بغداد اليوم- متالعة
طرح مظهر محمد صالح المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي الثلاثاء (21 نيسان 2020)، رؤية تحليلية لسبب انهيار أسواق النفط في القارة الأمريكية الشمالية.
وقال صالح في منشور على صفحته في "فيسبوك"، إن "السوق الامريكية في السنوات الاخيرة ادت دورا مزدوجاً بكونها سوق باعة oligopoly وسوق مشترين monosopeny في الوقت نفسه، لاسيما خلال السنوات العشر الماضية تدريجياً، اذ تستهلك الولايات المتحدة نحو 19 مليون برميل نفط يوميا لوحدها ويمثل هذا 19٪ من انتاج العالم وهي اكبر مستهلك للنفط في العالم".
واضاف أن "امريكا تعد من اكبر منتجي نفط العالم وبطاقة انتاجية تبلغ بنحو 13 مليون برميل سواء من النفط الصخري او التقليدي"، لافتا إلى أن "النفط الامريكي البالغ انتاجه 13 مليون برميل يومياً اسهم في تحول امريكا الى سوق مشترين صافية بالتوازي مع سوق باعة متمرد وهي المملكة السعودية التي قامت باغراق السوق بقرابة 12 مليون برميل يوميا، ودخل عالم النفط كله في حرب أسعار قاتلة ومن ثم اقلبت السوق النفطية الى الكساد حتى بلغت نقطة الانهيار".
وتابع صالح :"ادى توافر عرض نفطي فائض لدي المضاربين وهو بنحو 30 مليون برميل الى انهيار سوق النفط وهو ينسجم وتحول السوق الامريكية الى سوق مشترين في قيادة سوق النفط في العالم لتشكل حرب الاسعار انهيار قوة الأوبك كسوق بائعين وانتصار سوق المشترين بقيادة الولايات المتحدة ".
واشار إلى أن "هناك فرصتين للانتصار، الاولى، ان الطلب المنخفض على النفط العالمي والذي هو يقل بنسبة30٪ من المعروض حالياً، والثاني وجود فائض اضافي قدرة 300 مليون برميل في سوق المستقبليات، اذ شكلت هذه السوق المعسكر النفطي الرمزي المتقدم او الامامي الذي قاد انهيارات الليلة الماضية عبر انقلاب سوق المستقبليات النفطية، اذ تحول جميع المضاربين مرة واحدة الى المركز القصير short position اي البيع حالاً للعقود الاجلة بامل الشراء الارخص للعقود نفسها، ولكن عند نقطة منخفضة دون نقطة التعادل الاقل في العالم ما ادت الى انهيار السوق النفطية بالكامل، فالمشتري النهائي للفائض المعروض هو سوق الولايات المتحدة التي استولت على عقود النفط المستقبلية المنهارة وتحويلها الى سوق فوري".
واردف المستشار الاقتصادي أن "الشركات المضاربة للنفط في الولايات المتحدة هي من تمتلك القدرة على تسلم المعروض الفائض وتصفية عقوده ازاء سعات تخزينية هي الاكبر في العالم ليتحول السوق مستقبلا الى المراكز الطويلة long position بعد نقطة الذوبان تلك او نقطة الانهيار آنفاً ".
واختتم قائلا، إنها "فرصة الرابح الاخير الذي حصد خسارات العالم النفطية اجمع، فالرابح هو المضاربين من بحوزتهم مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة الامريكية وعلى وفق استراتيجية ستبقى سوق النفط هناك سوق مشترين الى الابد".
وكانت العقود الآجلة للخام الأمريكي خلال تعاملات، قد هوت أمس الاثنين، إلى ما دون الصفر، مسجلة أدنى مستوى لها في التاريخ.
وذكرت وكالة "بلومبرغ" أنه تم تداول العقود الآجلة لخام "غرب تكساس الوسيط"، بحلول الساعة 21:55 بتوقيت موسكو، عند مستوى -37.63 دولار للبرميل (مستوى سالب)، بانخفاض نسبته 305.97%.
وعزا الخبراء تداول عقود الخام الأمريكي تسليم مايو عند مستويات سلبية، لعدة أسباب منها الفنية، إذ أن عقود النفط التي هبطت تنتهي صلاحيتها اليوم الثلاثاء (21 أبريل 2020) لذلك من يملك العقد يجب أن يستلم كميات النفط المنصوصة فيه، ومع امتلاء مستودعات التخزين في الولايات المتحدة بدأ التجار في التخلص من هذه العقود، إذ أن من سيستلم لن يجد مكان للتخزين ولو وجد المكان، فإن تكلفة التخزين ستكون مرتفعة للغاية.
ويأتي الانهيار في أسواق النفط وسط حالة من الركود الاقتصادي بسبب تداعيات انتشار فيروس كورونا، والإجراءات التي تم اتخاذها لمكافحته.
ويحذر صندوق النقد الدولي من أن دخول اقتصادات العالم في دوامة من الهبوط سيكون الأعمق منذ الكساد العظيم في الثلاثينيات من القرن الماضي.