بغداد اليوم- بغداد
يتواصل الجدل بين الحكومة والبرلمان حول مصير رواتب الموظفين في العراق، وما بين شد وجذب، ورأي هنا واقتراحات هناك، فيما بدأ تأخر الرواتب يزعج الموظفين، الذين تظاهر عدد منهم في بغداد والديوانية للمطالبة بإطلاقها.
وأشعل وزير المالية، علي عبد الامير علاوي، جدلاً جديداً، حين أكد في تصريحات صحفية مساء أمس، أن "هناك أسبوعين آخرين بلا رواتب"، فيما قال ان "الرواتب ستصرف للموظفين بشكل مباشر، حال تصويت البرلمان على قانون تمويل العجز".
مخاوف وحلول وموظفون ينتظرون رواتبهم
وإزاء التصريحات التي أطلقها وزير المالية، يوم أمس، انبرى عدد من النواب للتعليق على ما أدلى به الوزير، حيث يرى النائب ناجي السعيدي، وهو أحد اعضاء اللجنة المالية النيابية، أن "ما قاله وزير المالية دقيق جداً باعتبار أن الإيرادات النفطية والايرادات الأخرى لا تسد النفقات الضرورية والرواتب".
واضاف السعيدي في حديث لـ (بغداد اليوم)، أنه "في حالة عدم إقرار قانون الاقتراض داخل البرلمان، سيلجأ الوزير الى الاستفادة من الإيرادات المتحققة خلال الأسبوعين القادمين، في توزيع رواتب الموظفين".
وأكد السعيدي، أن "اللجنة المالية عازمة على تمرير قانون الاقتراض خلال هذه الفترة من أجل الإسراع بسد رواتب الموظفين والاحتياجات الضرورية".
ويؤكد السعيدي، أن "التوسع في الاقتراض، له آثار سلبية مستقبلية على الوضع الاقتصادي للعراق".
وفي الحلول المتوخاة، للخلاص من أزمة الرواتب الحالية، يقول الخبير الاقتصادي د. منار العبيدي، أن "هنالك إمكانية لسحب مبالغ مالية، دون اللجوء الى الاقتراض".
وأوضح، أن "من صلاحيات وزارة المالية، سحب مبالغ مالية من البنك المركزي، على أن تقوم بتسديدها خلال مدة أقصاها 45 يوماً، بالتالي يمكن للوزارة اللجوء الى هذا الخيار لتسديد رواتب الموظفين لحين تمرير قانون الاقتراض".
كما اعتبر العبيدي، قانون تمويل العجز المالي، بأنه "حل تخديري لمدة ثلاثة أشهر فقط"، مضيفاً: "وبعد هذه المدة سنعود للمربع الأول، وسيكون خيار تسديد رواتب الموظفين هو الاقتراض مرة أخرى، لعدم وجود سيولة مالية، في ظل توقعات استمرار تراجع أسعار النفط".
وبدأت صفحات الكترونية على وسائل التواصل الاجتماعي، تضم عشرات الموظفين، بالتحضير لتظاهرات للضغط على الحكومة في سبيل ايجاد حلول سريعة لمعاجلة ازمة الرواتب وعدم المماطلة في صرفها، فيما نظم عدد من الموظفين اليوم، وقفة امام وزارة المالية للمطالبة بإطلاق رواتبهم، تبعها تظاهرة اخرى في محافظة الديوانية لعدد من منتسبي وزارة الصحة، حملت المطلب ذاته.
من جانب اخر، رجح عضو اللجنة المالية النيابية، فيصل العيساوي، توزيع رواتب الموظفين بداية الأسبوع المقبلة.
وقال العيساوي في حديث لـ (بغداد اليوم)، إن "الرواتب ستوزع حتى وأن تأخرت خلال الأسبوع الحالي لأن الحكومة ملزمة بتأمينها وتوزيعها على الموظفين"، مرجحا "إطلاق الصرف بداية الأسبوع المقبل".
وبين، أن "الحكومة تستطيع الاقتراض عبر إصدار اذونات الخزينة، وتوزيع الرواتب على جميع موظفي الدولة لحين تشريع قانون تمويل العجز المالي لموازنة 2020".
