعلام الأمريكية، فوز المرشح الديمقراطي، جو بايدن بالانتخابات الأمريكية، أول أمس السبت، بتفوقه على منافسه الجمهوري دونالد ترامب، حتى توالت تهاني السياسيين العراقيين وملأت الصور الشخصية مع الرئيس المُنتخب وسائل التواصل الاجتماعي، في سابقة وقف عندها الكثيرون بذهول وصعدت آمال بعض السياسيين بالعودة إلى الحكم استنادا إلى العلاقة السابقة مع بايدن، بالإضافة إلى تغيير المواقف السياسية والتشديد على إجراءات انتخابات مبكرة.
والاسم الكامل لجو بايدن هو جوزيف روبينيت بايدن، ولد وسط أسرة كاثوليكية من أصول إيرلندية في 20 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1942، بمدينة سكرانتون العمالية الواقعة بشمال شرق بنسلفانيا.
ويرجع المرشح الديمقراطي الفضل دائما في طيبته ومثابرته وتعاطفه مع الآخر إلى أصوله، فهو لا يكل عن ذكر أبيه، الرجل الذي عرف الثروة والفقر والذي عمل جاهدا طوال حياته، تارة في تنظيف الأفران وأخرى في بيع السيارات المستعملة، حتى لا ينقص أبناءه شيء أبدا.
طوال عهداته الست كسيناتور، كان بايدن شخصية محترمة في الكابيتول، فعلى رأس اللجنة القضائية، صنع لنفسه اسما في عام 1987 حين قاد التصويت بالرفض على روبرت بورك، المحافظ المتشدد ومرشح الرئيس رونالد ريغان للمحكمة العليا آنذاك.
وأصبحت قدرته على التوصل لاتفاقات مع الجمهوريين المعتدلين سمته المميزة، لكن أصبح يثير في الوقت نفسه حذر الجناح اليساري للحزب الديمقراطي.
آمال السياسيين العراقيين
وملأ السياسيون العراقيون ومن بينهم من كان يتبؤ منصب رئاسة الحكومة العراقية في الدورات السابقة، فضاءات وصفحات التواصل الاجتماعي بالصور والبيانات مع الرئيس الأمريكي المُنتخب جو بايدن، وترويج فكرة العودة إلى السلطة استنادا إلى العلاقات السابقة، مع بايدن، عندما كان نائبا للرئيس الأسبق باراك أوباما،
وأخبر مصدر سياسي مطلع وكالة (بغداد اليوم)، أن، مع اللحظات الأولى لفوز جو بايدن بالرئاسة الأمريكية، ارتفع مستوى التفاؤل لدى بعض السياسيين العراقيين وبدأ بعضهم بتحريك أذرعه الإعلامية للترويج لفكرة العودة إلى الحكم من جديد.
المراهنة على رئاسة بايدن وتطلّعات مبكرة الى "ما بعد ترامب". جاءت أكثرها وضوحاً، من مبادرة رئيس الحكومة العراقية السابق ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، بتهئنة فوز بايدن في الساعات الأولى لإعلان فوزه بالرئاسة وعبر وسائل الإعلام الأمريكية.
وقال النائب عن ائتلاف دولة القانون، كاطع الركابي في حديث لـ(بغداد اليوم)، إن "العلاقة التي تجمع بايدن والمالكي، قديمة جداً، حتى قبل تسنم باراك اوباما منصب الرئاسة الأمريكية والتي كان فيه بايدن نائباً للرئيس، وهذا الأمر ليس فيه أي اسرار".
واضاف أن "لا تغيير في السياسية الأمريكية بشكل عام بتغير الرؤساء ، لكن ما يختلف الان هو السلوك المتوقع لبايدن الذي سيكون ربما افضل من سلوك الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، وهذا الامر سينعكس بشكل ايجابي على الشرق الأوسط والعراق بالتحديد".
