بغداد اليوم- خاص
استيقظ العراق والعالم، الاثنين (09 آذار 2020)، على كارثة حقيقية، تنذر بتهديد اقتصادات دول العالم، وخصوصاً التي تعتمد على بيع النفط، في موازناتها السنوية، والأمور المالية للحكومات، بعد الهبوط الحاد الذي سجلته أسعار النفط صباح اليوم، حيث وصل سعر البرميل الواحد، 33 - 35 دولاراً.
ويعتمد العراق منذ عدة سنوات، اعتماداً كلياً على النفط في تسيير الميزانية العامة للبلاد وما يترتب عليها من رواتب الموظفين والصرفيات الحكومية وإقامة المشاريع والدرجات الوظيفية، حيث تغيب الصناعة المحلية، والزراعة منذ ما يقارب الـ 15 عاماً.
وبحسب مختصين واقتصاديين تحدثوا لـ (بغداد اليوم)، فإن "انخفاض أسعار النفط يهدد بعدم قدرة الحكومة على دفع رواتب الموظفين، وعدم السيطرة على أسعار السلع والبضائع، وتفشي السوق السوداء".
أسباب انخفاض أسعار النفط العالمية
الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، كشف في حديث لـ (بغداد اليوم)، عن اسباب انخفاض اسعار النفط الى 30 دولاراً، وتأثر العراق ورواتب الموظفين ونسبة العجز الكبيرة التي ستطال الموازنة.
وقال الخبير، إن "انخفاض اسعار النفط جزء من الحرب النفطية بين الدول المنتجة، خاصة بعد رفض روسيا تخفيض الأسعار وخروجها من اتفاق (أوبك)، حيث أدى ذلك إلى الهبوط الحاد بأسعار النفط"، مبيناً أن "الأمر الذي عمق الأزمة، هو اعلان السعودية ودول أخرى العمل على زيادة الانتاج من أجل تعويض الفرق".
تأثر العراق بالهبوط الحاد لأسعار النفط وارتفاع العجز
الخبير الاقتصادي، عبد الرحمن المشهداني، أشار إلى أن "العراق سيبيع النفط بحدود الـ 29 دولاراً أو اقل من ذلك، فيما سيكون العام الحالي، ثقيلاً على الاقتصاد العراقي، إذ أن انخفاض النفط دولار واحد سيؤدي إلى خسارة العراق مليار وربع المليار دولار سنوياً"، لافتاً إلى أن "العراق يبيع حالياً برميل النفط بسعر الـ 23 دولاراً، فيما تم إقراره في الموزانة بسعر الـ 56 دولاراً، ما يظهر فرقاً بحدود الـ 30 دولاراً".
المشهداني، أكد أن "ما تقدم سيؤدي إلى خسارة العراق 55 ترليون دولار تقريباً، عدا العجز الأساسي الذي تضمنته الموازنة التي لم تقر إلى الآن، والذي يقدر عجزها بـ 50 ترليون دولار، حيث سيصبح العجز النهائي بحدود الـ 100 ترليون".
وتابع الخبير الاقتصادي، أنه "على الحكومة إعادة بناء موازنة تقشفية جديدة، ضمن الموارد والامكانيات المتاحة التي يتملكها العراق، والعمل بالتوقعات في استمرار الحرب النفطية التي تنتهجها، بعض الدول، وسط انهيار الاقتاصد العالمي، الذي يمر بأزمة كبيرة، نتيجة انتشار فايروس كورونا، في أكثر من 90 دولة".
وبين، أن "الحكومة العراقية، ستواجه مشكلات كبيرة، في توفير متطلبات العجز، بسبب عدم وجود إمكانية للاقتراض الداخلي، بسبب عدم استطاعة البنك المركزي، خرق القانون مرة أخرى، في إقراض الحكومة"، متسائلاً، أن "المركزي هل يمتلك قدرة على توفير القروض للحكومة، والمصارف التجارية، حيث أن الحكومات السابقة، لديها قروض تصل إلى 15 ترليون دينار"، مشيراً إلى أن "الاقتراض الخارجي سيكون صعباً على العراق، بعد أن أصدر البرلمان قراراً بمنع الحكومة من الاقتراض، بالإضافة إلى أن الكثير من الدول ستحاول الاقتراض خارجياً".
