بغداد اليوم- بغداد
لازال فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، يشكل ازمة حقيقة في العراق الذي يعاني من تدهور كبير في المؤسسات الصحية والحكومية، خصوصا بعد تصنيف المرض الخطير من قبل منظمة الصحة العالمية الفيروس على انه (وباء عالمي)، ليضع البلد امام تحد كبير على المستوى الأمني والصحي والمجتمعي لمواجهة هذا الفيروس الخطير، فيما تسنى لوكالة (بغداد اليوم)، التواصل مع مصابين تماثلوا للشفاء واخرين مروا بتجربة قاسية بسبب الاشتباه بهم.
ففي محافظة ذي قار، الواقعة جنوب البلاد، تتخذ السلطات هناك إجراءات صارمة للحيلولة دون انتشار (كورونا)، ليتحدث مدير عام صحة ذي قار الدكتور عبد الحسين الجابري لـ(بغداد اليوم)، عما يواجه الكوادر الطبية بالمحافظة قائلاً: "هنالك عدة اجراءات تتخذ لغرض ضمان عدم نقل عدوى (فيروس كورونا)، للكوادر الصحية والطبية الملامسة للمرضى المصابين بالفيروس، من بينها لبس بدلات خاصة وكذلك كمامات توضع على الانف والفم وهي الاهم كون الفايروس ينتقل بالرذاذ ويضاف لذلك لبس نظارات لتغطية العيون ايضاً".
وعن تلك المخاوف، روى الجابري ما حدث في احدى مستشفيات المحافظة قائلاً: "بمستشفى الحسين العام، حصل ان شخصاً اخفى اصابته بفيروس (كورونا)، كما انه لم يخبر الكوادر الصحية انه في رحلة الى إيران".
وتابع "وبعد فترة من رقوده في المستشفى بانتظار نتيجة عينات التحليل التي أرسلت الى بغداد، اثبت التحليل اصابته بـ(كورونا)، عندها اتخذت دائرة الصحة اجراءات فورية وقائية للكوادر الصحية التي كانت ملامسة له، ولكون هذه الكوادر التزمت مسبقا بلبس البدلات والكمامات، وحين ارسلت عينات للفحص للتأكد من سلامتهم، اثبتت النتائج عدم اصابة اي شخص منهم بكورونا".
واضاف "وكأجراء وقائي تم منحهم وحسب التعليمات الصادرة من خلية الازمة اجازة لمدة 14 يوما مع استمرار مراقبتهم واجراء فحوصات مستمرة لهم لحين انتهاء الفترة المحددة".
واردف الدكتور الجابري، "كما وان ابن المصاب الذي كان يرافقه في إيران وكذلك في العراق، اثبتت التحليلات التي وصلت نتائجها اليوم انه غير مصاب بالفيروس".
وعن الأماكن التي تم تخصيصها للحجر الصحي، بين مدير عام صحة ذي قار، "في المحافظة توجد ثلاثة اماكن خصصت للحجر (في مستشفى الحسين ومستشفى الحروق السابق، ومستشفى ميداني اضافة لمراكز للحجر في اقضية المحافظة)".
وفيما يخص الإجراءات التي ترافق المشتبه بإصابتهم، قال الجابري، ان "أي حالة مشتبه بإصابتها بالفيروس تجرى لها اول مرة تحليل، ان اثبتت اصابته يعلن حينها تسجيل إصابة، واذا حصل ان النتيجة اثبتت عدم اصابته حينها تتخذ اجراءات بسيطة وقائية".
وتابع ان "هناك تحليلان لبيان مدى تماثل المصاب للشفاء من الفيروس".
اما في كركوك، احدى المحافظات الشمالية، فقد تم تسجيل شفاء ثلاث حالات من فيروس (كورونا)، بينهم طفل، فيما تحدث أحد الذين تماثلوا للشفاء لـ(بغداد اليوم) ورفض الكشف عن اسمه، عن رحلته مع المرض قائلاً: "كنت في رحلة علاج في العاصمة الايرانية طهران بخصوص مراجعة لأمراض القلب وحتى عودتي للمحافظة، لم اشعر باي اعراض للإصابة بفيروس كورونا".
وأضاف "بعد أكثر من 5 ايام عانيت من ارتفاع في درجة الحرارة دفعني لمراجعة أحد المستشفيات لأجراء عدد من الفحوصات".
وقال "وبعد المراجعة ابلغت من الكادر الصحي بان لدي اعراض الاصابة بـ(كورونا)، فيما تم اخذ عينة مني ارسلت للمختبرات الخاصة في بغداد للتأكد من النتيجة، ليتم حجري في مركز الحجر المخصص خارج المدينة (في المنطقة الصناعية)".
وأضاف انه "بعد 24 ساعة جاءت النتيجة (إيجابية) الامر الذي يعني إصابتي بالفيروس المذكور".
وعن تفاصيل الحجر الذي تعرض له، كشف قائلاً "في الحقيقة كان الحجر قاس في البداية وحتى طريقة التعامل معي من قبل بعض الكوادر الطبية لم تكن جيدة، ولكن بعد ايام ومناشدات قامت بها عائلتي تحسنت طريقة التعامل معي".