ومن أبرز التهاني العراقية التي توالت على بايدن، هي تهنئة رئيس الحكومة العراقية السابق، عادل عبد المهدي، الذي استقالت حكومته على إثر تظاهرات شعبية عارمة، ذهب ضحيتها 560 شاب وأكثر من عشرين ألف إصابة، ونشر عبد المهدي تهنئته على موقع تويتر، الذي لم ينشر به منذ تاريخ 30 سبتمبر الماضي، والذي قال، "السيد جو بايدن، الرئيس المنتخب للولايات المتحدة الامريكية، نهنئكم والسيدة نائبة الرئيس كامالا هاريس، بفوزكم بثقة الشعب الامريكي الصديق. نتمنى لكم كل توفيق ونجاح في مهامكم القادمة، ولاشك أن معرفتكم وخبرتكم الطويلة بشؤون العراق والمنطقة ستكون خير عون لنا جميعا في تصحيح المسارات التي اختلت كثيرا خلال السنوات الماضية وفي اعادة بناء الثقة والتعاون بين مختلف الاطراف لما فيه مصلحة شعوب ودول المنطقة واحلال الأمن والسلام والعدالة. وتقبلوا فائق الاحترام والتقدير".
سياسة بايدن الخارجية
وقال الدبلوماسي العراقي، ياسر عبد الحسين، في مقال نشره قبيل فوز بايدن بالرئاسة الأمريكية، أن عملية استكشاف توجّهات السياسة الخارجية لأيّ رئيس مقبل، تعتمد على أفكاره السابقة أو آرائه أو آراء المستشارين المقرّبين منه، وعموماً لن يُفرّق جمهوري عن ديموقراطي في السياسة الخارجية، فكلاهما يعمل لتفوّق القوة الأميركية لكنّ الطرق والأدوات تختلف.
وأضاف، "من خلال متابعة نشاطات بايدن خلال الحملة الانتخابية، يمكن الإشارة إلى أنّ أنصاره يعتقدون أنّ ارتباطه بباراك أوباما ميزة، ولا توجد فائدة في إبعاده عن الرئيس السابق. ولكن بشكل عام، وبحكم المتغيّرات العالمية الراهنة، يتوجّب على بايدن تغيير السياسة الخارجية الديموقراطية في بعض الاتّجاهات المهمّة، خصوصاً تلك المتعلّقة بالسياسات تجاه الوباء أو الصين أو «حلف شمال الأطلسي»، والعلاقة مع الاتحاد الأوروبي أو المنظّمات الدولية".
وقال الكاتب في معهد واشنطن، بلال وهاب، والذي ترتكز كتاباته حول الحوكمة في المنطقة الكردية والعراق، إن "الشرق الاوسط سيكون في أسفل سلم أولويات جو بايدن، لصالح الامور الداخلية مثل كورونا والاقتصاد بعكس اوباما وترمب، ليس عند بايدن عقد ايدولوجية او نفسية عن العراق وبايدن وعد بان تكون قيم الديمقراطية والحرية جزءا من سياسته الخارجية بعكس سياسة المقايضة الذي تبعها ترمب، ان صح، فهذا لصالح دعم انتخابات حرة في العراق في ٢٠٢١".
أما المحلل السياسي العراقي، إحسان الشمري، قال في تغريدة له، إنه على الأرجح، ستصُر عدد من القوى الشيعية على إجراء الانتخابات المبكرة بوقتها المحدد (بعد أن كانت تناور لتأجيلها) لغرض تغيير المعادلة السياسية الحالية والاستعداد لمرحلة بايدن واستحقاقاتها".
عودة بايدن
وكانت الانتخابات الرئاسية بالنسبة لجو بايدن "معركة من أجل روح الأمة"، عبارة كررها في عدة مناسبات. وعندما سئل على شبكة سي إن إن في سبتمبر/أيلول الماضي عما إذا كان يعتبر نفسه "نقيض دونالد ترامب تماما"، لم يسعه سوى الابتسام قائلا: "آمل ذلك".
وصولا إلى انتصاره المدوي في "الثلاثاء الكبير" في شهر مارس/آذار، عندما استقبل أنصاره بهذه العبارة التي تعكس تاريخه: "لمن تم إهمالهم وتركهم وتهميشهم، هذه حملتكم"، قبل أن يكسب الرهان الانتخابي ويصبح اليوم رئيسا للولايات المتحدة.