وأشار العيساوي إلى أن "الاستمرار في سياسة الاقتراض دون إيجاد حلول حقيقية، سيؤدي بنا إلى العجز عن حل مشكلة العام المقبل"، مبيناً أن "مؤسسات الدولة بإمكانها تقليل نفقاتها وزيادة الإيرادات لدعم خزينة الدولة".
حقوق الانسان: تكرار تأخير صرف الرواتب انتهاكاً صارخاً لحقوق المواطنين
من جانبها، عدت المفوضية العليا لحقوق الانسان، تكرار تأخير صرف رواتب الموظفين والاعانات الاجتماعية انتهاكاً صارخاً للحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين.
وادبت المفوضية في بيان "قلقها من مغبة فشل الحكومة في تأمين رواتب الموظفين واعانات الحماية الاجتماعية والرواتب التقاعدية للشهر الجاري والاشهر اللاحقة"، مطالبة الجهات ذات العلاقة الى "عدم تسييس هذا الملف كونه يمثل استحقاقا دستورياً وقانونياً للموظفين والمواطنين، وان تأخير صرف الرواتب او صرفها في غير الأوقات المحددة قانوناً يعد أنتهاكا صريحا للحقوق الأساسية التي لايمكن المساس بها".
واكدت المفوضية العليا؛ أن "تكرار تأخير صرف رواتب الموظفين في ظل أزمة صحية وأقتصادية ولعدة أشهر متتالية يهدد أمن المواطن المعيشي والأنساني، ويزعزع عرى المجتمع والأسرة، ويفاقم من حالات الانتحار والجرائم المجتمعية، وهو ما يحمل الحكومة المسؤولية القانونية لمخالفتها احكام الدستور العراقي في مواده ( 15، 29 / اولا" و 30/ اولا" )"، وفقا للبيان.
ودعت المفوضية الحكومة "لأحترام ألتزاماتها الوطنية وفقا للدستور النافذ وأحكامه، وتأكيد أحترامها للأتفاقيات والصكوك والمعاهدات الدولية الموقعة عليها وفي مقدمتها العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية والتي تلزم الدول الموقعة عليها ضمان حقوق مواطنيها المعيشية والمدنية".
علاوي يضع البرلمان امام خيار واحد والرئاسة تؤكد استعدادها لإقراره
وأكد وزير المالية، علي علاوي، أمس الأحد، أن رواتب الموظفين لشهر تشرين الأول ربما تدفع بعد أسبوعين في حال لم يمض قانون تمويل العجز المالي في مجلس النواب.
وقال علاوي في تصريح صحفي، إن "الأزمة المالية التي يمر بها البلد ليست وليدة اليوم، وفي حال صوت مجلس النواب على قانون تمويل العجز ستطلق الرواتب بشكل مباشر".
واضاف أن "تقليل حصة العراق من الصادرات النفطية أثر على الإيرادات"، مبينا أن "خيارات تعظيم الإيرادات بالسرعة وعلى المدى القصير من أجل سد العجز شبه مستحيلة".
وتابع علاوي أن "الحكومة الحالية واجهت الأزمة من دون سيولة مالية"، مشيرا إلى أن "رواتب الموظفين لشهر تشرين الأول ربما تدفع بعد أسبوعين في حال لم يمض قانون تمويل العجز".
وأوضح وزير المالية في حديثه عن الاقتراض الداخلي لتأمين النفقات أن "آلية تسديد الاقتراض الداخلي تتم من خلال الإيرادات المتحققة من النفط والفوائد المترتبة افتراضيا"، لافتا إلى أن "ديون العراق الخارجية تتراوح بين 60 إلى 70 مليار دولار، اما الديون الداخلية تقدر بـ 60 تريليون دينار".
وبين أن "هناك توجه بقوة لتفعيل جباية الكهرباء من خلال نصب العدادات الإلكترونية".
وأكد في الوقت ذاته إن "موازنة 2021 ستقدم خلال الشهر الجاري وتتضمن تنفيذ المرحلة الأولى من الورقة البيضاء".
واعلنت رئاسة مجلس النواب، استعدادها لتسهيل مهمة الحكومة في تأمين الرواتب.
وقال بيان لمكتب رئيس البرلمان، يوم أمس، ان "مجلس النواب مستعد لتسهيل مهمة الحكومة بما يؤمّن توفير السيولة المالية، ويسهم في تخطي الأزمة المالية والاقتصادية".