بغداد اليوم- متابعة
حذر تقرير لصحيفة نيويورك تايمز من تزايد خطوة تنظيم داعش في العراق، مع الزيادة الملحوظة في هجماته خلال الفترة الماضية رغم أنها أقل حجما مما كانت عليه قبل إعلان هزيمته، فيما كشف عن وجود خطط أمريكية لتقليل عدد قواتها في العراق الى 3 آلاف فقط.
وقالت الصحيفة في تقرير لها إن التنظيم شن مؤخرا هجمات صغيرة بأسلحة خفيفة وبتكلفة أقل من السابق، مشيرة إلى الهجوم الأخير على قرية مكشيفة في محافظة صلاح الدين الذي استخدمت فيه عناصره قذائف صاروخية ومدفع رشاش خفيف وبنادق كلاشنيكوف.
ولكن على الرغم من أن المعركة الأخيرة ضد داعش أدت إلى تدمير قيادته وسيطرته وخفضت بشدة هجماته في العراق وسوريا، بدأت هجمات التنظيم في "الارتداد" خلال العام الماضي وزادت بشكل مطرد منذ منتصف عام 2019، وفقا لبيانات جمعها مايكل نايتس وأليكس ألميدا من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ونقلتها صحيفة نينورك تايمز.
وقال نايتس للصحيفة، إنه "بالإضافة إلى الهجمات الصغيرة" التي يشنها التنظيم، فإنه "يحاول خلق معاقل ريفية".
وتشير التقارير الأخيرة إلى أن التنظيم كثف عملياته في المناطق الريفية بمناطق ديالى وصلاح الدين وشمال بغداد وكركوك ونينوى، وكانت الأهداف في البداية نقاط تفتيش الشرطة والفصائل في المناطق النائية واغتيال المسؤولين المحليين الذين رفضوا التعاون معه، لكن مع انشغال قوات الأمن العراقية بفرض الحظر خلال جائحة كوفيد-19، حصل التنظيم على قدر أكبر من الحرية لشن عملياته.
وفي شهر أبريل وحده، نفذ داعش، بحسب تقارير سابقة، 87 هجمة إرهابية في تلك المناطق، أسفرت عن مقتل 183 شخصا. وأكدت السلطات العراقية وقوع 23 هجمة منها في الأسبوع الأول من شهر أبريل وحده.
وأطلقت الحكومة العراقية حملة عسكرية واسعة ضد داعش بدعم من التحالف الدولي في كركوك والحدود الفاصلة بينها وبين محافظة صلاح الدين. وجاء ذلك بعد أن شهدت المنطقة تحركات مكثفة لعناصره، مستغلين الطبيعة الوعرة التي يصعب على القوات العراقية تأمينها بشكل كامل.
وقتل 19 عنصرا من تنظيم داعش خلال ضربات جوية نفذتها طائرات التحالف الدولي في العراق قبل أيام، أسفرت أيضا عن تدمير 46 كهفا شمال غربي كركوك.
عودة "هادئة" وتحديات عسكرية
تقرير نيويورك تايمز أشار إلى أن سبل التعامل مع العودة "الهادئة" للتنظيم وأشكال المساعدة الأميركية الممكنة ستكون محور النقاشات التي سيجريها المفاوضون الأميركيون والعراقيون الذين بدأوا حوارا استراتيجيا
وقالت الصحيفة إن تزايد نشاط داعش في الفترة الماضية يأتي وسط نقاش حول مصير القوات الأميركية في العراق، التي يبلغ عددها حاليا نحو 5200 جندي ويتولون مهام مكافحة الإرهاب وتدريب القوات العراقية
ورغم مساعي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإبقاء عدد معقول من القوات هناك لمنع عودة التنظيم ولتكون "حصنا" ضد ايران في العراق، إلا أن هناك "ضغوطا" على الجانبين العراقي والأميركي لخفض عدد هذه القوات، فالكونغرس زادت تساؤلاته حول هذا الأمر، والبنتاغون لا يريد إبقاء أكثر من الحد الأدنى الضروري بعد الهجمات التي تعرضت لها القوات الأميركية من قبل فصائل مدعومة من إيران.
ومنذ الهجوم الذي استهدف قوات أميركية في قاعدة عسكرية في مارس الماضي، وزع الجيش الأميركي قواته على عدد أقل من القواعد. وتم تعليق مهمة التدريب في الأشهر الماضية بسبب الجائحة.
وقالت الصحيفة إن مسؤولي البنتاغون يعتقدون أنهم قادرون على تنفيذ المهمة في العراق بأقل من نصف عدد القوة الحالية ولديهم بالفعل خطط لخفض عدد القوات لتكون بين 2500 إلى 3000
وفي الجانب العراقي، مرر مجلس النواب في يناير قانونا يقضي بانسحاب القوات الأميركية من البلاد، لكن الحكومة العراقية لم تنفذ القرار غير الملزم، ويشعر الجيش العراقي بالتردد إزاء مغادرة القوات الأميركية بالكامل.
وقالت إنه رغم أن المسؤولين العراقيين يقولون إن بإمكانهم القتال على الأرض بأنفسهم، فإنهم يؤكدون أيضا حاجتهم إلى المساعدة في عمليات الاستطلاع والدعم الجوي والتدريب.
الشيخ شعلان الكريم، العضو السابق البرلمان الذي ينتمي إلى قرية مكشيفة التي تعرضت لهجوم داعش قال لنيويورك تايمز إن "الحكومة العراقية لا يمكنها محاربة داعش وحدها".
وحذر من أن الأسر التي لها علاقات بداعش ومُنعت من العودة إلى مناطقها تدفع رشاوى للعودة إلى منازلها في المنطقة.
الصحيفة قالت إن هناك رغبة في الانتقام من قبل أقارب مقاتلي داعش في المناطق السنية الذين قتلوا أو سجنوا في المعارك ضد التنظيم، والعائلات السنية التي كانت تدعم داعش نسبيا يتم التعامل معها بريبة وتعاني من صعوبات في الحصول على وظائف وبعضهم يضطرون إلى العودة لصفوف داعش لأسباب مالية.
وأكد النائب العراقي السابق الذي حذر من خطر كل من داعش والميليشيات الشيعة على حد سواء أهمية الوجود الأميركي "ليس للمناطق السنية فقط ولكن للعراق بأكمله"، وفي "محافظة صلاح الدين نأمل في وجود أميركي اليوم، وليس غدا".
وكان تقرير سابق لموقع بيزنس إنسايدر قد حذر أيضا من عودة تنظيم داعش إلى العراق، وقال إن "الحكومة العراقية قد لا تستطيع التعامل معه".
وذكر مركز السياسة الدولية الأميركي أن نشاط داعش خاصة في المناطق الريفية خلال الشهور الأخيرة يشبه "حرب الاستنزاف التي يسعى التنظيم للبقاء من خلالها، وتبقي الفرصة أمام خلاياه النائمة لتستيقظ وتستهدف ما يعبر تلك المناطق من شاحنات تجارية ونفطية وقوافل أمنية ومجموعات سياحية تتنقل ما بين العراق وإيران".