وتابع ان "الجهات الصحية لم تعلن عن تسجيل الاصابة الا بعد مرور اسبوع على حجرنا، حيث أعلن عن شفائنا بعد اسبوع من اعلان تسجيل الاصابة والحقيقة ان مدة الحجر كانت 14 يوم".
وبين "بتلك الفترة أجريت ثلاثة تحاليل مختبرية، الاول اثبت اصابتي والثاني أكد تحسن حالتي، والثالث اثبت تخلص جسمي من الفيروس وشفائي تماماً".
وأردف "بعد مدة الحجر ابلغتني الجهات الصحية، باني مشافى من الفيروس، ويمكن لي ممارسة حياتي الطبيعية"، مبينا "احاول ان لا اختلط بالناس ولو لهذه الفترة مع اتخاذ بعض الاجراءات الوقاية".
وفي قصة مثيرة أخرى، تعرض لها أحد أبناء محافظات الفرات الأوسط (محافظة الديوانية)، ويدعى منتظر الحجيمي، حيث روى الأخير لـ(بغداد اليوم)، انه "واثناء تواجده في العاصمة بغداد لغرض العمل ظهرت عليه اعراض ارتفاع درجات الحرارة"، فيما بين انه "يعاني أساسا من التهابات مزمنة في القصبات".
وبعد تدهور حالته الصحية وعدم قدرته على العمل، قال منتظر، ان زملائه في العمل "ابلغوه بضرورة الذهاب الى المستشفى واجراء الفحوصات الطبية اللازمة، خشية من تعرضه للإصابة بفيروس (كورونا)".
وروى قائلاً: "في اليوم التالي توجهت لمدينة الطب الواقعة وسط بغداد، وبقيت لساعات طويلة، دون ان يقبل أي أحد اجراء فحوصات لي"، متابعاً بالقول "الكوادر الصحية تحججت بانه يجب ان يتم فحصي في مستشفى الفرات، الواقعة في جانب الكرخ كوني اتيت من منطقة المنصور".
وبين "بعدها قررت العودة الى محافظة الديوانية، وكان مهندس العمل الخاص بي، على تواصل دائم معي طوال الطريق"، ماضيا بالقول "عند وصولي لمدينة الديوانية وتحديدا (سيطرة التسفيرات) تفاجأت بسيطرة امنية، تعرفت علي من خلال هويتي، وقد تعاملوا معي بطريقة قاسية وكأني احد الإرهابيين، فقد قيدت يداي وتركت في الارض اكثر من 40 دقيقة".
وزاد "في ذلك الوقت كانت حراراتي مرتفعة جدا، والجو بارد، وجسمي منهك"، مضيفا "بعد هذا الوقت وصلت سيارة الاسعاف لكن الغريب لم انقل بالإسعاف وانما نقلت بسيارتي ورافقني احد اعضاء سيارة الإسعاف".
وتابع منتظر الحجيمي، "حين وصولي للمستشفى امتعض الكادر الصحي المتواجد هناك، من التعامل الغريب معي من قبل الشرطة"، مشيرا الى ان "احد افراد الكوادر الطبية قال لافراد الامن ان كان هذا الشخص مريض فهل يتم التعامل معه بهذه الطريقة؟".
وزاد "ليجيبه احد افراد الشرطة بأني مصاب بـ(كورونا) هارب من مدينة الطب"، مؤكدا ان "هذا الإدعاء باطل فمدينة الطب رفضت حتى اجراء تحليل او فحوصات لي".
وأضاف ان "افراد الامن سلموه مقيد اليدين الى الكادر الطبي، وهم من قاموا بفك قيده".
ويستمر منتظر بسرد ما حصل له، قائلاً: "تم تحويلي الى الحجر الصحي، وبقيت يومين دون اي تحليل، بعد ذلك اخذت مني مسحات من اللعاب والانف".
وقال "وجاءت النتيجة بعد 24 ساعة من المختبر المركزي في بغداد، التي اكدت عدم اصابتي بعد ان قضيت اربعة ايام في عرفة الحجر الصحي".
واستطرد بالقول، "بعد اعلان عدم إصابتي بـ(كورونا)، طلب مني الطبيب المشرف على علاجي، ان احلق (لحيتي وشاربي)، وفعلت ذلك عبر بث مباشر لاوصل رسالة للناس بضرورة اتباع الارشادات الصحية والاهتمام بالصحة النفسية والشخصية والنظافة دون خجل او تردد، كما اوصاني الطبيب بعدم المخالطة لمدة معينة وفعلت ذلك".
ورغم حصول منتظر الحجيمي عامل الديكورات في بغداد، على كتاب يثبت سلامته من الإصابة بفيروس (كورونا)، الا زملاء عمله طالبوه بعدم الاختلاط معهم خوفاً من (كورونا).
وفي نهاية حواره مع (بغداد اليوم)، وجه الحجيمي، رسالة الى من كل من يقرأ ما حدث له، ان "لا يعامل المرضى والمشبته بهم، على انهم (عالة)، لان ذلك الامر يحطم من تماسكت معنوياته، ويزيد من سوء حالته، حيث نقل قول الأطباء له بان المعنويات والحالة النفسية الجيدة هي من اهم عوامل الشفاء من أي مرض".