هل تكفي واردات النفط بسد احتياجات العراق المالية في حال استمرار هبوط النفط ؟
خبير اقتصادي واستاذ في جامعة البصرة، تحدث لـ (بغداد اليوم)، عن الهبوط الحاد الذي ضرب أسعار النفط العالمية، مؤكداً أن واردات النفط لا تكفي لسد حاجة رواتب الموظفين.
وأكد الخبير نبيل الموسوي، أن "عائدات العراق المالية من النفط ستنخفض من 78 مليار الى 40 مليون دولار وهي لن تكفي لتغطية الرواتب"، مبيناً أن "ما يحصل هو مأزق مالي يعود سببه الى السياسات الاقتصادية التي مارستها الحكومات المتعاقبة على ادارة العراق".
كارثة مالية واقتصادية بانتظار العراق
العضو بالمالية النيابية، جمال كوجر، قال لـ (بغداد اليوم)، إن العراق مقبل على كارثة مالية واقتصادية، في حال استمرار هبوط أسعار النفط، والذي سجل اليوم انخفاضاً حاداً بأسعاره.
وذكر أن "المواطنين في العراق وإقليم كردستان سيدفعون ثمن هذه الكارثة، لأن الحكومة تعتمد بدرجة كبيرة على النفط، وهي تحتاج لجلسة مكاشفة لتطمين الناس بعد انتشار الذعر والخوف في صفوفهم".
وأضاف، أن "هبوط دولار واحد في سعر برميل النفط يعني خسارة العراق قرابة المليار ونصف المليار دينار"، مشيراً إلى أن "الأمل الوحيد لعدم وقوعنا بأزمة اقتصادية حادة أكبر من التي مررنا بها عام 2016، هي اختفاء فايروس كورونا وعودة اسعار النفط لطبيعتها".
وأكد، أن "الحكومة عليها القيام بمجموعة من الخطوات، واهمها تقليل النفقات في الوزارات والحكومات المحلية، وضرب الفاسدين بيد من حديد، وهذه فرصة تاريخية لأن الشعب سيقف معها وكذلك مصارحة الشعب بالحقيقة، لأنه لا يمكن بهذه الظروف المصادقة على التعيينات وزيادة الرواتب وغيرها، وكذلك الإسراع بتشكيل الحكومة الجديدة أو إعادة تكليف رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي".
وشهدت أسعار النفط، فجر الإثنين (09 آذار 2020) هبوطاً حاداً تجاوز الـ 20% من أسعار السائل ليوم أمس، بعد أن قررت السعودية تخفيض السعر، إثر فشل محادثاتها لخفض الانتاج مع روسيا.
وبلغ الهبوط الحاد، لأسعار العقود الآجلة للنفط أكثر من 20 في المئة، إلى أدنى مستوى لها منذ 2016، أمس الأحد، بعد أن خفضت السعودية السعر الرسمي لبيع نفطها الخام، فيما يشير إلى بداية حرب أسعار، عقب إخفاق محادثات أوبك مع روسيا في التوصل لاتفاق بشأن خفض الإنتاج.
وكانت روسيا قد رفضت، الجمعة، اقتراح أوبك إجراء تخفيضات كبيرة في الإنتاج من أجل استقرار الأسعار التي تضررت من التبعات الاقتصادية لفيروس كورونا.
وردت أوبك بإلغاء القيود المفروضة على إنتاجها من النفط.
وهبطت الأسعار الآجلة لخام برنت القياسي 9.57 دولار أو 21.1 في المئة إلى 35.70 دولار للبرميل بحلول الساعة 2216 بتوقيت غرينتش في حين تراجع سعر الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط 8.62 دولار أو 20.9 في المئة إلى 32.66 دولار.
وفي واحدة من أكثر عمليات البيع دراماتيكية على الإطلاق، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت بنسبة 31 في المئة في غضون ثوانٍ لدى افتتاح التداول في آسيا، الإثنين، بعدما عانت أسعار النفط بالفعل من أكبر خسائرها منذ الأزمة المالية العالمية في نهاية الأسبوع الماضي، بحسب ما أوردت وكالة بلومبرغ الأميركية.
وكانت السعودية قد خفضت، في ساعة متأخرة من مساء السبت، سعر البيع الرسمي لشحنات أبريل من جميع خاماتها إلى شتى الوجهات.
وتعتزم الرياض زيادة إنتاجها في الشهر ذاته إلى أكثر من عشرة ملايين برميل يوميا للمرة الأولى منذ مايو 2019.